٣٠ نوفمبر يعيد نفسَه.. استنساخُ الاستعمار البريطاني في جنوب اليمن
النضالُ الشعبي مُستمرٌّ خلف قائد الثورة لتحرير المناطق المحتلّة من براثن الغزاة
المسيرة- محمد الكامل
تحُلُّ علينا الذكرى الـ 55 ليوم الاستقلال المجيد في الـ 30 من نوفمبر من العام 1967م، وهي ذكرى طرد آخر مستعمر بريطاني من محافظة عدن لكن الاحتلال اليوم قد عاد من جديد بوجه جديد وأدوات جديدة، فالمناطق الجنوبية والشرقية مليئة بالمحتلّين الأمريكيين والبريطانيين والسعوديّين والإماراتيين وغيرهم، في حين تواصل صنعاء تكثيف جهودها للدفاع عن السيادة الوطنية وتحرير كامل تراب اليمن من دنس هؤلاء المحتلّين، وكان آخرها ما حدث من الضربات الموجهة لمنع استمرار نهب النفط اليمني.
وترزح المحافظات الجنوبية من جديد تحت الاحتلال والتشظي والاختلاف والقتل والدمار وسرقة التراث، وهو ما يتطلب توحيد كُـلّ الجهود، ووقوف الأحرار جنوباً وشمالاً خلف ثورة ٢١سبتمبر وَتحت القيادة الثورية ممثلة بالسيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، ومساندة القوات المسلحة لتحرير كُـلّ شبر من الأرض اليمنية من المحتلّ الأجنبي السعوديّ الإماراتي الأمريكي البريطاني الفرنسي والإسرائيلي.
قوةُ الحق
وفي هذا الشأن يقول محافظ عدن طارق مصطفى سلام: إن الذكرى الـ 55 ليوم الاستقلال المجيد، هي يوم طردت عدن أعتى إمبراطورية استعمارية لا تغيب عنها الشمس في الثلاثين من نوفمبر من العام 1967م، مُشيراً إلى أن المحتلّ البريطاني القديم الجديد لا يزال جاثماً على عدن ومحافظات أُخرى في جنوب الوطن إلا أنه لا شك موعود بالهزيمة وسيثبت اليمن مجدّدًا أنه مقبرة الغزاة.
ويؤكّـد سلام في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن العيد الـ 55 للاستقلال الوطني 30 نوفمبر، مناسبة سنوية تحمل الكثير من الدلالات والعبر على وهن الاحتلال أمام إرادَة الشعوب الحرة، وأن ثورة الـ 14 من أُكتوبر، كانت نتيجة نضالات وتضحيات وشجاعة كافة أبناء الشعب اليمني.
ويضيف أن أبطال ثورة 14 أُكتوبر والـ 30 من نوفمبر قدموا تضحيات جسيمة في سبيل الحرية والتحرّر، وكانت الشرارة الأولى التي انطلقت من جبال ردفان مرعبة للاحتلال ولم تستطع أن تطفئها سياسة الأرض المحروقة التي تبنتها دولة الاحتلال البريطاني وامتدت إلى كُـلّ الأراضي الجنوبية لتكسر جبروت الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس.
ويزيد بالقول: “إن أبطال 14 أُكتوبر والـ ٣٠ من نوفمبر أجبروا المحتلّ البريطاني على الرحيل بعد 129 عاماً مذلولاُ مدحوراً، وواجهوا أكبر قوة في العالم بالإرادَة وقوة الحق، فخاضوا معركة تحرير غير متكافئة بالسلاح والمال والعتاد وانتصروا وأجبروا المحتلّ على الرحيل، ومهما حاول المحتلّ أن يعود اليوم تحت ذرائع جديدة ومخطّطات وأجندة متعددة، فَـإنَّ الهزيمة ستكون أقسى؛ لأَنَّ أرض اليمن كانت ولا تزال مقبرة الغزاة”.
