ثوابتُنا لا تقبَلُ المساوَمةَ والحياد..بقلم/ د. شعفل علي عمير
تُعَــدُّ الثوابتُ الدينيةُ والوطنيةُ أمراً لا يحيدُ عنه إلَّا من تجرَّدَ من انتمائه الديني والوطني، وتكون المساومة فيه عدواناً والتفريط فيه خذلاناً.
أما الحيادُ فهو الإنكارُ للهُــوِيَّة الدينية والوطنية عندما نفهم معنى أن تكون ثوابتنا خطًّا أحمرَ تصغُرُ عندها حجمُ التضحيات التي نقدمها في سبيل الحفاظ على هذه الثوابت، وفي هذا المحك يكون الإنسان في اختبار حقيقي يقاس من خلاله انتماؤه لهُــوِيَّته الوطنية ومدى إيمَـانه بمنهج الدين وهدى نبينا محمد صل الله عليه وآله وسلم.
تأتي الأحداث دائماً لتفرز الخبيث من الطيب وهذه سنة إلهية ذكرها الله سبحانه وتعالى في قوله: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) نعم هناك محطات أوجدها الله تعالى للبشر حتى يقيّمَ الإنسان نفسه ويعرف مدى قُربه أَو بعده عن الحق وفي واقعنا الكثير من الفتن التي أرادها الله أن تكونَ المحكَّ الحقيقي الذي يظهر فيه الخبيثُ من الطيب، فعندما تكونُ تلك المحطات من الأهميّة التي تعكسُ في مضمونها اختبارَ مدى التمسك بالثابت الديني والثوابت الوطنية هنا يأتي التساؤل: هل التفريط في مسألة الولاية يعد من التفريط في الثابت الديني؟
حتماً إننا إذَا ما تولينا من تولوا أعداء الله وأصبحنا نأتمر بأمرهم فَـإنَّنا كمَن تولى أعداء الله ونكون فعلاً قد فرطنا في ثابت ديني أكّـد عليه الله في قوله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أولياء بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ الله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمينَ).
وعندما نفرّط في هذا الثابت الديني سوف يكون التفريط والتساهل في بقية الثوابت أمراً حتمياً، وعلينا أن نستعرض الواقع ونشخّص الحالةَ التي تعيشها دولُ العدوان، فقد جعلت من نفسها أدَاةً لأعداء الله تقول ما يقول وتعمل ما يريد، فلم يعد لها ثابت ديني ولم تبقَ لها سيادة وطنية، وينعكس الحال على أدواتها ومرتزِقتها الذين أصبحوا نسخةً لأدوات دول العدوان يأتمرون بأمرهم وينفذون أجندتهم، والشواهد على ذلك كثيرة فعندما فرَّط المرتزِقة في ثابتهم الديني هانت عليهم سيادةُ بلدهم وهانت عليهم دماؤهم وأعراضُهم ونهبُ ثرواتهم، هذا في واقع حياتهم الدنيا.
أما في حياتهم الأُخرى فيجب أن يعيَ المرتزِقة أن خيارَهم الذي اختاروه ليس بالأمر الهَيِّنِ، حتى ولو لم يكن له أي أثر على الواقع فَـإنَّ الأثر والضرر الحقيقي هو ما سوف يترتب عليه من عقاب إلهي؛ نتيجةَ مروقهم عن الدين وخروجهم عن ملة الإسلام، فكُلُّ أعمالهم ومؤامراتهم على الشعب اليمني تعد تطبيقاً عملياً لأوامر وتوجيهات أملتها دولُ الاستكبار (أمريكا وإسرائيل) على أدواتها في المنطقة (السعوديّة والإمارات) والتي بدورها وجّهت مرتزِقتَها وعملاءها لتنفيذِ تلك الأوامر والتوجيهات لتحقِّقَ في النهاية أهدافَ ومطامعَ أعداء الله وخصومَ الأُمَّــة.
كل ما هو حاصلٌ من خذلان لدول العدوان ومرتزِقتهم هو نتيجة طبيعة؛ بسَببِ تفريطهم في الثابت الديني (بتوليهم لأعداء الله) الذي إن تم التفريط فيه أصبحت الثوابتُ الأُخرى تابعةً له، فلم يعد للثوابت الوطنية درعٌ يحافِظُ عليها.
فعندما ينهارُ الثابت الديني تنهارُ كُـلُّ الثوابت الأُخرى، بمعنى أنه من ينسلخْ عن دينه بتوليه أعداء الله يصبحْ بلا دين ولا وطنٍ، فاقداً للهُــوِيَّة الدينية والوطنية.