عيدُ الاستقلال وذكرى الفتنة..بقلم/ د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
من المفارقات أن يتزامَنَ الاحتفالُ بعيد الاستقلال في 30 نوفمبر مع مرور ذكرى فتنة عفاش في 2 ديسمبر، ففي عيد الاستقلال يحتفلُ شعبنا بمناسبة خروج آخر جندي بريطاني محتلّ من بلادنا، وفي نفس الوقت تمر ذكرى فتنة ديسمبر التي كان يهدف عفاش من خلالها لتسليم البلاد للمحتلّين الجدد أمريكا والإمارات والسعوديّة.
ففي عام 1964م قام الشعب اليمني بثورة في المناطق الجنوبية والشرقية ضد المحتلّ البريطاني استمرت ست سنوات اضطر المحتلّ في النهاية إلى الخروج المذل؛ بسَببِ المقاومة الشرسة للشعب اليمني ومنح جنوب اليمن استقلاله، وفي 2 ديسمبر 2017م قام عفاش بالتمرد على حكومة الإنقاذ المشكَّلة بالتوافق بين المؤتمر وأنصار الله وحلفائهما، وأعلن في وسائل إعلام المؤتمر انضمامَه رسميًّا إلى دول تحالف العدوان، ودعا المواطنين وكوادر المؤتمر إلى التمرد على السلطة والاستيلاء على المؤسّسات الحكومية، وكان قد حشد القوات التي ما زالت موالية له؛ بهَدفِ التحَرّك العسكري بدعم من تحالف العدوان، ولكن تمكّن الجيش اليمني من القضاء على تلك الفتنة خلال عدة أَيَّـام، وتم تجنيب العاصمة صنعاء وبقية المدن اليمنية كارثة كبيرة كان يتم الاعداد لها في الغرف المغلقة.
كان هدف عفاش الرئيسي هو العودةَ إلى السلطة مهما كان الثمن وقد وجد أن أقرب الطرق إلى ذلك هو التواصل مع دول العدوان وخَاصَّة الإمارات، ولذلك فقد عرض خدماته لتلك الدول من وقت مبكر، أي قبل بدأ الحرب، وتواصل مع تلك الدول ولكن لم يتجاوب معه إلا الإمارات التي تعهد لها بتنفيذ مشروعها في اليمن إذَا دعمت المؤتمر بقيادته للعودة إلى السلطة، واستمر التواصل بينه وبين بقية الأطراف حتى شعرت دولُ العدوان بصعوبة هزيمة القوى الوطنية، فاضطرت لتفعيلِ الخيار الذي كان قد قدمه لها عفاش لإشعال الفتنة من الداخل؛ بهَدفِ السيطرة المباشرة على المناطق المحرّرة والحاقها بالمناطق التي كانت دول العدوان قد احتلتها واستولت على مقدراتها، وذلك بمساعدة القوى الموالية لعفاش والمتواجدة في صنعاء، ولكن كان الشعب اليمني متيقظٌ لمخطّطات العدوان وواجه تلك المخطّطات وتمكّن من منع تنفيذها وحافظ على استقلال البلاد التي بذل المناضلون الأوائل دماءهم في سبيل طرد المحتلّ البريطاني منها والمحافظة على استقلالها.
سوف يستمرُّ الشعبُ اليمنيُّ بالاحتفال باستقلال اليمن وسوف يحافظ على استقلاله في الحاضر وفي المستقبل، رغم أنف المحتلّين الجدد الذين منعوا إقامةَ هذا الاحتفال في المناطق المحتلّة والذين يحاولون إعادة الكرة.