الإساءةُ المتعمَّدةُ للرموز الإسلامية المقدَّسة لن تنتهي.. بقلم/ عبد القوي السباعي
قبل أكثر من 22 عاماً كان الشهيد القائد حسين بدر الدين، رضوان الله عليه، قد نبّه الأُمَّــة إلى جملةٍ من الممارسات والتصرفات التي من الممّكن أن تقوم بها الصهيونية العالمية بين فترةٍ وأُخرى، بصدد الاستهداف الدائم للإسلام ونخرهِ من الداخل، ومحاولات فصل الأُمَّــة الإسلامية عن رموزها المقدسة، وفق برامج مدروسة وخطط منهجية، قائمة على التدرج الزمني والتنفيذ المتأني، وما إحراق نسخة من المصحف الشريف في السويد أمام بوابة السفارة التركية إلا خطوة من مسلسلٍ طويل من التطاول المشين والإساءة المتعمدة للرموز الإسلامية المقدسة، والتي لن تنتهي.
الشهيد القائد لخص لنا واقع الأُمَّــة وواقع أعدائها منذُ غابر الأزمان حتى اليوم، ووضع من خلال محاضراته ودروسه، مسارات تساعد الأُمَّــة على تحديد المشكلة، وحدّد منطلقات تدفع بها نحو التصدي والمواجهة المتكافئة، وبالتالي الوصول إلى المعالجة وتثبيت مداميك البناء والتفوق، ولعل استهداف الرموز الدينية المقدسة بدءً بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، ومُرورًا بالأعلام والأماكن المقدسة، حتى الفرائض، وانتهاء بالقرآن الكريم، لم تكن مُجَـرّد خطوات عبثية طارئة وليدة اللحظة، أَو جاءت خاضعة للموقف والحدث الناشئ، أبداً.
إذ تعمّد مراكز الأبحاث والدراسات الاستقصائية الصهيو أمريكية، ما بين فترةٍ وأُخرى، إلى تبني مشاريع وأُطروحات من شأن موجاتها المتخطية لكل الحواجز الدينية والإنسانية والأخلاقية، وما تعارفت عليه الأمم من قيّم ومبادئ وآداب عامة، أن تثير المشاعر والاشمئزاز، وتبعث على الغضب والسخط والاستفزاز، في الجمهور المستهدف والخاضع للتقييم والقياس، والتي من شأنها أن تخدم دراساتها وأُطروحاتها المتمثلة في برامج تعمل على قياس مدى ارتباط هذه الأُمَّــة أَو تلك بهذه الرموز أَو بتلك القيم، وليس الدين الإسلامي وحده مستهدف، فالشعوب المسيحية وبغض النظر عن موقفها من اللوبي الصهيوني مستهدفة أَيْـضاً، فما نتابعه من بيعٍ للكنائس في أمريكا؛ بسَببِ عزوف المسيحيين عنها إلا جزء من ذلك الاستهداف الإلحادي.
وبالعودة إلى جريمة إحراق المصحف وما رافقها من ردود أفعال غاضبة ومسيرات جماهيرية حاشدة في مختلف المحافظات اليمنية الحرة، وعلى المستويين الرسمي والشعبي، والذي تصدر المشهد العام على مستوى العالم العربي والإسلامي الذي اكتفت أنظمته بالشجب والاستنكار والإدانة وجاءت في معظمها على استحياء، غير أن اللافت للانتباه أننا نلاحظ وكما جرت العادة بعد كُـلّ جريمة تطاول وإساءة للإسلام، ما يقوم به علماء التدجين والتهجين، بتخدير واستحمار الأُمَّــة، وكيف يظهرون بتصريحاتهم الحامدة لله على هذا العمل الذي تسبب وَ”خلال الـ24 الساعة الماضية” أن اعتنق “الآلاف من الناس الإسلام”، بحسب ما يتم الترويج له بأُسلُـوب يدفع بالكثير إلى التصديق.
هم يريدون للأُمَّـة أن لا تغضب بل يجب عليها أن تستبشر؛ لأَنَّهُ وكلما زادت الإساءة للرموز المقدسة كلما دخل الكثير ممّن لا يعرفون الإسلام إليه، في المقابل وبحجّـة سب الصحابة مثلاً نرى هؤلاء أنفسهم يقيمون الدنيا ولا يقعدوها صراخاً وعويلاً، ويفتون بإهدار الدم واستباحة العرض والأرض، وشن عدوان كوني على مدى ثمان سنوات، وهذا ليس إلا جزء يسير من مخطّط صهيوني بمساعدة هؤلاء يهدف إلى فصل الأُمَّــة عن رموزها الحقيقية.
أمام كُـلّ هذا نجزم بالقول إنهُ لن ينتهيَ مسلسلُ جرائم التطاول والإساءة على مقدساتنا إلا متى خرجت الشعوب المسلمة عن سيطرة علماء الدفع المسبق، وفقهاء الشحن الفوري، وبرامج الثقافات المغلوطة المدجنة للأُمَّـة، والتحَرّك الواسع لإجبار الأنظمة بقطع كامل العلاقات وطرد السفراء وتفعيل مبدأ المقاطعة الاقتصادية لكل المنتجات الخَاصَّة بالدول التي تمثل مصدر الإساءة، وما عدى ذلك فيؤسفني القول أن مشاريع الصهيونية تمضي من نجاحٍ إلى نجاح، وتمضي أُمَّـة المليار والنصف من فشلٍ إلى فشل، والعاقبة للمتقين.