من “وعي” كلمة السيد القائد في الذكرى السنوية للشهيد 1444هـ .. بقلم/ عبدالفتاح حيدرة

أكّـد السيد القائد في معرض كلمته بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد، أن هذه الذكرى محطه مهمة نتزود منها الوعي والبصيرة والدروس؛ لأَنَّ الله سبحانه وتعالى جعل للشهداء مكاناً ومنزلةً عظيمة، وما قدّمه شعبُنا اليمني العزيز من تضحياتٍ كبيرة في إطار الموقف الحق، وأهميّة هذه المناسبة تأتي في ترسيخ مفهوم الشهادة، ومن العناوين المهمة بهذه المناسبة هو استذكار الشهداء وتمجيد تضحياتهم، وفطرة الإنسان السليمة هو استذكار الشهداء وَشكر هذه التضحيات والتي لها أثرها العظيم في الواقع وثمارها مُستمرّة ومتجددة، فالشهداء هم مدرسة عظيمة جسدت القيم والمواقف الحق، ومن أهم العناوين هو التذكير بقدسية الموقف والمسئولية تجاهه، ومن الأهم التذكير بالمسئولية تجاه أسر الشهداء.

العنوانُ الكبيرُ لمفهوم الشهادة، يحاولُ الأعداءُ أن يقدموا صورةً مشوَّهة عن الشهادة، ولكنهم فاشلون؛ لأَنَّ مفهوم الشهادة محمي بقدسيته في كتاب الله الكريم، فالشهادة في سبيل الله منزلة رفيعة واختيار إلهي، ومن يحظى بها منزلته عند الله منزلة رفيعة في القرب من الله، من التكريم الإلهي، فالشهادة اختيار إلهي، وهذه مرتبة كبيرة، لهذا يأتي الحديث عن الشهداء في القرآن الكريم حديث مميز وفي موقع متميز، هي فوز عظيم وسعادة وتكريم كبير، وفيها معالجة كبيرة للخوف من الموت، برحمة من الله وبحكمته، وبهذا لا يمكن أن يكون الإنسان خاسراً في سبيل الله وعند استجابته لله، والتضحية بالحياة في سبيل الله، فيبدله الله بحياة سعيدة واستضافة كريمة، وَيؤكّـد لنا الله في كتابه (بل أحياء عند ربهم يرزقون)، وهذا دليل قاطع أنهم في حياة حقيقية سعيدة فرحين بما آتاهم الله من فضله، محقّقاً لهم الهناء الدائم، بضمانة إلهية للجهود التي تضيع الذي وعد بها الله.

إن ما يقوله المثبطون في تشويه الشهادة، يرد عليه الله سبحانه بكل تلك الوعود المليئة بالنعم والهناء والفضل، وهذا لتصحيح الموقف الحق في مواجهة الطغاة والأعداء، ولهذا أثره الأخلاقي للتحَرّك في إطار هذا التصحيح القرآني، ولا يمكن لأمة يغلب عليها الذل والهوان أن تحظى بالعيش الكريم والاستقلال والحرية إلَّا مع الاستعداد للتضحية مع كُـلّ ما أحاط الله سبحانه وتعالى من قدسيه التضحية في سبيل الله، وعدم الاستعداد للتضحية يؤدي لكوارث وخسائر أكبر، وَالتهرب من الاستجابة لله تعالى لا ينجي الإنسان من الموت والزوال، والقرآن يقدم درساً مهماً في أحد الأقوام التي خرجت من ديارها حذر الموت، وهم كانوا ينظرون نظرة سلبية فهربوا وخرجوا من ديارهم ومكنوا العدوّ من ديارهم، فكانت النتيجة أن قال الله لهم (موتوا)، ثم يأتي التعقيب من الله (قاتلوا في سبيل الله)، وهذا درس كبير، والقرآن يتحدث بعد غزوة بدر كيف يكره البعض الخروج في سبيل الله..

إن ثمرة التحَرّك في سبيل الله ثمرة عظيمة نتائجها هو الفوز العظيم، والتحَرّك الصحيح خير للأمة، بدلاً من أن يحشرها الأعداء في القتال في صف الباطل، وما أكثر اليوم من يقاتل في صف أمريكا وإسرائيل، وما أكثر من قتلوا، حَيثُ ما أرادت أمريكا وإسرائيل منهم أن يقتلوا ويقاتلوا، وخسروا، والأعداء يدخلون في برامج كثيرة لاستهداف الأُمَّــة، في إطار الذل وَالاستسلام وفي قضايا عبثية، وهذا هدرٌ لجهود الأُمَّــة، وعندما يرتقي وعي الأُمَّــة ترتقي الحلول لمعالجة قضاياها، والرؤية القرآنية لمفهوم الشهادة هو ما تحتاجه الأُمَّــة في هذه المرحلة أكثر من أي وقتٍ مضى، فالأعداء قد قطعوا شوطاً كبيراً في استهداف الأُمَّــة العدائية من جانب الأمريكيين والإسرائيليين في كافة المستويات، والأمة تعاني اليوم أشدَّ المعاناة، ومساعي الأعداء تتجه لإفساد نفسية الأُمَّــة، واليوم يتم استهداف أخلاقياً ومعنوياً ويسعى العدوّ لتفريغ الأمة منها لتسهيل السيطرة عليها، والدفع للمجتمعات بالفساد والإفساد والدفع نحو الرذيلة كما تفعل هيئة الترفيه بالسعوديّة، لضرب الروح الإيمَـانية الجهادية..

