عامان على رحيل الإعلامي محمد المنصور.. الحزنُ أعظم فاجعة
الديلمي: الفقيدُ كان يمثل رمزاً للقيم والأخلاق والمبادئ الوطنية ويجسِّدُها في القول والعمل
عامر: رحيلُ الهامة الإعلامية والأدبية المنصور مثّل خسارةً كبيرة للساحة الوطنية
دعواتٌ للاهتمام بإرث الفقيد وطباعة دواوينه الشعرية وكتاباته السياسية والفكرية
المسيرة – خاص
مضى عامان على رحيلِ الإعلامي والمثقف والأديب الكبير محمد المنصور، لكنه لا يزال حاضراً في وجداننا؛ بفعل ما أحدثه من ثورة في الجانبين الإعلامي والأدبي خلال مشوار حياته.
ويعد محمد المنصور المهني الممتاز الدؤوب والمخلص حتى التفاني، الدقيق حتى التمحيص، الخبير في الشأن المحلي، والمرجع في أصول الإعلام والأدب، وكان صحفياً مخضرماً، لم يسلك درب غيره، ولم يرتمِ في أحضان العدوان، بل فضَّلَ البقاءَ في وطنه شاهراً قلمَه في وجه العدوان الأمريكي السعوديّ دون ملل أَو كلل.
ويطلق عليه الوسط الإعلامي والحقوقي لقب “شهيد الحصار”، فهو كما بقية الآلاف من المرضى اليمنيين كافحوا كَثيراً مع آلامهم ولم يتمكّنوا من السفر للخارج لتلقي العلاج، حتى لقي الله شهيداً كريماً عزيزاً.
يقول عنه وزير حقوق الإنسان ورفيق دربه علي الديلمي: إن محمد المنصور كان لا يخاف في قول كلمة الحق لومة لائم، وإن الفقيد كان يمثل رمزاً للقيم والأخلاق والمبادئ الوطنية، ويجسّدها في القول والعمل، وقد استمد منها القوة والعزيمة والإصرار على المبدأ والموقف.
ويشيد الديلمي بمناقب المرحوم محمد المنصور ومواقفه الوطنية والقومية ودفاعه عن المستضعفين والقضايا التي كان يؤمن بها، مُشيراً إلى أن الفقيد شارك في الفعاليات الوطنية والقومية على المستوى المحلي والإقليمي وسخر كافة طاقاته الإبداعية والأدبية والفكرية والثقافية في خدمة القضايا والقيم الوطنية.
وأشَارَ وزير حقوق الإنسان خلالَ حفل أُقيم يوم الخميس الماضي إلى أهميّة تبنِّي مبادرة لتكريم المبدعين العظماء في الوسطين الإعلامي والأدبي الأحياء الذين تعرضوا في السابق للإقصاء والتهميش والذين كان لهم بصمات في الصمود والثبات ومقارعة الظلم والطغيان والاستبداد ومواجهة العدوان، واستعراض مواقفهم ومآثرهم وتكريمهم قبل رحيلهم إلى الدار الآخرة.
خسارةٌ كبيرة
وأحيا الوسطُ الإعلامي والأدبي بصنعاء الخميس الماضي الذكرى السنوية الثانية لرحيل فقيد الإعلام اليمني الكاتب والشاعر والصحفي محمد يحيى المنصور، رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) -رئيس التحرير السابق.
وخلال الفعالية، أكّـد رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) – رئيس التحرير، نصر الدين عامر، أن رحيل الهامة الإعلامية والأدبية، محمد المنصور، مثّل خسارة كبيرة للساحة الوطنية، حَيثُ كان يمثل مرجعًا لكثير من الأحداث على الساحة الوطنية والدولية.
واستعرض عامر إسهامات الراحل في مختلف الجوانب العملية والمهنية، التي جسّدها في مشوار حياته، وترك بصمة كبيرة لدى الأجيال في اكتساب العلم وحب العمل، والسلوك الأخلاقي والمهني، والثبات على المواقف الصادقة والمخلصة في مقارعة الفساد والظلم والطغيان والاستبداد.
وأكّـد أن الفقيد الراحل كانت له بصمات في إنجاز المهام الموكلة إليه رغم معاناته مع المرض، منوِّهًا بقدرته على تحدي الصِّعاب والاستمرار في العمل والعطاء الفكري والأدبي والتحليل الاستراتيجي في القنوات الإعلامية المحلية والدولية.
وأشَارَ عامر إلى أن الفقيدَ المنصور مثّل إضافةً نوعيةً لوكالة الأنباء “سبأ” وأوصلها إلى مرحلة متقدّمة، وأعادها إلى مكانتها الطبيعية، نظراً لحسه الصحفي والمهني، وخبرته العملية الطويلة.
