في جمعة رجب كان الفوز العظيم لليمانيين..بقلم/ راكان علي البخيتي
يوم كان الآعرابُ أشد كُفراً ونِفاقاً كان اليمانيون هُم أشد إيماناً وحبّا وتسليماً لرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله.
كيف كان العرب قبل ظهورِ الإسلام؟! كانت القبائل العربية وعلى رأسِها قبيلةُ قريش، يعيشون ظلمات الجهل والتخلّفِ، والفوضى، وطغت عليهم العادات السيئة، وتجردوا من كُـلّ المبادئ والأخلاق والقيم الإنسانية، واستباحوا بذَلك الحُرّمات وأحلوا الحرام وانتشر الفساد، وأصبحوا يُمارسون الظلم، ضِد المستضعفين والأبرياء بكل غرور وعنجهية، حتى وصل بهمُ الحال إلى دفنُ الطفلة تحت الأرض وهي حية حديثة الولادة تحاشياً من كلام الناس معتبرين الإنِاث وصمة عارٍ عليهم!
وفي ظل استمرار الضلال، عُبدت الأصنام من دون الله في حوض الكعبة المشرفة حتى ظَهرَ الإسلام وبزغ فجرُ النبوة وأشرقت شمس الحرية وأضاء الكون بنور خير الخلق فكان هذا الحدث العظيم فرحاً وسروراً وابتهاجاً لليمانيين خاصة.
وبالتزامن مع هذا الحدث العظيم فقد جندوا أنفسهم لله ولرسوله الكريمُ -صلواتُ الله عليه وعلى آله- فكانوا له الأمن، والأمان في السر والعلن، وفي الشدة والرخاء.
وحين خُذِل رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- من أبناء عمومته وأقرب الناسِ إليه يوم أن قال لهم إني لكم نذيرُ مبين ورسول الله إليكم، شهروا سيوفهم في وجهه، وتآمروا على قتله خوفاً على سلطانهم وعروشهم!
فكان اليمانيون حينها يشهرون أعلام المحبة والسلام والتأييد لرسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- واستبشروا به واستقبلوه برحابة صدرٍ وبفرحةٍ كبيرة فرحّبوا به أجمل ترحيب وأنشدوا طلع البدر علينا وكانوا له حواريين كما كان لعيسى بن مريم حواريون، فنالهُمُ بذَلك الفوز العظيم، حتى نزلت آيات الله تُتلى عليهم في القرآن الكريم.
(فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئك هُمُ الْـمُفْلِحُونَ).
فلا غرابةُ اليوم من ذَلك الفوز والفلاح فها هم اليوم حواريون أعلام الهدى وأثبتوا بذَلك للعالم وهم يقفون كالبنيان المرصوص تحت قيادة أعلام الهدى وبكل محبةٍ ورغبةٍ وتسليم.
بل وينطلقون في ميادين الجبهات بكل بسالةٍ، وشجاعةٍ، ورِباطة جأش، يدافعون عن حُرمات الدين الإسلامي وعن الأوطان ومقدساتِها، من كيد الأعداء والسعي في إفشال مخطّطاتِ الأعداء التي يريدون من خلالها ضرب الأُمَّــة وإضعافها والسيطرة عليها.
لكن هيهات أن يُذل شعب كان أجداده حواريي رسول الله فكانوا يبادرون بالتضحيات تلو التضحيات ويقدمون في سبيل الله الشهداء تلو الشهداء غير آبهين ولا متوانين ولا متخاذلين في ما بينهم وفي مواجهة الأعداء.
فقد كانوا في ذَلك الزمان على أرقى مستوى من الوعي وها هم ما زالوا بمستوى عالٍ من الوعي والبصيرة كأجدادهم السابقين، أهل الإيمان والحكمة، وأولو القوة والبأس فإن اشتدت الحرب هم سيوفها البتارة وأهل حمية وغيرة وجهاد، وإن حَـلّ السلام فهم أهل للسلام وأهل للحكمة والإيمان.
ورغم ما يعانيه الشعب اليمني اليوم من حصار وتجويع وانتهاك ونهب لثرواته النفطية والغازية من قبل العدوّ الأمريكي وأدواته السعوديّة والإماراتية فَـإنَّ الشعب اليمني ما زال متمسكاً بتلك الهُــوِيَّة الإيمانية، والتي قد أصبحت لا قيمة لها عند البعض من الشعوب العربية والإسلامية واستبدلت بها الهُــوِيَّة الغربية من خلال التطبيع وبناء العلاقات المحرّمة مع دول الغرب التي تسعى إلى صهينة الشعوب وخلخلة العقيدة الإسلامية الصحيحة، وسلبها منهم تدريجاً إلى أن تُصبح الشعوب العربية لا تحَرّك ساكناً.
ومن خلال الأحداث فَـإنَّنا نرى أن بعض العرب قد صاروا عبيداً وضعفاء ولن يستطيعوا أن يحركوا ساكناً، حيثُ إن آخر جريمة أن السويد قامت بالاعتداء وإحراق كتاب الله ولم تحَرّك بعض الشعوب العربية ومنها دول الخليج ساكناً.
حيث كان المفترض أن تخرج السعوديّة والإمارات وتعلن عن غضبها مقابل هذا الجريمة التي تستهدف هُــوِيَّتنا الإيمانية لَكنهم ومن خلال سكوتهم هذا قد أظهروا ضعفهم وخوفهم الشديد من أمريكا.
وبالتأكيد أن استمرارهم في هذا الخنوع والخضوع والذل أنهم سيكونون يوماً من الأيّام مُجَـرّد فريسةٍ سهلة في متناول أمريكا وإسرائيل.
إن أفعالهم هذه فيها دلالات واضحة على أنه ليس بمقدورهم حماية مكة والمدينة من الغزو الأمريكي والغربي، وأن الكعبة والركن اليماني والمدينة المنورة يعرفان جيِّدًا أن الذي حماها في الزمن الماضي سيكون حامياً وحارساً لها اليوم.
ولن تدفع عنها الأخطار إلَّا سواعد اليمانيين وبأسهم والذين همُ حماة الدين الإسلامي، ومقدساته في كُـلّ زمان ومكان، والقرآن بذَلك يشهد أن اليمانيين هم الصادقون.