إحياءُ الذكرى السنوية التاسعة لاغتيال البروفسور الشهيد أحمد شرف الدين
المسيرة: منصور البكالي
مضت 9 سنوات على فاجعة اغتيال البروفسور والعلامة ورجل القانون الدكتور أحمد شرف الدين، في وقتٍ لا يزال اليمنيون يتذكرون بأسًى تلك الحادثة، على الرغم من أحداث كبرى هزت اليمن جراء العدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم.
ومع حلول هذه الذكرى يدركُ اليمنيون فداحةَ ما خسروه، مدركين أن حادثة اغتيال شرف الدين جاءت في وقت حساس، ومنعطف خطير، فصنعاء التي اكتست بالسواد في يوم 21 يناير عام 2014م، لا تزال ترتدي ثوب الحزن، والآلام، والمحن، وهي تقف شامخة في مواجهة عدوان وحصار طيلة ثماني سنوات مضت.
وبالتوازي مع هذه الذكرى أحيت حكومةُ الإنقاذ الوطني بصنعاء هذه الذكرى في فعاليةٍ رسمية، يوم أمس، حضرها عدد كبير من قيادات الدولة، ومحبي وأصدقاء الشهيد، حَيثُ استعرض أمين عام رئاسة الجمهورية حسن أحمد شرف الدين المواقف الوطنية لأبيه الشهيد والتي سار عليها خلال مراحل حياته النضالية، مؤكّـداً أن الشهيد كان حريصاً على وحدة الصف الوطني ومقاومة المخطّطات والأفكار المنحرفة التي تستهدف الدين والأمة الإسلامية.
وتطرقت كلمة أسرة الشهيد، إلى محطاتٍ من حياة الشهيد البروفيسور شرف الدين التي كانت مليئة بالعطاء الفكري والثقافي والأكاديمي والسياسي، مجددةً العهد بالسير على نهجه ودربه.
وفي الفعالية التي شارك فيها عضو المجلس السياسي الأعلى محمد صالح النعيمي، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالعزيز بن حبتور رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي أحمد المتوكل، وحضرها مدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد حامد ونواب رئيسي الوزراء لشؤون الرؤية الوطنية محمود الجنيد والشورى عبده الجندي وضيف الله رسام، أكّـد رئيس الوزراء أن عظماء اليمن ومنهم المفكر البروفيسور أحمد شرف الدين، هم فخر للشعب اليمني كله وليس لحزب أَو لمنطقة أَو أسرة بعينها.
وأشاد حبتور باجتهادات الشهيد شرف الدين خلال مؤتمر الحوار الوطني في تطوير الحل السياسي ورؤيته التي لم تُعبر عن تيار سياسي بعينه، وإنما عن الوطن بأكمله، متابعاً: “رحم الله المفكر والبروفيسور شرف الدين، الذي ملأ الدنيا فكراً وعلماً ونصحاً حينما عملنا معاً في اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، حَيثُ كان من الشخصيات الكبيرة التي يستحق أن تنظم عنها فعاليات متعددة لجمع أعمالهم القيمة لتقديمها لجماهير شعبنا”.
ووجّه بن حبتور شكرَه لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، لاهتمامه الكبير بالشهداء وأسرهم وبكل ما يتصل بإرثهم، كما شكر أَيْـضاً جميعَ المسؤولين كُـلّ في مجال اختصاصه، وهم يعملون على إحياء ذكرى الشهيد، أَو هذا العالم، أَو ذاك المفكر دون تميز وفي مقدمتهم القامات الفكرية أمثال الشهيد أحمد شرف الدين”، مُشيراً إلى أن البروفيسور شرف الدين، ترك انطباعاً إيجابياً لدى من عرفه، أَو عمل معه ليس فقط للقريبين منه في المناقشات والحوار الوطني فحسب بل والآخرين وتحديداً الخصوم السياسيين له ولفكره”.
وأوضح أنه في العام العاشر لارتقاء روحه يقف الوطن اليوم وأهله الأحرار على مشارف النصر العظيم الذي تحقّق للشعب اليمني من خلال أُطروحاته وأُطروحات غيره من الشهداء، معتبرًا إحياءَ ذكرى الشهيد أحمد شرف الدين، إحياءً لأرواح عشرات الآلاف من الشهداء الذين تشرّبوا من علمه وفكره وثقافته.
من جهته أكّـد مدير مكتب قائد الثورة سفر الصوفي أهميّةَ إحياء ذكرى الشهيد أحمد شرف الدين وكافة شهداء اليمن الذين يستحقون المقام العظيم لعطائهم وانتصارهم للأُمَّـة.
