أمريكا وسياسةُ حروب الوكالة وبقاء الهيمنة..بقلم/ محمد أحمد البخيتي
قد يستغرب البعض ظهور الولايات المتحدة وبريطانيا خلال الأشهر الأخيرة للواجهة جنوب اليمن لكن عند مراجعة الأحداث ومحاولة ربطها ببعضها البعض ستتضح الحقيقة للعيان وسيعرف الجميع بأن كُـلّ الصراعات والحروب التي شهدتها معظم الدول العربية خُصُوصاً تلك الدول التي كانت الولايات المتحدة الأمريكية تعلم بأن وعي شعوبها سيسبب لها المشاكل ويقف عائقاً أمام تنفيذ استراتيجيتها الهادفة للسيطرة الكاملة على ثروات المنطقة وممراتها البحرية الهامة وضمان حصولها على مصادر الطاقة الكافية كبديل للنفط والغاز الروسي حال مواجهتها للقوى الدولية الصاعدة والمناهضة لها كروسيا والصين؛ بهَدفِ بقاء الهيمنة الأمريكية حاكماً للعالم ومتحكماً بمصير شعوبه.
ولو تأملنا الأحداث ما بين الماضي والحاضر ومنذ عقود من الزمن سنكتشف أن السياسة الأمريكية لم تتغير وإن تغيرت تصريحات رؤسائها فالمنهجية واحدة والأهداف واحدة ولا فرق بين جمهوريين أَو ديموقراطيين فاستراتيجية السلطة العميقة للولايات المتحدة هي الحاكم الفعلي والمتحكم بالسياسة الأمريكية وفق مخطّطات مسبقة وخطط مدروسة وضعت؛ بهَدفِ بقاء الهيمنة الأمريكية.
وستؤكّـد لنا الأحداث أن الولايات المتحدة الأمريكية تنظر إلى حلفائها كأدوات تستخدمها لحماية مشاريعها وتنفيذ أجندتها ومواجهة الدول المناهضة لها وأن تحالفاتها ليست على أَسَاس الحلف الواحد والعلاقات الاقتصادية والمصلحة المشتركة.
ففي عام 1980م استخدمت الولايات المتحدة صدام كوكيل للحرب الأمريكية ضد الثورة الإيرانية ثم استخدمته كذريعة للحرب على العراق.
وفي باكستان وكما صرحت هيلاري كلينتون بأن أمريكا استخدمت السعوديّة والوهَّـابية في حربها ضد الاتّحاد السوفيتي في باكستان؛ بهَدفِ القضاء عليه وضمان السيطرة الأمريكية الشاملة على الشرق الأوسط ثم استخدمت بعدها نفس الأدوات الوهَّـابية المتطرفة كذريعة للحرب الأمريكية ضد أفغانستان كما استخدمت نفس الأدوات الوهَّـابية المتطرفة (داعش) باسمها الحديث لضمان بقائها في العراق واستخدمتها مع حلفائها ووكلاء حربها في المنطقة كالإمارات والسعوديّة وَتركيا كوكلاء للحرب الأمريكية للقضاء على حكم الأسد وأدوات أمريكية للسيطرة على الثروات النفطية السورية رغم شحتها.
وأنها وكما استخدمت سابقًا النظام السعوديّ والوهَّـابية للحرب ضد الاتّحاد السوفيتي تستخدم أوكرانيا كوكيل لحرب أمريكية ضد روسيا وتسعى جاهدةً إلى استخدام تايوان كوكيل حرب أمريكية ضد الصين لإغراقها في حرب تديرها أمريكا من خلف الستار لتحد من النهضة الصينية المناهضة لها بحرب ضد أطرافها كما فعلت مع الاتّحاد السوفيتي سابقًا وكما تعمله مع روسيا حالياً.
لذلك لا غرابة في أن تظهر النشاطات الأمريكية والبريطانية للواجهة في محافظات جنوب اليمن بما فيها حضرموت وشبوة والمهرة فالحرب على اليمن حرب أمريكية بامتيَاز وليست كما روج له القطيع وصدّقه البسطاء بأنه تحالف عربي لإعادة الشرعية التي كانت ناتجة عن استفتاء مشروخ لم يبلغ نصابه وانتهت بانتهاء مدتها.
لكن وَرغم شرعية الشعب الثائر في21سبتمبر 2014م التي منحها لقائد الثورة إلا أنه لم يتم إقصاء الأطراف التي كانت تمثل الحكم والتي ثار الشعب ضدها بل تم احتواء كافة الأطراف السياسية اليمنية؛ بهَدفِ عرقلة المساعي الخارجية، وتم تشكيل حكومة شراكة وطنية واستمر الوضع على حالة حتى استقالة عبدربه منصور هادي صاحب الشرعية المنقوصة والتي انتهت بانتهاء مدتها وانتهت مرة أُخرى باستقالته وَأثبتت الأحداث أنه لا شرعية له وأنه لم يكن إلا ذريعة للحرب، إذ أقصي تماماً من المشهد السياسي كتأكيد بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي تدير ملف الحرب على اليمن ومن أجهضت عملية الحوار وعرقلت كُـلّ الحلول السياسية بين الأطراف السياسية اليمنية ومن عملت على اختلاق الأزمة وأعلنت الحرب من واشنطن وأنها من تثير الفوضى وتدعم الصراعات وتغذي الانقسامات وتسعى إلى ترسيخ المناطقية والاقتتال بين أبناء المحافظات الجنوبية بمسميات حزبية ومناطقية وبأساليب قذرة وذلك لتعزيز تواجدها في جنوب اليمن وضمان سيطرتها واستمرار نهبها للثروات وما دول التحالف وعلى رأسها السعوديّة والإمارات وأدواتهم في الداخل اليمني إلا وكلاء أمريكا للحرب وأدوات لتنفيذ أجندتها وحماية لقواتها في اليمن.