نقطة تحول
من جهته يرى المحلل السياسي أنيس الأصبحي، أن كُـلّ ذلك جاء تتويجاً لكل المحطات النضالية والكفاح؛ مِن أجلِ الانعتاق والتحرّر من براثن المحتلّ والمستعمر، مؤكّـداً أن الإرادَة الشعبيّة انتصرت في يوم 30 نوفمبر 1967م وهي ذكرى رحيل آخر جندي للمحتلّ البريطاني من أرض جنوب الوطن اليمني، تتويجاً لنضال وطني ومقاومة شرسة لشعب تواق للحرية والاستقلال، بكل أطيافهم وألوانهم السياسية والفكرية، يوم اكتمال النصر في ربوع اليمن، حين رحل من أرض وتراب اليمن آخر جندي بريطاني وحين عزفت الموسيقى والأغنية والأهازيج الشعبيّة “برع يا استعمار.. برع”.
ويؤكّـد الأصبحي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن البريطانيين لا يتردّدون عن الاعتراف بالهزيمة وشراسة الشعب اليمني وجرأته في مواجهة المستعمر البريطاني بكل بسالة وشجاعة، وأنه ونتيجة لذلك النضال الجسور في مواجهة أعظم دولة في العالم وبكل ما تملكه من أسلحة فتاكة وعتاد متطور، انتزع اليمنيون الاستقلال والحرية وأصبح عام 1967م نقطة تحوّل حقيقي في التاريخ بالنسبة للشعب اليمني وحوّل ذلك العام الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس إلى مملكة يلاحقها الظلام وكسوف شمسها عن الأرض اليمنية.
ويتابع الأصبحي: “اليوم الشعب اليمني يحتفل بالعيد الوطني للاستقلال وجلاء المستعمر عن أرض الوطن الغالي، مُشيراً إلى أنه وبالرغم من مرور هذه السنوات التي تزيد عن نصف قرن من الزمن إلَّا أن المحافظات الجنوبية والشرقية أصبحت ترزح من جديد تحت الاحتلال والتشظي والاختلاف والقتل والدمار وسرقة التراث، والمقدرات، والتاريخ، والحضارة، موضحًا أن ذلك يأتي لتحقيق أهدافهم الجيوسياسية والاقتصادية للسيطرة على البوابة الجنوبية للبحر الأحمر وجزره وموانئه وثرواته لتحقيق مطامعهم ومطامع الكيان الصهيوني، لافتاً إلى أن دول تحالف العدوان بقيادة السعوديّة والإمارات تقوم بدور استنساخ التجربة الاستعمارية البريطانية لتحقيق تلك المطامح القديمة الجديدة.
ويؤكّـد أن التاريخ يعيد نفسه وعلينا الاستفادة منه وكشف المخطّطات على جغرافية اليمن، وموقعه الجيوسياسي، والاستراتيجي، والاقتصادي.
ويتابع: “ولذلك يظل الكفاح المسلح والإصرار والعزيمة لدى الشعوب هو مفتاح التحرّر والانعتاق من الظلم والاستعمار والتجبّر الذي يمارسه كُـلّ غاصب ومحتلّ للأرض والإرادَة والقرار ويتحكم بالمصير والثروة والحكم والسيادة للشعوب المحتلّة، موضحًا أن النضال الثوري المسلح الذي خاضه الشعب اليمني ضد الغزاة والمحتلّين أثمر عن إنجاز الحدث الأهم والأبرز في تاريخ اليمن المعاصر وذلك في مواجهة الشعب اليمني ضد المحتلّ البريطاني في معارك التحرّر ومواجهة الاستعمار البريطاني وإرغامه على الرحيل وإعلان الاستقلال في الـ 30 من نوفمبر عام 1967م.
ويضيف أنه وعلى الرغم من هذا وذاك يظل النضال الشعبي مُستمرّاً لإخراج المستعمر الجديد والاحتفال بيوم عظيم كافح الشعب اليمني؛ مِن أجلِ طرد المحتلّ وكتابة تاريخ جديد في صفحات نضالاته، فقد أجبر المحتلّ البريطاني على الرحيل في الـ 30 من نوفمبر 1967م ليكون يوماً تاريخيًّا وبطولياً خالداً يحتفل فيه سنوياً.