مفهومُ الشهادة وفق الرؤية القرآنية يرتقي بالأمة لمستوى التحَرّك لمواجهة الأعداء مهما كان جبروتهم، وَالأمثلة كثيرة ونماذج راقية في اليمن وفلسطين ولبنان والعراق، لمن تحَرّكوا بالعزة الإيمَـانية، وفي الاتّجاه الصحيح يحمي الأُمَّــة من الاتّجاه لخدمة أعدائها، والفرز اليوم على نحوٍ غير مسبوق، يتجلى فيه من يتولى أمريكا وإسرائيل، ومن يضم مع إسرائيل وأمريكا بينما الدم الفلسطيني يسيل كُـلّ ويوم، وحالة الفرز اليوم واضحة، وجبهة أمريكا وإسرائيل جبهة عارية ومفضوحة أكثر مما مضى، وقليل من الوعي وشيء من البصيرة، يساعد على اتِّخاذ الإنسان موقفه الصحيح، وفيما يتعلق بما يعانيه شعبنا أن هناك مشكلتنا أَسَاسيتان على أَسَاسهما يحاربنا الأعداء، المشكلة الأولى هو سعي شعبنا للتحرّر والاستقلال، وسعي العدو؛ لأَنَّ يكون هذا البلد خاضعاً لهم تماماً سياسيًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا، ولا يزال العدوّ يستكثر حتى حصول أبناء شعبنا على المرتبات، المشكلة الثانية أنهم لا يريدون جيشا يمنيا حرا بل جيشاً تحت أمرهم، ولهذا يسعون لتصميم واقع البلاد كواقعٍ مأزوم تحت المشاكل والازمات..

أكّـد السيد القائد أن اليمن قيادةً وَشعباً لن يقبلوا بذلك، وستكون النتيجة إذَا فرطنا أسوأ من كُـلّ ذلك، والعدوّ قد افتضح في حضرموت والمهرة وسقطرى، بنزعه عدائية وَإجرامية، والبعض ذهب لرهن عائلته عند الإماراتي، وعلى مستوى التوجّـه الخارجي يريدوننا أن نطبع مع إسرائيل وأن نعاديَ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولهذا موقفنا هو أن حريتنا في ديننا ولن نفرط في استقلالنا وَحريتنا، ونحن على بصيرةٍ من أمرنا، ويجب أن يتجاوزوا هم مشاكلهم هذه، وهذه أمور لن نتنازل عنها، وليس المقام مقام مناورات سياسية، ولن نقبل في أي احتلال على بلدنا، والكرامة والعزة والحرية ليس فيهما مجال للمساومة، ولن نقبل أن يذلوا شعبنا بالحصار، مهما كلفنا ذلك، والأمريكي وهو أصل المشكلة مستفيد من الحرب ولا يريد غير سلام وَاستسلام، وهذا لا يمكن أن نقبل به، وَإذَا اتجهت الأمور للتصعيد فَـإنَّنا معنيون كما في المراحل الماضية إلى قوة أكبر وأكثر، والأعداء يريدون أن يضعوا بين خيارات غير منصفة وغير عادلة، ولا يمكننا أن نفرط في مواقفنا القرآنية، ولا يمكن أن ندخلها في مساومة، وَنحن جاهزون للتصعيد بما هو أكبر وأقوى وأعظم..

أكّـد السيد القائد أن ما يعنينا في الوضع الداخلي هو الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، والعمل على إصلاح الوضع المزري في العمل والجانب الرسمي، وَالارتقاء في العمل الرسمي وتجاوز الأنانيات، وَالاتّجاه بالاهتمام بالشعب اليمني والسعي لتقوية العلاقة بين الجانب الرسمي والشعبي، والتعاون لتفعيل طاقات وجهود الشعب اليمني كله، والحذر من مسارات الفرقة بين أبناء الشعب اليمني الذي له هو إيمَـانية مقدسة وواقع وطني واحد، ويجب أن نعزز كُـلّ حالات التعاون.

العدوّ يسعى لتأجيج الفتن، وأن نعي بأساليب الأعداء للحذر منها، وتضحيات الشهداء مدرسة للتخلص من الأنانية وَالمطامع الشخصية، وأن نسعى لأَنَّ نكون من الصابرين ولا نصاب بالوهن، والرعاية الرسمية والشعبيّة بأسر الشهداء، ونأمل العناية بالبرامج وَالأنشطة في أسبوع الشهداء.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com