حملةُ التحريض تقف خلفَها أمريكا..بقلم/ محمد علي الحريشي

منذ عدة أَيَّـام شنت أبواق الدعايات الإعلامية المأجورة حملات إعلامية في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي حملات تحريضية تدعو إلى بث الفوضى ونشر الفتنة في العاصمة صنعاء ومختلف المدن والمحافظات اليمنية التي تقع تحت سلطة قيادة وحكومة صنعاء.

ما هي الدوافع والأسباب التي تقف وراء تلك الحملة الإعلامية المنظمة والمغرضة التي تهدف إلى نشر الفوضى وإقلاق السكينة العامة وبث الشائعات ومن يقف خلفها؟

أولاً: أمريكا بالمقام الأول هي من تقف وراء حملة التحريض وبث الشائعات وخلق حالة إقلاق تضر بأمن المجتمع.

منذ أن أعلنت صنعاء قبل أكثر من شهرين عن رفضها سرقة ونهب الثروات النفطية والغازية اليمنية من قبل شركات غربية تتبع دول تحالف العدوان ويتم إيداع ثمن عقود الصفقات في البنك الأهلي السعوديّ في الرياض تحت نظر وإشراف النظام السعوديّ، ثم اتباع ذلك الإعلان إصدار إنذارات للسفن النفطية التي تهم بالدخول إلى موانئ التصدير النفطي بمحافظتَي حضرموت وشبوة، كانت أمريكا تراهن على أن مواقف صنعاء عن رفضها نهب النفط والغاز وإنذارها للسفن النفطية الغربية من دخول الموانئ اليمنية، أنها مواقف سياسية وكلام للاستهلاك الإعلامي وتسجيل مواقف.

لكن بمُجَـرّد تنفيذ صنعاء إنذارها لأول سفينة نفطية دخلت ميناء التصدير بضربات جوية تحذيرية أجبرت من خلالها السفينة على الفرار فارغة تجر أذيال الهزيمة والخيبة، أدركت أمريكا خطأ حساباتها وسوء تقديراتها.

لا ننسى أن تنفيذ صنعاء لإنذارها بقوة السلاح يعتبر أهم نقطة مفصلية في تاريخ العدوان الأمريكي البريطاني منذ بداية العدوان إلى اليوم، تكمن أهميّة الفعل والرسالة التي أرسلتها صنعاء إلى أمريكا وتحالفها أنه أحدث تغيراً استراتيجياً في مرحلة العدوان، أكسب اليمن المقدرة السياسية أولاً والعسكرية على فرض قواعد الاشتباك والتحكم بمجريات وسيناريوهات الصراع لصالح اليمن.

اعتبرت أمريكا ومن خلفها الكيان الصهيوني وأنظمة الذل والخيانة الخليجية أن ما أقدمت عليه صنعاء يعتبر تهديداً وجودياً لأمن واستقرار المنطقة برمتها بما فيها الكيان الصهيوني وأنظمة الخليج؛ كون صنعاء أصبحت تمتلك القدرات العسكرية على فرض إرادتها في كامل الجغرافية اليمنية.

لذلك لجأت أمريكا إلى وضع خطط معادية ضد اليمن تهدف من وراءها إلى الحد من القوة العسكرية والسياسية التي وصلت إليها صنعاء، كما تهدف إلى الضغط على قيادة الثورة وحكومة الإنقاذ لتقديم التنازلات والتراجع عن منع تصدير ونهب النفط والغاز اليمني، أمريكا حركت أكثر من أوراق في هذا الاتّجاه منها:

1- تكثيف الانتشار العسكري لقطاع البحرية وجنود المارينز الأمريكي في المياه الإقليمية اليمنية خَاصَّةً بجوار سواحل محافظات حضرموت وشبوة والمهرة.

2- تكثيف الزيارات للسفير الأمريكي وبعض القادة العسكريين الأمريكيين لمحافظة حضرموت، وعقد لقاءات مع سلطاتها المحلية التابعة لحكومة المرتزِقة.

3- لجأت أمريكا إلى تشجيع القيادة المصرية للقيام بلعب دور عسكري بقيادة القطع البحرية في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، الهدف الأمريكي استفزاز قيادة صنعاء وإرباك حساباتها والتأثير على توجّـهاتها وقرارها.

4- أوعزت أمريكا إلى حكومة معين عبد الملك العميلة برفع الضرائب على الواردات التجارية عبر ميناء عدن التي تذهب معظمها إلى مناطق سيطرة صنعاء، الأهداف الأمريكية في هذا الجانب خلق أزمة اقتصادية تتمثل في مضاعفة الأسعار وخلق حالة تذمر شعبي ضد قيادة وحكومة صنعاء، كما سهلت أمريكا لحكومة معين عبد الملك العميلة الحصول على تسهيلات مالية من صندوق النقد الدولي.

