(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)..بقلم/ أُميمة عثمان
عندما يغضب الأب من أحد أبنائه فقد يسخط على أولاده جميعاً، فيسارع الأبناء لتهدئة أخيهم والنصح له، وبأن عمله ذاك الذي أغضب والدهم لا يصح، يخافون عليه ويخافون أَيْـضاً أن يطالهم غضب أبيهم بفعل أخيهم، أليس كذلك؟
يخافون سخطه، يخافون عصيانه، ويُسرِعون لنيل رضاه؛ لأَنَّ رضاه من رضا الله، بصفته والدهم ورب المنزل.
كذلك المجتمع حيال أوامر الله، فلمَا نحن كمجتمعٍ مسلم، لا ننصح بعضنا؟، لا نحث بعضنا على الطاعة؟، لا نقوّم اعوجاج بعضنا؟ لما أصبح كُلاً منا في إطار نفسه فقط؟ لما أصبحنا نرى المنكر ولا يهزنا، أَو يُحركنا لصده بكل الطرق؟ أصبح وكأنهُ لا شأن لنا بشيء، لا نعلم أن سخط الله علينا هو بسَببِ تلك المعاصي، حتى وإن لم تكن منا، ستكون سببًا في انقطاع الرزق وإمساك السماء، انقطاع بركات الأرض وخيراتها؛ بسَببِ صمتنا.
أصبح الجميع يسكت عن قول الحق، ويمسك نفسه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحت مسمى الحرية الشخصية، لا حرية شخصية في حدود الله، أنت عبد لله فتأدب، والله أمرك أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ولم يذكر أية حرية شخصية في ذلك، لو كان كذلك لما أرسل الرسل لهداية الناس وإرشادهم، ولما كان هناك علماء دين ولا وُجِدت القوانين التي تقطع دابر المتلصصين وغيرهم هذا فقط في إطار الدولة.
ونحنُ في هذا الكون الفسيح والخلق المنظم، لا نريد أن يكون هناك ما يقوِمنا، نريد العيش كما تهوى أنفسنا، بالحريةِ الشنعاء، الحرية التي دمّـرت الشعوب، الحرية التي ما جاءت إلَّا من بلاد الغرب المنحلين المنحرفين عن هدي الله، لم تأتِ الحرية إلَّا لتُعيق أعمالنا، وتُدمّـر روابطنا الاجتماعية، والدينية، والأخلاقية، الحرية ليست سوى نتاج دراسات ماسونية يهودية لتفكيك الأسرة والمجتمع والدولة، الحرية الشخصية التي بذلك الفجور والعصيان لله والتجاوز لحدوده ليست سوى مؤامرة ماسونية شيطانية وفعل خبيث ليضربنا الله به ضربة قاضية، ويطردنا من رحمته والعياذ بالله.
نحنُ نظن أن كُـلّ ذلك حرية شخصية ولا نعلم بل نتجاهل عن أنه لو سكتنا على فعل الباطل والمنكر، أن الله سيهلكنا بذنوب غيرنا؛ لأَنَّنا سكتنا عن قول الحق، وعن النصح وعن التذكير بوعيد الله للعاصين، سيأخذنا الله بذنوبٍ لم نقترفها فقط؛ بسَببِ السكوت المطبق.
لا أقول كلامي هذا لكي نتجاوز حدود غيرنا في النصح.. لا، أتكلم عن النصح بإحسان، لا النصح بسخرية وتعييب، فهذا بحد ذاته ذنب ومما لا يرضاه الله، ليكن نصحنا لبعضنا من منطلق قوله تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْـمُؤْمِنِينَ).