الأطفالُ الفلسطينيون الأسرى في معتقلات الاحتلال.. تعذيبٌ ومحاكمات جائرة
ظروفُ احتجاز قاسية.. ونقصٌ ورداءة في الطعام.. وانعدامُ النظافة وانتشارُ الحشرات
المسيرة | خاص
يعيشُ الأطفالُ الفلسطينيون الأسرى في معتقلات سجون الاحتلال الصهيوني أوضاعاً مأساويةً للغاية في ظل إهمال للمنظمات الأممية أَو تحَرّك عربي ودولي جاد لإنقاذهم من هذا الوضع المؤلم.
إذ سجّل شهر نيسان/ أبريل المنصرم 119 حالة اعتقال بين الأطفال، في حين سجّل تشرين الأول/ أُكتوبر أعلى نسبة لاعتقال الأطفال بلغت 160 طفلًا تم احتجازهم في سجون مجدو وعوفر والدامون، منهم نحو 4 أطفال مسجونين إداريا، و١٢ طفلًا أعمارهم أقل من ١٢ عاماً، وبحسب الإفادات التي قدّمها الأسرى والتقارير الصادرة عن مؤسّسات الأسرى فَـإنَّهم يتعرّضون لما يتعرّض له الأسرى الكبار من قسوة في التعذيب والمحاكمات الجائرة والمعاملة غير الإنسانية التي تنتهك حقوقهم الأَسَاسيّة وتهدّد مستقبلهم بالضياع، وهذا يخالف بنود اتّفاقية حقوق الطفل وخُصُوصاً المادة (١٦) التي تنصّ على أنّه «لا يجوز أن يجري أي تعرّض تعسفي أَو غير قانوني للطفل في حياته الخَاصَّة أَو أسرته أَو منزله أَو مراسلاته ولا أي مساس قانوني بشرفه أَو سمعته».
وتنصّ أَيْـضاً على «أنّ للطفل الحقّ في أن يحميه القانون من هذا التعرّض والمساس». ولا يراعي الاحتلال حداثة سنّ الأطفال أثناء تقديمهم للمحكمة العسكرية ولا تُشكّل محكمة خَاصَّة لهم (كما تؤكّـد على ذلك صكوك القانون الدولي) ويحدّد سنّ الطفل بأقلّ من ١٦ سنة بناء على الأمر العسكري الإسرائيلي رقم (١٣٢). وفي هذا مخالفة صريحة لنصّ المادة رقم (١) من اتّفاقية حقوق الطفل التي عرّفته «كلّ إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة».
ويفرض الاحتلال الصهيوني ما يسمى الاعتقال المنزلي على الأطفال المقدسيين مما يحرمهم من مغادرة المنازل ويحول الأهل (وخَاصَّة الأُمهات) إلى سجانين وسجانات لأطفالهم، حَيثُ يتم مراقبة الأطفال عبر سوار إلكتروني، ولا يسمح للأهل بنقل الطفل (الموضوع قيد الاعتقال المنزلي) للعلاج في حالة الطوارئ، إلا بعد موافقة سلطات الاحتلال المختصة، كما تفرض أحياناً على الأطفال المقدسيين القيام بأعمال خدمة مجتمعية (للمستوطنين اليهود) كجزء من العقوبة المفروضة عليهم.
ولا يتوقف الاعتداء عند هذا الحدّ فقط، بل تحرم سلطات الاحتلال “الإسرائيليّ” الأسرى الأطفال من أبسط الحقوق التي تمنحها لهم المواثيق الدوليّة التي يستحقونها بغض النظر عن دينهم وقوميّتهم وجنسيّتهم، وتشمل:
– الحقَّ في عدم التعرّض للاعتقال العشوائي.
– الحقَّ في معرفة سبب الاعتقال.
– الحقَّ في الحصول على محامٍ.
– حقَّ الأسرة في معرفة سبب اعتقال طفلها ومكان اعتقاله.
– الحقّ في المثول أمام القاضي فورًا اعتقاله.
– الحقّ في الاعتراض على التهمة والطعن بها.
– الحقّ بالاتصال مع العالم الخارجي.
– الحقّ في معاملة إنسانيّة تحفظ كرامة الطفل المعتقل.
– الحق في أن يرافق الطفل أحد أفراد الأسرة مع الطفل أثناء التحقيق
ويعاني الأطفال الفلسطينيون الأسرى في سجون الاحتلال “الإسرائيلي” من ظروف احتجاز قاسية، وغير إنسانية تفتقد للمعايير الدوليّة لحقوق الأطفال، فالأطفال المعتقلون ظلمًا يعانون من نقص ورداءة في الطعام، وانعدام النظافة، وانتشار الحشرات، والنوم في غرف لا تتوفر فيها التهوية أَو الإضاءة المناسبتين، وانعدام الرعاية الصحية، ونقص في الملابس، وعدم توفر وسائل اللعب والترفيه والتسلية، وعدم توفر مرشدين واختصاصيّين نفسيين، والاحتجاز مع بالغين ومع أطفال جنائيين (إسرائيليّين)، والتعرّض للإساءة اللفظية والضرب والعزل والتحرش الجنسي، والعقوبات الجماعية، وتفشي الأمراض.
فالأسرى الأطفال محرومون من الرعاية الصحية، والعلاج الطبي المناسب، وعادة ما تكون أقراص المسكنات العلاج لمختلف أنواع الأمراض. ووفقًا لإفادات الأسرى الأطفال فَـإنَّ إدارةَ السجون ترفض نقل المرضى منهم إلى عيادات السجن، وإن نقلتهم فَـإنَّهم يتعرّضون للضرب والشتائم والمضايقات حتى من الأطباء والممرضين، كذلك لا يتوفر طبيب بشكل دائم في عيادة السجن. وما زال الاحتلال يماطل وأحياناً يرفض إجراء عمليات جراحية للأطفال الذين يحتاجون إلى عمليات فورية، وهذا مخالف للقوانين الدوليّة التي تنص صراحة على ضرورة الرعاية الطبية للأسرى وقد جاء في المادتين (٩١ – ٩٢) من اتّفاقية جنيف الرابعة: «يجب أن يتوفر في كُـلّ معتقل عيادة مناسبة يشرف عليها طبيب مؤهل، وأن يحصل المعتقلون على ما يحتاجونه من رعاية طبية، وكذلك تركيب أي أجهزة طبية ضرورية للمحافظة على صحتهم في حالة جيدة وبشكل مجاني. ويجب أن تجرى فحوصات طبية مجانيّة للمعتقلين مرّة واحدة على الأقل شهريًّا، والغرض منها مراقبة الحالة الصحية والنفسية والتغذية العامة، والنظافة، وكذلك اكتشاف الأمراض المعدية، ويتضمن الفحص بوجه خاص، مراجعة وزن كُـلّ شخص معتقل، وفحصًا بالتصوير بالأشعة مرّة على الأقل سنويًّا»، لكنّ إدارة السجون الإسرائيليّة لا تلتزم بذلك.
وإذا ما دقّقنا في الأحكام الصادرة ظلمًا وعدوانًا، نجدها مرتفعة، حَيثُ إنّ هناك طفلًا حكم عليه بالمؤبد، وثلاثة أطفال محكوم عليهم بالسجن 15 عاماً، وأربعة أطفال آخرين محكوم عليهم بين ٥ و9 أعوام، وغالبًا ما يكون الحكم مقرون بغرامات ماليّة (400- 2000 دولار أمريكي)، كما تعدّ دولة الاحتلال “الإسرائيليّ” الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم الأطفال أمام محاكم عسكريّة.