الحضارةُ الغربية..بقلم/ د. فؤاد عبد الوهَّـاب الشامي
خلالَ قرونٍ طويلةٍ بذل الغرب جهداً كبيراً لفرض حضارته على الشعوب الشرقية وخُصُوصاً على الشعوب العربية والإسلامية في آسيا وأفريقيا.
وقد قام بذلك بصورة مباشرة أثناء احتلاله لمعظمها سابقًا أَو بصورة غير مباشرة بعد أن تركها لاحقاً، وقام بتصدير ثقافته وقيمه إلى تلك الشعوب ونجح إلى حَــدّ بعيد بإقناعها أن الطريقَ إلى التقدم والرقي والتطور الحضاري هو الطريق الذي سلكته الشعوب الغربية.
تمكّن الغربُ من صناعة نخب من العرب والمسلمين يحملون مشروعَه ويعملون على دفع شعوبهم إلى سلوك طريق الغرب الذي يختلفُ كليًّا عن القيم العربية والثقافة الإسلامية، ومع ذلك استجاب الكثير من الحكام العرب والمسلمين للتوجّـه الغربي وتم الربطُ بين التطور الحضاري وبين الخضوع لقيم الحضارة الغربية، وكان هدفُ الغرب من تسويق هذه الفكرة هو استمرارَ سيطرته على الشعوب وجعلها تلهَثُ خلف أوهامِ حضارة لا تمُتُّ للواقع بصلة؛ ليتمكَّنَ من نهب ثرواتها وإمْكَانياتها.
وعندما ننظر إلى الدول الأُورُوبية وأمريكا التي تمثل المشروع الغربي نجد أن شعوبها تعيشُ في رفاهية كبيرة، ويبذل حكام تلك الدول جهوداً كبيرة للمحافظة على المستوى المعيشي المرتفع لشعوبها، ورفاهيةُ تلك المجتمعات تعتمد بدرجة رئيسية على ثروت الشعوب الأُخرى من مواد أولية ونفط وغاز وغيره، وفي المقابل تعملُ الدولُ الأُورُوبية وأمريكا على منع ظهور أي مشروع حضاري في أية دولة عربية أَو إسلامية يستمدُّ مبادئَه من الدين والثقافة الوطنية، كما تحرِصُ على إبقاء شعوب هذه الدول في حالةٍ من التيه والتعلُّق بالوهم الغربي الذي لن يسمح لأي شعب أَو أُمَّـة أن تصل اليه؛ خوفاً من أن تستيقظ الشعوب وتسخّر إمْكَانياتها لإيجاد نهضة حضارية تحرّرها من الهيمنة الغربية، وهذا أَيْـضاً سوف يؤثر على رفاهية الشعوب الأُورُوبية.
ونتيجة للسياسات الغربية و دعايات مضلِّلة يبثها الإعلامُ الغربي والإعلام العربي الموالي له، ظهر جيلٌ عربي وإسلامي يطمح إلى الهجرة إلى أُورُوبا وأمريكا للعيش والعمل فيها، ولذلك نسمع كُـلّ يوم عن مهاجرين يموتون في البحار أَو في الغابات أَو على الحدود الأُورُوبية دون أن يتمكّنوا من الحصول على حق اللجوء.
يجبُ على حكام العرب والمسلمين العملُ على توفير عوامل الاستقرار في بلدانهم حتى تتمكّن من إيجاد مشروع نهضوي مستمَدٍّ من الدين الإسلامي يُقنِعُ الشبابَ بالبقاء في بلادهم والمشاركة في نهضتها، وهذا ما نسعى لتحقيقه في اليمن من خلال مشروعنا النهضوي المستمد من القرآن الكريم.