وقال الصوفي: “البروفيسور أمضى حياتَه في ميادين الجهاد والعطاء ونصرة المستضعفين وعمل لخدمة الوطن ومواجهة الأفكار الضالة التي استهدفت النيل من الشعب اليمني وهُــوِيَّته”.
وأوضح الصوفي أن الشهيد شرف الدين كان يعملُ مِن أجل الجميع؛ لما فيه مصلحة الشعب اليمني، متجاوزاً مصالحه الخَاصَّة والمصالح الفئوية والحزبية في وقت كانت بعض القوى تعمل لصالح مكوناتها الحزبية ومصالحها الضيقة، ولم تضع مصلحة الوطن أي اعتبار في حين كان الشهيد مخلِصاً ووفياً لمبادئه وقيمه الوطنية.
ولفت إلى أن الشهيد أحمد شرف الدين كان صاحب رؤية مدنية حديثة، يحاولُ التقريبَ بين الناسِ وكان جزاؤه الاغتيالَ، مؤكّـداً أن الأعداء مهما استهدفوا الكوادر الوطنية لن يصلوا إلى نتيجة وسيتم مواجهتهم بعد أن تكشّفت للعالم مخطّطاتُهم.
وعلى صعيدٍ متصل، تحدث الدكتور عبدالله المقالح، الرئيس الأسبق لنقابة هيئة التدريس بجامعة صنعاء، في كلمةٍ رِثائية، متذكراً صديقَه الشهيد أحمد شرف الدين، وجانباً من صفاته النيرة، وسيرته العطرة.
وقال المقالح: “أُستاذي الشهيد عندما أخاطبك فَـإنَّي أخاطب إنساناً في مقام أُمَّـة، فقد تجسدت فيك روح أُمَّـة وهمومها، فانشغلت بها بحثاً عن خلاص يداوي جراحاتها ويخرجها إلى بر الأمان، فكان الدينُ والقبيلة وشكل النظام السياسي شغلَك الشاغل”.
وواصل: “أُستاذنا الشهيد لقد شكل حضورك في مؤتمر الحوار الوطني نقلة نوعية لطبيعة الحوار وملامسة لقضايا الوطن فأحدثت فارقاً في مفهوم الحوار الوطني ومصطلحات السياسة والتفاهمات والقوانين، ومرد ذلك إلى الطابع المنهجي الذي حظي بتأييد الكثير من الذين كانوا معك وممن كانوا من الفرق الأُخرى”، مُشيراً إلى أهميّة استلهام الدروس والمآثر التي رسخها الشهيد البروفيسور أحمد شرف الدين لتكون منارةً للطلاب والأجيال بصورةٍ عامة، لافتاً إلى ما تركه الشهيد شرف الدين من مؤلفات وأبحاث علمية قيمة ومواقفه السياسية التي عبرت عن المبادئ والقيم الوطنية، ومستعرضاً إسهامات ومآثر الشهيد البروفيسور في الجانب الأكاديمي والقانوني والسياسي والثقافي.
ويزيد قائلاً: “وها أنت يا شهيدَ المدنية والقانون والفكر والعطاء تقهر قاتليك المتحسرين على سوء فعالهم، وها هم اليوم ينشدون حوار يعفيهم عن خيانتهم ويعيد لهم الكرة لعودة ما تم الاتّفاق عليه في مؤتمر الحوار الوطني الذي انقلبوا على مخرجاته بطلقةٍ اخترقت جسدك الطاهر فارتقيت شهيداً، تبعها غارات وعدوان أمريكي سعوديّ قتل ويقتل وحاصر ويحاصر أحرار شعبك ومستضعفيه دون هوادة، وها هي أفكارك ورؤاك لا تزال مرجعية للجميع، وملاذاً آمناً لكل الأحرار”.
ويضيف: “فما قتلوك ولكن الله قتلهم ولعنهم وأعد لهم خزياً في الحياة الدنيا والآخرة، وإلى الله ترجع الأمور، ونم قريرَ العين، فلقد نفذ محبوك وطلابك ما طلبته منهم، وها هم اليوم يجرّعون قاتليك وأسيادَهم كؤوس المنايا في كُـلّ الجبهات وبالصواريخ البالستية والطيران المسيّر، وها هو المخطِّط والموجِّه يركع في صنعاء، وسيجدد الركوع طلباً للسلام من فتيةٍ آمنوا بربهم وزادهم هدًى، فنعم الفتيةُ ونعم القائد ونعم الشهداء ونعم المشهودون ونعم الشعب المعزاء في ذكراك الحزينة”.