صلاةُ في محراب الشهادة .. بقلم/ دينا الرميمة
نقفُ هذه الأيّام عند محطة وذكرى خالدة كخلود أصحابها العظماء، لنحييَها من على أرض افتقدت وقع خطواتهم وَتزينت وازدانت بصورهم مفاخرة العالمين بشهادة أبنائها الذين افتدوها بدمائهم الطاهرة وَتوّجوها بكل معاني العزة والشموخ وعليها وجد كُـلّ كريم كرامته وحريته ومبتغاه في الأمن والسلام، بل أن منها وَمنهم تستمد الكرامة أسمى معانيها، فهي الأرض المقدسة التي أروتها دماء العظماء ومنها فاحت ريح الشهادة العطرة.
وفي هذه المحطة العظيمة عرجتُ بقلمي لنصليَ سوياً بخشوع في محراب الشهادة، نتلو بعضاً من آيات وَأحاديث أصحابها، نبحث في خبايا حياتهم وَخفايا سيرهم فكان حديثاً رغم حلاوته وَعذوبته هو الأصعب تدوينا أعلنت فيه عن ميلاد نص بعد مخاضاً عسيراً لكلماتي، فكان حديثاً قد يكون يشبههم ولكنه لا ينصفهم، فعظيم الإيمَـان الذي امتلأت به أفئدتهم ليس من السهل فك رموزه وهو الذي جعلهم يزهدون في الدنيا وملذاتها، لا يهابون الموت ولا يفرون منه، يرجون تجارةً لن تبور وحياةً أزلية لا موتاً فيها ولا نشور هناك في مقعد صدق عند مليكٍ مقتدر.
هم دفقة يقين بأن ما عند الله خيرٌ وَأبقى وما دونه زائل ويفنى وأن الله لا يخلف وعده من يبيعه نفسه بجنةٍ عرضها السموات والأرض في سبيل إعلاء كلمته ونصرة المستضعفين من خلقه!
هو جل شأنه فتح لهم باباً من أبوابها بمجاهدة الظالمين وَشذاذ الأفاق، من تكالبوا على بلدهم طاعة لقوى الشر والطاغوت “أمريكا وإسرائيل” حاملين معهم كُـلّ سلاح العالم قديمه وحديثه وحصاراً طوقوا به الأرض كسلاح يكاد يكون هو الأبشع من الصواريخ والقنابل، فكان الموت الزعاف هو ما ينتظرهم على يد من حملوا لواء الجهاد وَتشربت قلوبهم بثقافة الشهادة في ميادين زادهم فيها التقوى والثقة بالله، وَسلاحهم قوة الله التي لا تغلب وَبها حطموا كيد أعدائه وأعدائهم وَأزهقوا وَداسوا بأقدامهم الحافية كُـلّ سلاح وقوة فمنهم من قضى نحبه وارتقى لجوار ربه ومنهم من ينتظر في جبهات الشرف وفاءً لوعدٍ عقدوه لمن سبقهم باستكمال التحرير وبلوغ مقاماتهم المقدسة، وانتصارا لتضحياتهم العظيمة!
لذا نحن نُحيي هذه الذكرى إعزازاً وإكباراً لمن رحلوا من بيننا باكراً وغادروا دنيانا في أوج عطائهم وَزهرة شبابهم تاركين فينا أثراً من الصعب أن تمحوه مدلهمات الحياة وَلا حتى مغرياتها، ونحن إنما نحيا بتضحياتهم، في ذكراهم فقط نحن نجدد لهم العهدَ وَالوعد أن نكون جبالاً راسيات في وجه كُـلّ ريح عاتية تحاول أن تعصف بحرية أرضنا أَو تنال من عقيدتنا وَديننا وَقيمنا الراسخات، فيها أَيْـضاً نُرَبِّتُ على أكتاف أُسَرٍ بذلت أغلى ما عندها وفقدت مهج الروح في سبيل عزتنا وَكرامتنا لنكون لهم العون وَالسند مؤانسين وَمواسين ولو بأقل القليل وإن كانوا لا يطلبون ولا يرجون إلَّا تقبل قرابينهم من رب العالمين!
فيها أَيْـضاً نزيدُ وهَجَ قداسة وأحقية قضيتنا وَعظمة من ناصروها ولأجلها شدوا رحال الجهاد، ونتخذ منهم مدرسة نتعلم منها معنى الشجاعة وحب الله والوطن لنتغلب على الأنا وَحُب الذات فنسعى وراء ما يوثق عرى الأخوة وَهُــوِيَّتنا الجامعة.