ثلاثُ روايات تمُسُّ عِرضَ الرسول الأكرم وتقل أدبَها مع قَــدْره ومنزلته..بقلم/ صالح مقبل فارع
سأعطيكم اليوم ثلاثَ روايات ممجوجة أوردها البخاريُّ في صحيحه أساءت الأدبَ لرسول الله ولأهله وفيها إخلال بعظمته وقدره وجلاله -صلى الله عليه وآله وسلم-، فهي تتحدث عن أن أهله ليس فيهم تربية ويفعلون حركات لا تفعلها نساؤنا لنا، يمتدون فوق سجادته وهو يصلي ويعترضون وعليه حال صلاته كاعتراض الجنازة وينامون في موضع سجوده وهو يصلي، كما أنها تتحدث عن أن النبي لم يخشع في صلاته فيغمز حال صلاته ويسكت ولا ينهر أَو يأمر وغير ذلك، فإلى هذه الروايات الثلاث.
◾️ الروايات الثلاث:
قال البخاري في صحيحه، برقم (382) ما لفظه:
عن عائشة قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني، فقبضت رِجْلَيّ، فإذا قام بسطتهما.
وفي حديث رقم (383) ما لفظه: وعن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي، وهي بينه وبين القبلة، على فراش أهله، اعتراض الجنازة.
وفي حديث رقم (512) ما لفظه: عن عائشة، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه.
◾️ التعليق:
هذه الروايات فيها إخلالٌ بالأدب مع رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وأهله، وقلة الأدب مع رسول الله معصية لا تُغتفر وجريمة كبيرة تحبط أعمال المسلم وتجعل عمله الصالح هباء منثوراً، وأنتم قد قرأتم أول سورة الحجرات التي تكلمت عن عدم رفع الصوت عند رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- تأدباً معه واحتراماً وإجلالاً لشخصه الكريم، وجعل الله عقوبة مَن رفع صوته هو إحباط عمله، وذلك في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون).
هذه العقوبة الكبيرة “إحباط الأعمال” هي في رفع الصوت فقط، فما بالك بمن يسيء أدبه برسول الله وأهله ويروي مثل هذه الخزعبلات والروايات التي تمس عرض الرسول وتجعل أسرار بيته على المحك، وتجعل زوجته رضي الله عنها غير مبالية بالصلاة والسجود، وغير محترمة لرسول الله ولمقام رسول الله وغير مستحية منه كأنها في وادٍ والرسول في وادٍ آخر، بل إنها تلهو تلعب وتنام في مكان صلاته وفوق سجادته أثناء صلاته، فتقبض أرجلها فوق سجادته وتبسطها، وتنام فوقها، وتعترض الرسول اعتراض الجنازة يعني بالعرض، وكأن بطنها وسرتها أمام رسول الله وفي موضع سجوده فبدلا من أن ينظر إلى موضع سجوده سينظر إليها، وغيرها من الحركات البهلوانية لا يفعلها الطفل أمام أمه، وهذه فرية افتروها في عائشة، فليست من أخلاقها أن تفعل هذا، ولا من أخلاقها أن تترك العبادة مع رسول الله، بل كانت تقوم وتصلي وتسجد معه خلافاً لما في الرواية الخرقاء، فهي زوج الرسول وأم المؤمنين رضي الله عنها.
كما أن الرواية أَيْـضاً تجعل الرسول غير نزيه في أماكن صلواته وغير مستشعر للمسئولية تجاه أهله بأن تركهم يفعلون ما يريدون، يمتدون فوق سجادة صلاته ويلهون ويلعبون وهو يصلي، بل يغمز لها بعينه وهو في صلاته، والغمزة هذه يعني أنه غير خاشع وغير مُرَكِّز في صلاته بل مُرَكِّز لعائشة وحركاتها البهلوانية، فالغمزة تخرجه من طور الخشوع إلى طور اللاخشوع، وحاشا وكلا أن يفعل الرسول ذلك.
ثم إن الروايات السابقة تجعل الرسول أَيْـضاً غير حريص على أهله، فلم ينهرهم أَو ينهاهم عن أفعالهم تلك أَو يأمرهم ويقول لهم قوموا صلوا معي، بل تركهم على حالهم وكأن حالهم يعجبه.
هذه من أكبر الإساءَات لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهي أكبر من رفع الصوت، فإذا كان رفع الصوت جريمة فهذه جريمة أعظم من تلك.
وقاتلك الله يا بخاري عندما لوَّثت كتابك بهذه الروايات الضعيفة والمكذوبة على رسول الله، الله أعلم أين كان حسّك عندما سمعتها ونقلتها وحفظتها ووثقتها وكتبتها ثم رويتها؟
فلم تكفِ بها أنت بعدك بل أصبحت شِرعة ومنهاجاً لمن أتى بعدك، فقد انتشرت انتشار النار في الهشيم، ورواها بعدك المئات، وحفظها عن ظهر قلب الآلاف، ودرَّسها عشرات الآلاف، ودرَسها مئات الآلاف، وصدّقها الملايين، وأنت وحدك أنت السبب في كُـلّ هذا، ألا خجلتِ عندما رويتها وسكتَّ، ألا تعلم بأنك ستسبب المصائب لملايين البشر الذين أتوا بعدك؛ بسَببِك.
حسبي الله ونعم الوكيل، وصلاتي وسلامي على حبيبي وقُرَّة عيني رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين.