الشَّهيد الماجد الحوري.. روحيةٌ جهاديةٌ عالية ومواقفُ الواثق بالله
واقعهُ الجهادي اتسم بالإخلاص الصادق لله والتّسليم المطلق للقيادة
في كل مسيرته الجهادية لم يلقِ ببصره إلى أية ماديات أَو مقاماتٍ معنوية متمثلاً بقول الشهيد زيد مصلح: من أراد الجهاد فليدفن نفسيتهِ تحت التّراب ليتقبّل الله جهاده وعمله
أنموذجٌ إيمَـانيٌّ مثاليٌّ احتذى به جميع رفاقه وكُـلّ من عرفه من السلك العسكري والجهادي
كان محسنًا يحرم نفسه في بعض الأوقات من نفقاته لمساعدة أحد الأفراد الذي يعلم أن حالة أسرته ضعيفة
يتعامل مع أفراده كزميل لا مسؤول عليهم.. وكأب ومعلّم المواعظ والحكم لا تفارق فمَه
المسيرة | هنادي محمد
الجهادُ في سبيل الله هو خَطُّ ونهجُ الأنبياء والإعلام والأولياء الصالحين منذُ وجود البشرية وبزوغ فجر الرّسالة الإلهية، ولطالما كانت الشَّهادة هي العاقبة الحسنة التي سعوا للظفر بها، وفي هذا الزمن، وكل زمان ما زال لهذا الدّرب امتداده وحبلهُ الذي لم ينقطع بديمومة الثقلين ووجود حملةً لهما من الذين آمنوا وعملوا الصالحات واختاروا لأنفسهم سبيل النّجاة والفوز العظيم.. هم الشُّهداء.
فيما يلي سطورٌ من نور تحكي للتّاريخ اليمانيّ بمداد التّضحية وقلم الصُّمود حياة نجمٍ من النجوم في قافلة الخالدين من الأحياء.
نبذةٌ تعريفية:
– الاسم: ماجد علي محمد صالح الحوري.
– الاسم الجهادي: سجّاد.
– مكان وتاريخ الميلاد: محافظة صنعاء | الأمانة | شعوب – 1992 م.
– الحالة الاجتماعية: متزوّج ولديه ابنة.
– الرُّتبة: رائد.
دراسته:
درس الشّهيد حتى المرحلة الإعدادية، ولِأنّه فُطِرَ على حب آل البيت (ع)، وبعد أن سمع بمركز بدر التّابع للشَّهيد العلّامة المرتضى بن زيد المحطوري -سلام الله عليه- لم يكمل دراسته الثّانوية وفضّل تعلّم العلوم الشرّعية والدينية وكل ما يتعلّق بسيرة آل محمد (ع) لينهل من معين هديهم، ويعزز توجّـهه الإيمَـاني ويكتسب ما ينير له الطريق في زمنٍ ألتبس فيه الحق بالباطل؛ بسَببِ تحَرّك آلة التضليل من قبل قوى الاستكبار العالمي، وبالرغم من أنه لم يلقَ تأييدًا أَو رضا من قبل أسرته لسيرهِ في هذا الطريق إلَّا أنه واصل مشواره بكلِّ عزمٍ وإرادَة حتى قام أحد أفراد أسرته بضمّهِ إلى معسكر قوّات النّجدة؛ بسَببِ قلق أسرته المتواصل عليه، على أَسَاس ثابت هو: أن من هناك سيحظى بفرصة الجهاد في سبيل الله.
مشواره الجهاديّ:
التحق -سلام الله عليه- بوزارة الدّاخلية عام 2012 م وانطلق مجاهدًا في المشروع القرآني، مسيرة الإيمَـان والجهاد عام 2014 م مع بداية الفتح لمحافظة صنعاء واشتعال ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر الشعبيّة المجيدة، وفي العام 2015 م التحق بأول فريق تم انشاؤهُ (كتيبة الدراجات النّارية) الذي كان له دورٌ مهمٌ في حفظ الأمن بأمانة العاصمة آنذاك.
وبعد أنّ شُنّ العدوان السعوصهيوأمريكي الغاشم على بلدنا حظى الشهيد ماجد بشرف المشاركة في العديد من جبهات العزّة والكرامة في مواجهة المعتدي منها جبهة القتب (نهم) وفيها قدّم الكثير من المواقف البطولية والمشرّفة في مهامه الجهادية التي تكللت بالنجاح إدارياً وميدانيًّا.