بدوره يقول المحلل السياسي والخبير الأمني العميد الركن محمد بن شنظور اليافعي: إن الذكرى 55 لاستقلال الجنوب اليمني في الثلاثين من نوفمبر 1967م هي محطة ومنعطف تاريخي هام في حياة شعبنا نستلهم فيها من نضال وتضحيات الآباء والأجداد المآثر البطولية التي سطروها حتى تم نيل الاستقلال الأول وتم طرد قوات الاحتلال البريطاني.
ويضيف اليافعي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” أن الاستقلال تحقّق بالكفاح المسلح الذي خاضه شعبنا العظيم من فجر يوم انطلاق ثورة ١٤أُكتوبر١٩٦٣م من قمم جبال ردفان وبالنضال والتضحيات بالدماء والأرواح تمكّنا من تحقيق ذلك النصر المؤزر على أعتى قوة عسكرية في المنطقة حينها.
ويشير إلى أن احتفالنا بهذه الذكرى هذا العام ٢٠٢٢م، والجنوب محتلّ من قبل دول تحالف العدوان السعوديّ الإماراتي الأمريكي البريطاني وباستخدام قوى عميلة في الداخل من أحزاب ومكونات سياسية عميلة لهذا الاحتلال والمرتهنة لدول تحالف العدوان ممثلة بحزب المؤتمر العفاشي وحزب “الإصلاح” وبقية قوى الحراك المرتهن لتحالف العدوان، وممثلا أَيْـضاً بالمجلس الانتقالي أدَاة الإمارات التي هي من أسسته ودعمته في ٢٠١٧م ليقوم بتنفيذ مخطّطاتها وأجنداتها، موضحًا أنه تم تسليمها الجزر والموانئ لعملاء الإمارات والتي توجّـههم كما تشاء مقابل المال المدنس والمناصب الصورية المسلوبة الإرادَة والسيادة، مؤكّـداً أن الأيّام فضحت حقيقة تحالف العدوان وَما يضمره من حقد على شعبنا اليمني العظيم.
ويرى أن علينا استيعاب حقيقة مهمة أَيْـضاً وجلية للعيان وهي أن دول تحالف العدوان نفسها دول تمثل أدَاة منفذة لمخطّط دول الشر العالمي أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل للسيطرة على السواحل والجزر والموانئ والثروات النفطية والغازية والثروات البحرية وغيرها من الثروات الطبيعية.
ويزيد: “إننا في هذه الذكرى العزيزة على قلبنا نتذكر آباءنا وأجدادنا الذين ضحوا بحياتهم ودمائهم لطرد المحتلّ البريطاني، منوِّهًا إلى أننا نواجه اليوم هذا المحتلّ من جديد وبنفس الأدوات العميلة والمرتهنة من المرتزِقة الذين باعوا الأرض والإنسان في الجنوب والشمال”.
ويؤكّـد أن هذه المرحلة تتطلب توحد كُـلّ الأحرار جنوباً وشمالاً خلف ثورة ٢١ سبتمبر وتحت القيادة الثورية للسيد عبدالملك بن بدر الدين، والجيش واللجان الشعبيّة لتحرير كُـلّ شبر من الأرض اليمنية من المحتلّ الأجنبي السعوديّ الإماراتي الأمريكي البريطاني الفرنسي والإسرائيلي إلى جانب بناء الدولة اليمنية العظمى ذات السيادة الوطنية والعادلة لكل أبناء الوطن، وتحقيق التنمية الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية وعلى كُـلّ مسارات وَمناحي الحياة، وتحقيق المشاركة الشعبيّة في بناء الدولة المدنية الحديثة وفق النهج الإيمَــاني القرآني تحت قيادة العلم الرباني السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي، حفظه الله ورعاه.