المشروعُ القرآني وثورة 21 سبتمبر والهُــوِيَّة الإيمانية.. بقلم/ أمة الملك الخاشب
نعم نحن شعب الإيمان والحكمة وإسلامنا شهد له رسول الله -صلوات الله عليه وآله- وتاريخنا زاهر وحافل بمناصرة الرسول والرسالة وعترة النبي من الأئمة الأطهار.
ولكن، ونقف قليلًا عند كلمة ولكن، هل هناك من ينكر أن هُــوِيَّتنا الإيمانية تعرضت في فترة حكم الأنظمة السابقة العميلة للسعوديّة ومن خلفها أمريكا للتجريف والتغريب ومحاولة طمسها حتى كادت أن تندثر بعض ملامحها؟
في فترة ما وقبل ثورة 21 سبتمبر التي هي أَسَاساً ثمرة من ثمار الثورة الفكرية الشاملة التي جاءت من مران وأسسها الشهيد القائد الحسين بن بدر الدين الحوثي، وجاءت لتحارب كُـلّ الثقافات المغلوطة التي تم تدجينها في الأجيال عبر سنوات طويلة لتنتشر مثل الوباء في كُـلّ محافظات الجمهورية بدعم من مملكة آل سعود الوهَّـابية وبرعاية خَاصَّة من نظام عفاش وتغزونا ثقافات بعيدة عن هُــوِيَّتنا وأصالتنا وتحاول طمس الهُــوِيَّة الحقيقية لليمنيين التي توارثوها عن أجدادهم فاندثرت جمعة رجب التي جميعنا نتذكر طفولتنا ونتذكر أننا كنا نفرح بها مثلما نفرح بعيد الفطر والأضحى وانتشر أُولئك الوهَّـابيين تحت غطاء التجمع اليمني للإصلاح وكان هدفهم الأَسَاسي السيطرة على التربية والتعليم كي يستطيعوا السيطرة على ثقافة وعقول الأجيال ومحاولة فصلهم عن تاريخهم ومورثهم الثقافي وعن نبيهم وأهل بيته الأطهار الميامين وكل ما من شأنه أن يجعلهم يعرفوا أدوارهم اليوم التي يجب أن تكون في مواجهة الباطل واستعادة أمجاد وعزة وتاريخ الأنصار، وكذلك السيطرة على الجوامع بيوت الله، حتى المساجد الأثرية التي فيها من العلم والكتب ما هو موروث ثقافي زيدي وافي تمت السيطرة عليها ولم يكتفوا بالسيطرة عليها ومحاربة فكر أهل البيت المتمثل في المذهب الزيدي بل كانوا شرهين لبناء جوامع حديثة وتأسيس مراكز ظاهرها أنها لتعليم القرآن وباطنها أهداف خفية تجعل من الشباب الذين درسوا فيها مستعدين لتفجير أنفسهم بين إخوانهم المخالفين لهم في المذهب؛ بسَببِ كمية الشحن الطائفي التي كانوا يتلقونها طوال سنوات.
ولأنها ثورة فكرية مستمدة من كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولأن نية الشهيد القائد كانت لله فقط ولإعادة المسلمين إلى كتابهم وهُــوِيَّتهم الإيمَـانية ابتدأ بأهل اليمن ليحملوا راية الإسلام من جديد، لتوافر تلك العوامل السابقة المذكورة أعلاه، وبعد تضحيات جسيمة قدمتها هذه المسيرة العظيم وتعميدها بدماء مؤسّسها انتصرت هذه الثورة الفكرية الثقافية السياسية ودحرت كُـلّ ما بناه الوهَّـابيين في سنين طوال، ونسفت كُـلّ أفكارهم وعقائدهم الباطلة التي كانت قد انتشرت وتربى عليها أجيال، ولأنه المشروع الحق كان مثل عصا موسى يلقف ما يأفكون وما أفكوا في فترة سيطرتهم على الحكم في اليمن.
الشعب اليمني وإن كان قد انجرف أَو تم تغريبه قليلًا عن هُــوِيَّته، ولكنه كان كالمتعطش التائه الذي ينتظر فقط من يوجهه ويقوده ليعود إلى درب أجداده العظماء ويعود ليحمل الراية من جديد ويقوم بدوره في نصرة الرسالة المحمدية، عادت جمعة رجب بقوة وعادت هذه الأجيال لتعرف حقيقة علاقة اليمنيين بهذه الجمعة، وعادت وسائل الإعلام بدورها في التثقيف والتوعية وعادت مناسبات كثيرة كان الوهَّـابيين قد حاولوا تبديعها وتحريمها وتغريبها عن الأجيال الجديدة.
فعاد الاحتفال بالمولد النبوي بصورة أكبر وأبهى مما كان عليه في السابق وعاد عيد الولاية الذي كان يسمى عند أجدادنا يوم النشور، وعاد إحياء مناسبات عديدة تزرع في المجتمع الروح الإيمَـانية التي يجب أن يتحلى بها الأنصار الذين شرّفهم النبي الأعظم بوصفهم أهل الإيمَـان والحكمة وبعث لهم أخيه وباب مدينة علمه الإمام علي بن أبي طالب ليكون معلّمهم الأول الذي استلهموا منه وتعلموا أصول الإيمان الحقيقي المغلف بأهم ركيزة من ركائز الإيمَـان ألا وهي الموالاة لأولياء الله والبراءة من أعداء الله، ولولا هذه الثورة المباركة لما كان الشعب اليمني رغم جراحه وآلامه هو المتصدر بين الشعوب للقضية الفلسطينية يخرج في مسيرات غاضبة مندّدة متضامنة في كُـلّ حدث يمس القضية الفلسطينية التي لا ينساها القائد في كُـلّ خطاب على مدى سنوات العدوان وحتى من قبل العدوان وفي الخطابات الثورية أثناء هذه الثورة المباركة كان التأكيد يأتي دائماً أننا شعب لن يتخلى عن فلسطين وأننا أُمَّـة واحدة هدفها واحد وعدوها واحد ودينها واحد ونبيها واحد وهذا ما أخاف العدوّ أكثر وأكثر واستمروا في حملات التشويه للقيادة وبث الشائعات ومحاولة ضرب وحدة النسيج المجتمعي وإثارة البلابل والفتن والنعرات وسفك المزيد من الدماء البريئة وإرباك الوضع الداخلي كي يستمروا في نهب الثروات النفطية اليمنية بسلاسة وهدوء ودون أن يمنعهم أحد، ولكن التمسك بالهُــوِيَّة الإيمَـانية جعل من هذا الشعب يؤمن بما قاله مؤسّس هذه المسيرة -رضوان الله عليه- أن أي إيمَـان لا يقودنا لمواجهة أعداء الله فهو إيمَـان ناقص مهما كانت أشكال العبادات الظاهرة عليه، ولهذا كان خروج الشعب اليمني في مظاهرة غاضبة للتنديد بحرق المصحف لاستفزاز مشاعر المسلمين والاستهانة بهم كان خروجاً مشرفاً ومليونياً وفيه من السخط والغضب ما جعل كُـلّ المحافظات تتداعى للخروج والتنديد وهذا يدل أكثر أن الهُــوِيَّة الإيمَـانية التي قادتنا لمواجهة أعداء الله وشرفتنا بذلك هي نفس الهُــوِيَّة التي جعلت اليوم الشعب اليمني يكون قُدوة للشعوب الأُخرى في التحَرّك الفعال تجاه قضايا الأُمَّــة، وهُــوِيَّتنا تتمثل في منهجنا القرآني وقائدنا اليماني وشعبنا العظيم المستجيب لكل داعٍ.