استدعته الضرورةُ للعودة إلى محافظة صنعاء بحسب توجيهات قيادته لتأدية مهام أمنية داخليًّا -وهو من كان مسلّمًا تسليمًا مطلقًا لا يُناقش ولا يتساءل- وقتها شغل منصب (مساعد قائد كتيبة)، لم يكن ينظر لعمله بمنظوره الرّسمي بالمطلق، وبالأصح كان الجانب الرّسمي ملغيٍّا في عقليته وكيانه وتعاملاته، حتى أنه حازَ على رتبةٍ عسكريةٍ ولكنهُ الوحيد الذي لم يكن يرتديها خلال عمله سوى مرةً واحدة حينما تم إلزامه باستخراج بطاقته العسكرية، ومن موضع مسؤوليته الإيمَـانية عمل على استقطاب من حوله من أفراد المجتمع إلى الجهاد في سبيل الله وبنائهم البناء الإيمَـاني السليم ليكونوا جُندًا من جنود الله وأنصاراً لدينه ومن ثم ضمّهم إلى قوّات النجدة، ولم يكن يواجه صعوبة كبيرة في هذه مسألة التّحشيد؛ لأَنَّ كُـلّ من تعامل معه يلمس صدقه وإخلاصه وحرصه على صلاح الأُمَّــة فيستمع لكل ما يأتي من جانبه، بمعنى أن الشهيد حظى بتوفيقٍ إلهي عجيب سهّل له أداء مسؤولياته أمام الله.
وفي خضم مشواره الجهادي الحافل بالعطاء، تحديدًا في مطلع العام 2020 م، كان يذهب فترات مرابطة متقطّعة في العديد من مهام تدريب وتأهيل الأفراد في مواقع مختلفة، وفي منتصف العام ذاته أتاه التوجيه بالانتقال إلى محافظة مأرب (ماهلية) في مهمّة جهادية، وهناك أُلقيت عليه مهام متعددة، فقد تم تعيينهُ قائدًا ومسؤولًا عن سريّة ومتابعًا لوجستيًّا وشؤوناً لتلك المهمة.
موقفُ استشهاده:
وفي شهر سبتمبر تحوّل في مهمة تعزيز إلى جبهة مدغل غرب مدينة مأرب، وقد كان قائدًا لسريّة أَيْـضاً ومسؤولًا عن مجاميع خَاصَّة بالاقتحامات وصدّ الزُّحوف، كانت أوضاع الجبهة -آنذاك- مستعرة؛ لأَنَّ العدوّ عمل على التّقدّم فيها ليخفف عن نفسه الضغط الذي تلقّاه من جبهة صرواح، وكان يحاول التقدم مستقدمًا تعزيزاته من وسط المدينة، وكان موقف ارتقاء الشهيد ماجد إلى السّماء خلال تقدمّ وقيادة مجاميع من المجاهدين لاقتحام متارس العدوّ والالتفاف عليهم، تقدّم بكلِّ شجاعةٍ وبسالة غير آبهٍ بعتاد العدوّ وترسانته من المدرعات التي لم تتوقف للحظة عن إطلاق رصاصها الجُهنَّمية لتجبرهُ على التراجع والفرار فما كان منه إلَّا أن ينكّل بالعدوّ أشدَّ تنكيل، ثابتًا كالجبال الرواسيّ، عزيزًا بعزّةَ ربّهِ ورسولهِ، حاملًا كفنهِ على أكُفّهِ، مستقبلًا شهادته بكل سعادةٍ واستبشار على أن يترك موقعهُ ويولي الأدبار فيكن من الخاسرين، وكان ارتقاءه وعروجه إلى السّماء فجر يوم الثلاثاء، بتاريخ 23/ ربيع الآخر 1442 هـ الموافق 8/12/2020 م، في جبهة مأرب قدّم أعظم الأمثلة في الميدان بين أوساط المجاهدين ثقافيًّا وعسكريًّا.
روحيتهُ الجهادية ودوافع الانطلاقة:
مثّل الجهاد في سبيلِ الله أولوية كُبرى وأولى لدى الشّهيد لم يقعدهُ عن النَّفير والتحَرّك فيه أيًّا من أسباب الانشغالات الدنيوية التي يعلل بها النّاس جمودهم وعدم استجابتهم، ولم تغرّه أيًّا من مغريات الدّنيا؛ لأَنَّه كان ينظر لها نظرة المستخلف فيها والضيف الرّاحل منها في أية لحظة من لحظات حياته لذا كان يعمل بطاقةٍ جهاديةٍ كبيرة وروحية عالية دون أي كللٍ أَو ملل، وَإذَا أتت عليه فترة لا يكون فيها عمل -أو بصحيح العبارة يَقل- فَـإنَّهُ يدخل في حالةِ اكتئابٍ شديد ويعلل ذلك بأنه نتاج تقصير حاصل في علاقته بالله..!، ولم يحدث أن فرح يوماً بإجازةٍ، حتى حال مزاورته يكون جسدهُ بجانب أسرته وروحه وتفكيرهُ تركهما عند رفاقه المجاهدين..!
اتسم واقعهُ الجهادي -سلام الله عليه- بالإخلاص الصادق لله والتّسليم المطلق للقيادة، يعمل بما يُكلّف دون نقاشٍ أَو رفض، يحرص على أن يكون مسارعًا سبّاقًا إلى الخير طلبًا لمغفرة الله ورحمتهِ وتوفيقه مردّداً قولهِ تعالى:﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾ فقدّمَ كُـلّ جهده ووقته لله، يفضّل التعب والعناء على الراحة والرخاء حتى بذل مهجته وروحه الطّاهرة.
في مسيرته الجهادية لم يلقِ ببصره إلى أية ماديات أَو مقاماتٍ معنوية؛ لأَنَّ انطلاقتهُ كانت؛ بهَدفِ نيل رضوان الله وجنته لا لهدفٍ سواه، وكان يقول بقول الشهيد زيد علي مصلح (ع): “من أراد الجهاد فليدفن نفسيتهِ تحت التّراب ليتقبّل الله جهاده وعمله”.
كان أنموذجًا إيمَـانيًّا مثاليًّا احتذى به كُـلّ من عرفه من السلك العسكري والجهادي، وكذا جميع رفاقه.
حياته الأسرية:
كان ابنًا بارًا بوالديه مطيعًا ومحسنًا لهما، وزوجًا صالحًا رفيقًا، محبوبًا وقريبًا من قلوب جميع أفراد أسرته كَبيراً وصغيرًا، وكأب: لم يكن لديه متسع من الوقت ليكون قريبًا من ابنته (سكينة الحسين) كما أسماها نظرًا لانشغاله بأعماله الجهادية التي تضاعفت بعد أن رُزِقَ بها، بل كان يحاول جاهدًا إخفاء مشاعر الأبوّة حتى لا يتعلّق بها ويحبّها أكثر من حبّه لله؛ لأَنَّ (الله غيور على دينه) بحسب قوله، تروي أسرته أنه في آخر زيارةٍ له وهو يتأهب للذهاب ضحكت له ابنتهُ التي بلغت من العمر أربعة أشهر وتسعة أَيَّـام عند استشهاده فقال لها: (خطيرة يا بنتي أول مرة تضحكي لي هذه الضحكة قصدك إننا عد أبطل سيرة..!، أنا مع الله يا بنتي).
كان يحث أسرته على الإنفاق في سبيل الله ويحرص على تنمية روحية البذل والعطاء في نفوسهم وتربيتهم التّربية الإيمَـانية، كما كانت أحاديثهُ البسيطة والقصيرة دررًا وجواهراً ومقتطفات نورانية تذكّرهم بالله وبعظمته، ويحث الجميع على تلافي حالة التقصير والتّفريط واستشعار مخافة الله، كان كُـلّ من جالسهُ لا يقوم من مقعدهِ إلَّا وقد رسخت في ذهنيتهِ قيمة إيمَـانية مهمة لا تنسى على مدى الحياة.