5- أوعزت أمريكا خلال الأسابيع الماضية للنظام السعوديّ بمنع دخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة وقطرها إلى ميناء جيزان رغم حصولها على تراخيص بالدخول إلى ميناء الحديدة عقب تفتيشها من قبل لجنة الأمم المتحدة في ميناء جيبوتي، حتى بلغت الأسبوع الماضي ست سفن نفطية محتجزة،.

الملاحظة أن كُـلّ تلك الضغوطات والممارسات الأمريكية لم تحدث ما كانت تخطط له أمريكا ولم تؤثر على الموقف السياسي والعسكري لصنعاء، بل زاد تصلب الموقف اليمني وكرّرت صنعاء استخدام القوة لمنع نهب وتصدير النفط اليمني.

هل تذكرون تصريحات قائد الثورة الإسلامية في إيران قبل شهر تقريبًا السيد علي الخامنئي، عندما صرح عن استخدام أمريكا للحرب المركبة ضد إيران التي اكتشفتها الأجهزة الأمنية الإيرانية؟

ماذا تعني الحرب المركبة؟

معناها تشجيع أمريكا وتمويلها لخلاياها النائمة في إيران للقيام بمظاهرات وعمل فوضى وإحداث شغب وتخريب ضد النظام الإيراني، بحجّـة مطالب حقوقية وإصلاحات وما إلى ذلك من عناوين خادعة.

قطعت الحرب المركبة الأمريكية في إيران وحقّقت تقدماً ونتج عنها تخريب وقتل لولا استدراك الأجهزة الأمنية الإيرانية للأمر والقيام بحملة أمنية قوية شاركت فيها كُـلّ القوى الأمنية الإيرانية بما فيها أجهزة المخابرات حتى تم قمعها وإفشال المخطّطات الأمريكية.

أمريكا أرادت تنفيذ نفس سيناريوهات الحرب المركبة على اليمن فجهزت خلاياها النائمة وذبابها الإلكتروني لشن حملة قوية مركزة على اليمن تزامناً مع وصول الوفد العماني إلى صنعاء، الحملة تبنتها أجهزة المخابرات الأمريكية، طبعاً هناك أهداف عديدة رسمتها أمريكا من وراء تصدير الحرب المركبة إلى اليمن بعد أن فشلت في إيران وخلق حالة فوضى وإقلاق للسكينة العامة.

الهدف الأمريكي الأول هو الضغط على صنعاء؛ مِن أجل التراجع عن قرارها المتخذ في منع نهب وتصدير النفط والغاز اليمني.

الهدف الثاني، التأثير على قيادة صنعاء؛ مِن أجل التراجع عن بعض شروطها فيما يتعلق بتجديد الهدنة بمعنى أن أمريكا تريد تجديد هدنة في اليمن بنفس الكيفية التي تم بها تجديد الهدن الثلاث السابقة.

أمريكا بمخطّطاتها لإثارة القلاقل في اليمن وبث الفوضى ترسل رسائل إلى النظام السعوديّ والإماراتي تؤكّـد فيها وقوفها إلى جانب الدولتين وأنها حليفة لهما ويمكن الوثوق بها خَاصَّةً بعد زيارة الرئيس الصيني إلى السعوديّة هذا جانب لا نستبعده.

لا شك أن قيادة الثورة والقيادة السياسية والحكومة وقيادة الجيش اليمني وكلّ أحرار الشعب اليمني يعملون حسابات للمخطّطات الأمريكية ويرسمون السيناريوهات لكيفية التعامل معها وإفشالها ووأدها وإبطال مفعولها وهذا الذي نحن متيقنين بوجوده، وما الرسائل والتحذيرات التي دشّـنتها الأجهزة الأمنية اليمنية خلال الأيّام الماضية وقيام الإعلام الشعبي اليمني الحر في مختلف المواقع والوسائل الإعلامية بدوره في القيام بحملة إعلامية مضادة تكشف المكائد والمؤامرات الأمريكية وتفضح الألاعيب الأمريكية وتكشفها أمام الجماهير.

نستطيع أن نقول بكل ثقة: إن المخطّطات الأمريكية لشن حرب مركبة في اليمن قد فشلت وتم القضاء عليها في مهدها وكلمة شكر لرجال الأمن والأمن والمخابرات والاستخبارات العسكرية ولرجال الإعلام على الأدوار والمواقف الجهادية التي قاموا بها في التصدي للحرب المركبة الأمريكية وإفشالها خلال الأيّام الماضية.