وفي الفعالية، استعرض رئيس الهيئة العامة للكتاب، عبد الرحمن مُراد، ورئيس الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان، الدكتورة ابتسام المتوكل، وأمين عام الجبهة الثقافية، محمد العابد، مكانة ودور الفقيد وإسهاماته في المشهد الثقافي والأدبي منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي، وبروزه الكبير على جيل التسعينيات، وتأثيره الفاعل على الساحة الأدبية والإعلامية والسياسية والثقافية على المستويين الوطني والعربي.
وأشاروا إلى دور الفقيد المنصور في صنع الوعي الوطني في مختلف المجالات السياسية والثقافية والأدبية؛ كونه كان شاعرًا وأديبًا ومفكرًا وناقدًا، ومن أهم النّقاد والشعراء على مستوى الوطن العربي، في مجال قصيدة الحداثة.
وأكّـدوا أهميّةَ دراسة الحالات والمراحل الكاملة، والجوانب التي اشتغل عليها الفقيد، منوّهين بجمع تراثه الكبير، من مقالات ودراسات ونصوص وقصائد، وطبعها وجعلها في متناول الجميع؛ كونه كان يمثل مرجعًا تاريخيًّا وثقافيًّا وأدبياً وتنويرياً، وشاهداً على مرحلة مهمة شهدت مختلف التحولات.
وأعلنوا تبنِّيَ هيئة الكتاب والجبهة الثقافية مبادرةَ تكريم رواد الشعر والأدب والإعلام اليمني الأحياء منهم والأموات الذين كان لهم بصمات ومساهمات في المشهد الثقافي والأدبي.
وأكّـدوا أهميّةَ تكريم القامات الأدبية والإعلامية والعمل على طباعة وإخراج أعمالها الأدبية والثقافية والفكرية إلى النور كجزء من تراث وذاكرة الوطن لتخليدها للأجيال القادمة، والعمل على تحويل هذه الأقوال والمبادرات إلى أفعال ملموسة للجميع.
كما ألقيت كلماتٌ من قِبل الكاتب والأديب علوان الجيلاني، والدكتور خالد الشامي عن أصدقاء الفقيد، والأديب والكاتب عبد الحفيظ الخزان، والإعلامي عبد الكريم الوشلي، وحِمْيَر الكحلاني عن جيرانه ونجل الفقيد أحمد محمد المنصور عن أسرته، استعرضت في مجملها مناقب الفقيد، وإسهاماته الشعرية والأدبية والفكرية والنّقدية والنقابية، والصفات والقيم الأخلاقية والإنسانية التي حملها طيلة مشوار حياته.
واستعرضت الكلماتُ أدوارَ الفقيد الراحل وإسهاماته أديباً ومثقفاً وإعلامياً وتربوياً وإدارياً بارعاً، وسياسيًّا متألقاً وناجحاً في كافة المناصب التي تقلّدها، سواءً في مجال السياسة أَو الإعلام، إذ كانت تتجسّد فيه كُـلُّ معاني الوطنية الصادقة والحب للوطن، علاوة على ما كان يتمتع به من دماثة الخلق والوفاء والصدق والنزاهة والحكمة والتواضع والقيم الإنسانية.
وأشَارَت الكلمات إلى أن إحياءِ الذكرى السنوية الثانية لرحيل القامة الإعلامية المنصور هي مِن أجلِ تقديم قراءات في سير العظماء، والحديث عن نتاجاتهم ودراساتهم الأدبية والفكرية والعلمية والسياسية، وإبراز دورهم الريادي والتنويري الذي تركوه في المجتمع.
وتطرق المتحدثون إلى نماذجَ من إبداعاته ونتاجاته الأدبية والفكرية والثقافية والإعلامية التي أثرى بها الساحة الوطنية والعربية، من ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي وآخرها ديوانه الشعري “سيرة الأشياء” الذي تجلت فيه خلاصة تجربته الشعرية والأدبية، وديوانه الذي صدر حديثاً بعنوان ” على ظهر اللحظة ” الذي يمثل حضوراً إبداعياً يوازي في أبهته جلال الفقد وحرقة الغياب.
وطالب المتحدثون الجهاتِ المعنيةَ والرسمية والاتّحادات الأدبية والمؤسّسات المعنية إلى الاهتمام بالإرث الأدبي الكبير الذي تركه الفقيد وطباعة دواوينه الشعرية وكتاباته السياسية والفكرية والثقافية؛ باعتبَارها حقاً عاماً وإرثاً للأُمَّـة كلها وجعلها في متناول الجميع وتخليدها للأجيال.
تخللت الفعالية، التي حضرها نُخبةٌ من الأدباء والكُتاب والإعلاميين وأصدقاء ومحبي وأسرة الفقيد الراحل، مرثيةً للمنشد عبد العظيم عزالدين، بعنوان “صنعاءُ تشتكي وتناجي أين اختفى المنصور أين سراجي” وقصيدة شعرية لمحمد الشامي بعنوان “الحزنُ أعظمُ فاجعة”.