في ذكراها الثالثة: ضربةُ “عين الأسد” التي مرغت أنف أمريكا بالتراب
المسيرة | متابعات
في الثامن من يناير 2020م، أطلقت قوات “الجوفضاء” التابعة للحرس الثوري الإيراني، العديد من الصواريخ الباليستية على القوات الأمريكية المتواجدة في قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار غرب العراق.
وكان الهجومُ الصاروخي على قاعدة عين الأسد، بالإضافة إلى الخسائر البشرية والمالية التي لحقت بالأمريكيين حدثًا تاريخيًّا؛ لأَنَّه وبعدَ الحرب العالمية الثانية، تُعد المرة الأولى التي تشن فيها دولة هجومًا مباشرًا على الأمريكيين وتتحمل المسؤولية عنه.
لماذا ضرب الحرسُ الثوري قاعدةَ عين الأسد الأمريكية؟
إن اغتيال الفريق الشهيد قاسم سليماني الذي لعب دوراً بارزاً في وقف تصعيد داعش في غرب آسيا وشمال إفريقيا، وثبت أن داعش جزء من لعبة الولايات المتحدة لنهب المنطقة.
فكان الثامن من يناير عام 2020م، ذكرى تلقّي الأمريكيين لأهم ضربة تاريخية خلال السنوات الأخيرة، عندما قامت قوات الجوفضاء في الحرس الثوري بدك أهم قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط بالصواريخ الباليستية انتقاماً لجريمة اغتيال الشهيد الفريق قاسم سليماني على يد الأمريكيين في العراق.
في أعقاب العملية العسكرية الأمريكية باستشهاد الفريق سليماني، أطلق الحرس الثوري الإسلامي 13 صاروخًا على قاعدة عين الأسد في العراق صباح الأربعاء.
كان هجوم إيران الصاروخي على الأمريكيين من النوع الذي لم يفشل فيه الأمريكيون في اعتراض الصواريخ الإيرانية فحسب، بل لم يطلقوا رصاصة واحدة أَيْـضاً، وفقًا لقائد الجو والفضاء في الحرس الثوري الإيراني.
على الرغم من أن الجنود الأمريكيين لم يقتلوا في هذا الهجوم، فقد تم تشخيص 110 ناجين بتلف في الدماغ، بعضهم بحاجة إلى العلاج طويل الأمد في المستشفى والعلاج المكثّـف.
وتبنى حرس الثورة الإسلامية في بيان لها دك قاعدة “عين الأسد” الاميركية بعشرات الصواريخ والذي نفذ بصورة دقيقة ومحسوبة وفتح صفحة جديدة في تاريخ تطورات المنطقة.
ما مغزى الهجوم الصاروخي على عين الأسد؟
كان الهجومُ الصاروخي على عين الأسد، بالإضافة إلى كُـلّ الخسائر البشرية والمالية التي لحقت بالأمريكيين في هذه العملية، حدثًا تاريخيًّا؛ لأَنَّه بعد الحرب العالمية الثانية، كانت هذه هي المرة الأولى التي تشن فيها دولة هجومًا مباشرًا على الأمريكيين وتتحمل المسؤولية عنه.
وكان مسؤولون دبلوماسيون إيرانيون أعلنوا بعد الهجوم الصاروخي على القاعدة الأمريكية “عين الأسد” أن هذا العمل كان قائمًا على الدفاع عن النفس وكان مشروعًا وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وضمن الوضع الذي تدافع فيه حكومة الولايات المتحدة عن عمل إجرامي وحاول تسميته قانونيًّا.
وتم شرحُ هذه المسألة بوضوح في ميثاق الأمم المتحدة. تحدّد المادة 2 من هذا الميثاق إطار عمل أنشطة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تجاه بعضها البعض في سبعة مبادئ، المبدأ الذي له أهميّة خَاصَّة والمبدأ الأول المعبر عنه هو مبدأ احترام سيادة الحكومات. ومن بين هذه المبادئ، التسوية السلمية للنزاعات، وعدم استخدام القوة ضد الاستقلال وسلامة الأراضي والسيادة الوطنية للحكومات، ومبدأ عدم التدخل في شؤون الآخرين وفي ظل الهجوم على سيارة الشهيد سليماني ورفاقه، انتهكت الحكومة الأمريكية بشكل ما كُـلّ هذه المبادئ.
بعد هذه الحادثة الإجرامية أكّـد سماحة قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي في البيان الذي أصدره بمناسبة استشهاد الحاج قاسم سليماني في 3 يناير أن “الشهادة كانت مكافأةً على جهوده الدؤوبة طوال هذه السنين، ومع رحيله فَـإنَّ مهامه ودربه لن يتوقف ولن يغلق بإذن الله تعالى، لكن انتقاما صعباً ينتظر الجناة الذين تلطخت ايديهم الخبيثة بدمه ودم بقية الشهداء.
