مدوَّنةُ السلوك بدايةُ النهضة..بقلم/ احترام المُشرّف
مدونة السلوك الوظيفي تعد دستوراً شاملاً وكافياً ووافياً وفيه كُـلّ ما يلزم لبناء دولة قائمة بحقوق مواطنيها وحكومة قوية في أركانها أطلعت عليها باهتمام شديد فلم أجد فيها ما يؤخذ فليست فيها أية أنواع الطائفية أَو العصبية لجهة أَو مذهب أَو تسيّس ولم تلزم أحداً بشيء خارج عن التزاماته الوظيفية بما يرضي الله ويحقّق المصلحة العامة.
إلى هنا وكل ما ذكرناه جميل عن هذه المدونة، والآن لنتحدث عن غير الجميل ليس في المدونة بل بمن أوكلت إليهم تطبيق هذه المدونة ومن سيلتزم فعلاً بتطبيقها والعمل بما جاء فيها ولن أبالغ إن قلت أَو حتى بقراءتها كاملة، نعم إذَا أردنا الحقيقة وأن نكون ممن يريد فعلاً العمل بما جاء في هذه المدونة علينا ألا نكون فقط مطبلين لها مشيدين بها بل علينا الاعتراف بأن هناك ولن أقول الجميع لنستثني أصحاب الضمائر الحية والذين هم فعلاً يعملون بها قبل ما تفرض عليهم؛ لأَنَّهم على معرفة بأن الرقيب والحسيب هو الله جل شأنه.
أما من غلبت عليهم شقوتهم وران على قلوبهم فلن تنال منهم هذه المدونة سوى التوقيع على الالتزام بما جاء فيها وهم لم ولن يطلعوا عليها أَو يعملوا بها، وهذه هي الحقيقة دون إطراء أَو مجاملة، أما إذَا أردنا فعلاً تطبيقها على أرض الواقع فهناك طرُقٌ قد تساعد ولو على الأمد البعيد في تحقيق ما نتمناه جميعاً من العمل بما جاء فيها من ضوابط وإرشادات، نقول على سبيل ما رأيناه أن يكون البدء في تطبيق هذه المدونة بداية من الصف الأول من التسلسل الوظيفي والحكومي يعني نبدأ من أعلى الهرم نزولاً إلى أسفله بحيث يكون هناك قُدوة وقاعدة إن أول من بدأ بها هم علية القوم كما يقال.
فيرى الموظف البسيط أن عليه القيام بما رأى رئيسه المباشر ورئيس رئيسه ملتزماً بها معاقباً على الإفراط أَو التفريط بما جاء فيها، وبالتالي وجد القُدوة والنموذج وهذا يشمل كُـلّ مفاصل الدولة بلا استثناء رئاسة الوزراء، السلك القضائي، الجهات العسكرية مهما كان مستواها، يعني بالمختصر من هناك تبدأ المدونة حتى تصل تدريجيًّا إلى الجميع، والمتابعة الحثيثة لسريان المدونة والعمل بها.
أيضاً علينا أن لا ننسى أنه وفي عدم وجود المرتبات فليس هناك حافز غير الحافز الإيمَــاني وهو مع الأسف قليل وضعيف في غياب الحافز المادي فلن تأمرني بكل ما أردت وأنت لم تحقّق لي أدنى ما طلبت وهو الراتب الذي هو قوتي وقوت أطفالي وكما يقال إذَا أردت أن تُطاع فأمر بما يستطاع، فالسواد الأعظم سيكون رده وأين المقابل لما سألتزم به، وهذا حق من حقوقه.
هذا ما أردنا طرحه وليس في ذلك تثبيط للهمم بل لكي نمشي ونحن على دراية بأنه مشروع جِـدًّا رائع وسينقل الأُمَّــة نقلةً كبيرة في معرفة واستشعار قاعدة كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، المدونة مهمة وجيدة والخلل ليس فيها، الخلل يكمن بأن الدولة قد عاث فيها النظام السابق بكل أنواع الفساد وما صنعته عقود من الزمن لن تصلحه في أَيَّـام أَو شهور الأمر يحتاج سنوات من العمل والجدية والرقابة والمحاسبة للفاسدين فقد بلغ السيل الزبي، (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَو أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) من سورة البقرة- آية (286).