ثقافةُ الاستشهاد حصانةٌ للأُمَّـة.. بقلم/ أم الحسن أبوطالب
عظيمةٌ تلك التضحيات التي قدمها شهداؤنا البواسل والتي أثمرت عزةً وكرامةً لشعبنا وأمتنا ولكل أحرار العالم وغيرت واقع الأُمَّــة من حال الذل والهوان والخضوع إلى الحرية والعزة والسيادة الوطنية وامتلاك القرار وحق المواجهة والدفاع عن النفس وأن تصبح في موقف التحكم بكل شبرٍ في أرضك وكل الثروات فيها.
ثقافة الاستشهاد جاءت من وحي ثقافة القرآن القائمة لحفظ الدين وأركانه وحماية المستضعفين والدفاع عنهم وهي ثقافة تنهض بالمجتمعات وتهدف إلى بناء أجيالٍ قوية قادرة على حماية أوطانها والدفاع عن كرامتها فلا ترضى بوصاية ولا تقبل محتلّاً أَو عميلاً ولا يرهبها عدواً أَو غاصباً ولا تخضع لأية قوة في الكون مهما بلغت شدّتها؛ لأَنَّها أجيال تشبعت من وحي ثقافة القرآن التي تجعل من تعلق بها وعرف الله من خلالها لا يخشَ أحداً سوى الله ولا ترعبه أية مخاوف ما دام على طريق هدى الله.
حين تصبح ثقافة الشهادة وَالاستشهاد مغروسة في جيلٍ أَو مجتمعٍ أَو أُمَّـةٍ، معنى ذلك أن يكون هذا الجيل أَو المجتمع أَو الأُمَّــة بشكلٍ عام عصيّةٍ على الأعداء صعبة المنال، مقاومة لكل مشاريعهم الاستيطانية، وحتى الهادمة للفكر والمجتمع من الحروب الناعمة وذلك من خلال المبادئ المنحرفة التي يبثها الأعداء؛ بهَدفِ زعزعة الهُــوِيَّة الإيمَـانية لأي مجتمع وحرفه نحو الانبهار والاقتباس من ثقافات الغرب المسمومة الهادمة للأخلاق والبعيدة عن الفطرة الإنسانية السليمة التي فطر الله الإنسان عليها.
في جانبٍ آخر تأتي ثقافة الاستشهاد والشهادة كمشروعٍ للمواجهة، حيثُ إنها أربكت الأعداء وأدت إلى ثورةٍ في الوعي ومعرفةٍ واضحة بالعدوّ الحقيقي والحرص على فضح كُـلّ أعماله، وما رفض التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي الغاصب إلَّا ترجمةً واقعية لهذه الثقافة التي أثبتت أثرها الكبير ليس على الفرد أَو المجتمع فقط، بل إنها مؤثرة حتى في المنهجية التي تسير عليها المجتمعات فتصبح تلك المجتمعات أُمَّـةً تحمل فكراً عظيماً ومشروعاً كَبيراً قادراً على حمايتها والنهضة بها إلى أن تكون خير أُمَّـةً أخرجت للناس.
شهداؤنا العظماء من ترجموا معنى تلك الثقافة واقعاً تجسد فيهم فأنبتت تضحياتهم العزة الكرامة لأوطانهم ودينهم وأمتهم وجعلت دماؤهم الطاهرة أرضهم مقبرةً للغزاة ونالوا ما نالوا في الدنيا من المجد والعظمة واستحقوا النجاة من الموت وَالفوز والخلود أحياءً مكرمين في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر.