العابد المجاهد.. بقلم/ عبد الكريم سند
وقليل ما هم أولئك الذين تحيا بحياتهم الأمم وتموت بغيابهم الأجيال.. كيف لا، وهم رسموا للحياة وللناس منهاج الاستقامة والحياة ولا تكاد تنضر يميناً أو شمالاً، إلا وترى صورة من صور العز والانتصار… إنهم الشهداء..
وهنا ومع رجل عظيم من العظماء نأتي لنتحدث عن بعض من حياته وإيمانه وعطائه ووفائه والذي بحق استطاع أن يصنع من حياته أرشيفاً مليئاً بالتفاني والتضحيات إنه الشهيد السيد محمد علي حسين ضيف الله مصلح سند، من أبناء منطقة مران.. صعدة.
حيثُ سنعرج على بعض من حياته ولنبدأ من عند علاقته بالله سبحانه حيث كان نموذجاً راقياً ورجلاً مؤمناً ورعاً وتقياً طاهر البدن والسريرة حيث كان له برنامج يومي منه أن خصص ساعات محددة لخلوته بالله سبحانه وتعالى.. وكان حريصاً كل الحرص على الطهارة الحقيقية سواء في بدنه ووضوئه وكذا ملبسه ومأكله ومشربه، وكان كثير الورع لا يحب أن يتجاوز في حق أحد حتى من أقرب الناس إليه.
أما في علمه فقد كان ربيباً ملازماً لخاله الشهيد السيد عبدالله علي مصلح وأخيه السيد الشهيد زيد علي مصلح، حيث استفاد من السيد عبدالله كثيراً في المسائل الفقهية وأخذ من زيد الكثير من العلوم القرآنية والدينية والجهادية له العديد من المشاركات في المراكز الصيفية آنذاك حيث أرسله خاله الشهيد زيد إلى منطقة ذويب ليعمل فيها مدرساً ومربياً لأبناء تلك المنطقة وهكذا استمر ذلك الرجل العظيم في مسار العطاء إلى أن تفجرت شرارة الظلم والعدوان في الحرب الأولى، حيث لم يكن غائباً عن المشهد بل حضر وبكل شجاعة واستبسال فتنقل في أماكن عدة للمواجهة مقدماً أروع البطولات، ولعل من أبرزها جبهة الخربان حيث موقع خاله الشهيد زيد علي مصلح، حيث جرح في تلك المعركة وبعدها أسرته السلطة الظالمة آنذاك.
وهكذا تعرض في سجون السلطة آنذاك للعديد من المعاناة منها المرض الذي أنهك جسمه مع المعاملة السيئة من النظام داخل السجن لكنه ظل صابراً وصامداً كالطود لم يقدم أي تنازل حتى أنهم صفدوا يديه بالقيود داخل المستشفى خوفاً من تلك الصرخة التي كان يطلقها وهو مثخن بالمرض والدماء تنزف من فمه الطاهر.
وهكذا ويستمر الوفاء ليخرج من السجن عزيزاً فيكمل مشواره الجهادي في خوض كل تلك الحروب إلى أن جاءت الحرب السادسة وقبل أن تبدأ الحرب السادسة كان قد رأى خاله زيداً في المنام ثم بعد تلك الرؤيا أخبرني قائلاً لقد رأيت خالي في المنام وإني والله أطلب من الله أن تكون إصابتي للشهادة في رأسي كما حدث لخالي ومضت الحرب السادسة وفي منطقة المقاس سطر الشهيد كل تلك الملاحم وببصمات زيد مضى مدافعاً متفانياً في سبيل الله حتى استطاع أن يصنع نصره ويلتحق بركب خاله الشهيد زيد فأصيب في رأسه كإصابة خاله ليلتحق بركب قائده وركب رفاقه ممن مضى تاركاً لنا إرثاً ومسيرة من الوفاء والعطاء والإباء، فسلام الله عليك يا أبا بدر حين عشت لله ويوم انطلقت مجاهداً في سبيل الله وحين استشهادك.. والسلام على كل الشهداء الأطهار.