سماتُهُ وعلاقتهُ بالله:
اتصف الشّهيد ماجد -سلام الله عليه- بالمواصفات الإيمَـانية التي سطّرها الله في كتابه الكريم: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمرونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْـمُؤْمِنِينَ﴾، كان لسانه لهجًا بذكر الله تسبيحًا واستغفاراً وتمجيِّدًا، ولطالما كان بمثابة المنبّه الناصح لمن حوله بضرورة ذكر الله وعدم الغفلة عن ذلك، برنامج رجال الله كان محطته اليوميّة التي من المستحيل أن يفصله عنها أي سبب، حتى وإن كان مريضًا أَو مرهقّاً بعد عودته من عمله، وَأَضَـافَ إليه الولاء قبل أن ينام، وحدث لمرات أن ينام متعبًا وينسى ترديد الولاء فينهض من عميق نومه ويجدد ولاءَه ثم يعاود إلى نومه، وكانت زياراته لروضة الشهداء مُستمرّة خَاصَّة إذَا كان متألماً أَو يشعر بضيق، يذهب ليعالج نفسه عند من أسماهم بـ(الصادقين المخلصين)، وكان له زيارات ليلية لا تحصرهُ شمسّ ولا قمرّ عن لقاءهِ بالشُّهداء لدرجة أن إذَا أحد من المقربين لديه وجد هاتف ماجد مغلقاً عند اتصاله بهِ يذهب للبحث عنه في الرّوضة فيجده هناك (مكيّف مع ربي) بحسب قوله، كما أنه قام بحجز روضته (قبره) قبل استشهاده ليضمن أنه سيكون من الأحياء بعد عمله بالأسباب كما قال.
من أبرز الصفات التي تميّز بها: (الإحسان) حتى سُمّي بـ(المجاهد المُحسن) فقد كان يقدّم الآخرين على نفسهِ وأهل بيته ويؤثرهم عليه في كُـلّ الأمور، كان أكثر من مرة يعود إلى منزله دون (حذائه)؛ لأَنَّه يعطيه لمجاهد حافي القدمين فيستنكر عليه أهله ذلك فيجيب: (أنا روحت أمشي فوق رصيف وزفلت، لكن المجاهدين بيمشوا فوق حجار وشوك ويطلعوا جبال)؛ لأَنَّ الشهداء والمجاهدين والجرحى بالنسبة له خطٌ أحمر، كان محسنًا بالقول والفعل، لا يجرح أحد، ومن كان مخطئًا بحقه يكتفي بالرد عليه بجملةٍ واحدة: (أحسن الله إليك) ويعلل ذلك بقوله: (أنا عندما أحسن إليه ولو غلط معي أنا باعينه يرجع إلى الله ويصحح موقفه ويراجع نفسه، أمّا إذَا رديت عليه عتزيد من حقده فيضعف إيمَـانه) وهذا ما ميّز شخصيته الإيمَـانية ومكّنه من معالجة جميع الإشكالات التي تصله من موقع مسؤوليته مهما كانت عالقةً في النفوس، صفة كظمهِ للغيظ وعفوهِ عن الناس.
كان صدرُه رحبًا متسعًا، وروحه مرحة يزرع الابتسامة حيثما يَكُون، مرتبطٌ بالسماءِ وغيومها ومن خلالها يستقرأ الأحداث بحسب صفائها، يرى الغيوم سوداء اللون فيقول بأن: العدوّ سيرتكب جريمة مروعة يومنا هذا فيحدث بالفعل، وإن كانت بيضاء صافية يقول بأن: المجاهدين اليوم سيثلجون صدورنا بنصرٍ عظيم وتأتي أخبار الثامنة والنصف من صدق الكلمة وتؤكّـد استقراء وشعور الشَّهيد، لربما أن ذوبان المرء بربه لدرجة كبيرة كما الشهداء تجعلهُ محطاً للإلهام الإلهي إن صحّت التَّسمية.
قدواتُ الشهيد:
كان للشهيد في حياته عامةً وتوجّـههِ الجهادي خَاصَّة قدوات، فمن بعد الهُداة والأعلام كان أخيه الذي سبقهُ إلى حياة الخلد قبل ثلاثة أعوام من استشهاده وهو: الشهيد/ محمد علي الحوري، كان يتحدّث إليه باستمرار خَاصَّة في المواضيع التي تؤلمه وتزعجه، فقد قطع عهدًا على نفسه بأن يمضي على دربه.