ما هي رسائل دك قاعدة عين الأسد؟
قال الكاتب والباحث السياسي اللبناني أبو ميثم الجواهري: إن “ضرب قاعدة عين الأسد خطوة مهمة، حَيثُ غيرت مسار قواعد الاشتباك بشكل كبير جدا”.
وأكّـد الجواهري خلال مشاركته في برنامج نوافذ على شاشة قناة العالم بأن “لدى ضرب قاعدة عين الأسد كانت أمريكا تسمى بالقدرة الكبرى في الماضي لم تعد تملك نفس القدرة والجبروت بعد ضربة قاعدة عين الأسد؛ بسَببِ كسر هيبة الجيش الأمريكي”.
وتساءل الجواهري بأنه هل يمكن لأحد أن يقصفَ قاعدةً للجيش الأمريكي ويتبنى العملية؟
وأوضح الجواهري بأن أمريكا هدّدت بالرد على الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد ضربة عين الأسد لكنها لم تفعل شيئاً.
وَأَضَـافَ الجواهري بأن جيش الاحتلال “الإسرائيلي” يشعر بالخوف بعد ضربة عين الأسد قائلاً: “جيش الاحتلال “الإسرائيلي” الذي كان يسمى بالجيش الذي لا يقهر لكن بعد الضربة هذا المصطلح لم يعد لكن موجود وتحول جيش الاحتلال إلى أوهن من بيت العنكبوت”.
من جانبه اعتبر الكاتب والباحث السياسي سمير الحسن أن الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة عين الأسد كان محطة مهمة واستراتيجية مؤكّـداً بأن محور المقاومة يخوض المعركة مع أمريكا منذ عام 2003 بعد الغزو الأمريكي للعراق.
وَأَضَـافَ الحسن بأن محور المقاومة واجهَ المشروع الأمريكي – الإسرائيلي في المنطقة الذي كان يسعى هذا المشروع أن يعرف نفسه لـشعوب المنطقة بأنه الجيش الذي لا يقهر والطاغوت الذي يسيطر على شعوب المنطقة مُضيفاً بأن ما فعلته المقاومة منذ عام 2006 طيلة 14 سنة ليس حدثاً عابراً.
وأوضح بأن اللافت في عملية قصف قاعدة عين الأسد هو جرأة اتِّخاذ القرار؛ لأَنَّ أمريكا كانت تحكم العالم معنوياً رغم فشلها في الحروب العسكرية، حَيثُ شكل هذه العملية نقطة تحول في مسار قواعد الاشتباك.
وقال الحسن: أن “هناك معركة بين محور المقاومة وأمريكا منذ سنوات طويلة والشهيد قاسم سليماني قدم الكثير لتطوير كُـلّ قدرات هذا المحور بشكل كبير جدا”.
اختيارُ عين الأسد يدُلُّ على تورط قواعد أمريكية في اغتيال سليماني
وقال قائد قوات الجوفضاء في الحرس الثوري العميد أمير علي حاجي زادة في تصريحات له في يوم استهداف قاعدة عين الأسد: إن “عملية المراقبة التي قام بها الحرس الثوري كشفت بأن هناك عدداً من القواعد العسكرية لعبت الدور الأبرز في اغتيال الشهيد سليماني والشهيد أبو مهدي المهندس وقد شاركت قاعدة التاجي وَقاعدة الموفق في الاردن وقاعدة علي السالم في الكويت وقاعدة عين الاسد في عملية مشتركة لاغتيال الشهيد سليماني”.
أسبابُ وأهميّةُ الهجوم الصاروخي على عين الأسد
لقاعدةِ عين الأسد عددٌ من المهام بالغة الأهميّة فهي أقوى قاعدة أمريكية للرادارات في المنطقة وهي قاعدة التنصت الأمريكية في المنطقة وهي أَيْـضاً مقر استقرار الطائرات المسيرة الأمريكية، كما أنها تشكل مركز التحكم والقيادة العسكرية الأمريكية في غرب آسيا.
وقد استهدفت صواريخ الحرس الثوري مقر القيادة ومن ثم مركز مخابئ الطائرات المسيرة الأمريكية العديدة وبعد ذلك المعدات التجسسية للأمريكيين هناك، لكي توجّـه ضربة هامة للماكينة العسكرية الأمريكية كما عبر عن ذلك قائد قوات الجوفضاء للحرس الثوري.
الخطأ الاستراتيجي للرئيس الأمريكي السابق وعمله الإرهابي العلني في المنطقة سهّل عملية الانطواء والوحدة، بعد اغتيال الشهيد سليماني، استمرت إيران في التأثير ولعب دورها الفعال في المنطقة بقوة أكبر، وكان التراجع التدريجي جزءًا من الولايات المتحدة.
كان تقليص النفوذ الأمريكي في سوريا والعراق والانسحاب غير المسؤول من أفغانستان سوى جزء من فشل استراتيجية البيت الأبيض في آسيا الوسطى والشرق الأوسط.