وجاء من بعد أخيه، أخيه الذي لم تلده أمه وقائده في عمله الجهادي العقيد/ محمد الحوري، حَيثُ كان متأثرًا جِـدًّا بشخصيته وطريقة قيادته، ولأنه كان بمثابة مرافقًا شخصيًّا لهُ إلى جانب كونه نائبه فقد وجد فيه المعنى الحقيقي لمفهوم الأخوّة الإيمَـانية التي تعني أرقى درجات الولاء.
شهاداتُ رفاق الدّرب:
يقول العقيد/ محمَّد محمَّد الحوري (أبو ساجد) “قائد كتيبة الدراجات النارية سابقًا” وهو مشرف الشَّهيد ماجد:
كان الشهيد-سلام الله عليه- شخصية نشطة، وكان أكثر قربًا من أفراد الكتيبة سواء في صنعاء أَو في الجبهة من قائد الكتيبة (وهنا يقصد نفسه)، كان يحل أغلب الإشكالات سواء ما تصل إليه أَو ما أكلّفهُ بها، وفي جانب الإحسان كان نموذجًا قلَّ نظيرهُ ولا مبالغة في ذلك، حَيثُ كان يزور الجرحى ويهتم بهم شخصيًّا، يرأف بالمريض من أفراد الكتيبة ويتبنى إسعافه ومتابعة حالته، كانت شخصيته فريدة من خلال متابعته لي لتوفير حاجيات الأفراد والمتطلبات، وأيضًا طلب تقديم معونات للبعض من أسرهم حال معرفتهِ بظروفهم.
ويقول أحد رفاقه:
كان الشهيد ماجد في مواقفهِ مواقف المؤمن الواثق والمعتمد على الله بأن هذا هو طريق الحق والمنهج الحقيقي وهو الجهاد في سبيل الله بمعنى الكلمة، أما عن أخلاقه كانت أخلاق المتثقفين بثقافة القرآن الكريم، يتعامل مع الأفراد ليس كمسؤول ومشرف عليهم وإنما كزميل لهم أَو رفيقهم، كأب ومعلّم، كانت المواعظ والحكم لا تفارق فمهُ، كان محسنًا يحرم نفسه في بعض الأوقات من نفقاته أَو صندوق الجبهة وينفقها كمساعدة لأحد الأفراد الذي يعلم أن حالة أسرته ضعيفة، ويعلم الله أنني لم أعرف منه أن تخرج من فمهِ كلمة جارحة لفرد أَو مسؤول، أمّا عن تحَرّكهِ في الجبهة فيعجز الكلام عن وصف تفاعله أثناء العمل في مسار أَو اقتحام أَو تأمين مقدمة، الشهيد ماجد لا أستطيع وصفة بكلمات.
ويقول آخر:
كان الشهيد يذكّرنا ويحثّنا على الصلاة والتسبيح وقراءة القرآن الكريم وأهميّة نعمة الهداية والإخلاص لله سبحانه وتعالى، وأكثر ما كنت أتأثر منه عندما أراه التسبيح والاستغفار، وعندما كان يحل مشاكل الأفراد والضباط ما كان يستعين إلَّا بالله فقط.
من مقولات الشَّهيد:
– (الهدي هو بمثابة الهواء نحتاجهُ لبقائنا أحياء، والهدي صون وحفظ من الضلال والزّيغ، إن الله مع المتَّقين).
– (المسؤولية هي من أكبر الأمانات التي يتسلّمها الإنسان الواعي، وعندما يعرف معناها حينها يكون قد عرف الله وسيخافه).
– (هنيئًا لكل من استجاب لله واستقام على خط الهداية، وتحلّى بالصبر والوعي وَأراد لنفسه أن يكون في ركاب الصادقين والمستجيبين لله، فسلامٌ عليكم سلام، والعاقبةُ لمن استقام بالبشارة الحقيقية في الدّنيا والآخرة، حفظ الله الجميع، والعاقبةُ للمتَّقين).
– (الإكثار من الذّكر لله يبعث الأمل والطمأنينة في قلب الإنسان “أذكروني أذكركم”).
هذا بعض مما جاء في حياة الشَّهيد الماجد الخالد /ماجد الحوري، نسأل الله -جلّ شأنه- أن يوفقنا في السير على خطاهم واقتفَاء آثارهم والوفاء لهم ولدمائهم الزاكية وأرواحهم التي تتدفق فيها الحياة، والعاقبةُ للمتَّقين.