وكيل وزارة الثقافة حمدي محمد الرازحي في حوارٍ لـصحيفة “المسيرة”: الأعداء يستهدفون أخلاق اليمنيين وعلينا ترسيخ الهُــوِيَّة الإيمَـانية في وجدان الأجيال الصاعدة
المسيرة – حاوره منصور البكالي:
أوضح وكيل وزارة الثقافة، حمدي الرازحي، أن احتفال اليمنيين واعتزازهم بالهُــوِيَّة اليمنية وتحديداً في ذكرى إسلام أهل اليمن في أول جمعة من رجب من كُـلّ عام، إنما هو تأكيد على أهميتها ودورها في المحافظة على الرصيد التاريخي لعظمة هذا الشعب وصموده وقوته وتماسك جبهته الداخلية.
وأكّـد الرازحي في حوارٍ خاص لصحيفة “المسيرة” أن الأعداء أرادوا لهذا الشعب أن يعيش ذليلاً خاضعاً مستعبداً، لكن الشعب اليمني العظيم تحمل المشاق وتجرع المرارات دون أن يفرط في رصيده الإيماني وثروته الحضارية ومسيرته الجهادية التي سار عليها.
وأشَارَ إلى أن من أهم الأسس والمقومات للهُــوِيَّة الإيمَـانية هو الارتباط الوثيق بالله ورسوله وأعلام الهدى، والاعتزاز بالإرث التاريخي والحضاري لليمن.
إلى نص الحوار:
– بدايةً أُستاذ حمدي ما الهُــوِيَّة اليمنية وما دورها في مواجهة العدوان العسكري والثقافي والفكري الذي يتعرض له شعبنا اليمني منذ 8 أعوام؟
نستطيع أن نقول إن الهُــوِيَّة اليمنية هي العلامة الفارقة التي تمنح الشخصية اليمنية حضورها الفاعل والمؤثر في مسار الأحداث والوقائع والمتغيرات التي من شأنها أن تعيد تشكيل الوعي الجمعي بما يتناسب مع ما توارثناه عن أسلافنا على امتداد تاريخنا الحضاري والإسلامي ليكون حاضر اليمن أبيضاً ناصعاً كما كان ماضيه.
وكما أسهمت هُــوِيَّة اليمن الإيمانية في تخليد مآثر أهل اليمن ومواقفهم الجهادية على امتداد التاريخ، فَـإنَّ هذه الهُــوِيَّة الإيمانية قد أسهمت بشكلٍ كبير في صناعة هذا النصر الكبير الذي حقّقه أهل اليمن بجهادهم وثباتهم وحسن توكلهم على الله وارتباطهم بقيم القرآن الكريم وثقافته الخالدة، وقوة ولائهم لأهل بيت رسول الله -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله-، وهو انتصار راهن الأعداء كَثيراً على عدم تحقّقه مقارنة بفارق العدة والعتاد، ولكن أهل اليمن بهُــوِيَّتهم الإيمانية حقّقوا انتصارهم التاريخي على قوى تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي المدعوم دوليًّا وبشكلٍ أذهل العالم، وما هذا سوى ثمرة من ثمار الارتباط الوثيق بهذه الهُــوِيَّة الإيمانية الخالدة لهذا الشعب العظيم.
ثماني سنوات عجاف من الحرب والحصار والاستهداف الممنهج لكل مقومات الحياة ذهبت معاناتها وتلاشت آثارها، وتحطمت أغلالها على صخرة الصمود اليمني المنبثق من منبع هُــوِيَّة شعب ارتبط بالله تعالى، والتزم بهديه، ورفض حياة الذل والاستعباد والتبعية لأعداء الله تعالى.
لقد أراد الأعداء لهذا الشعب أن يعيش ذليلاً خاضعاً مستعبداً، ولكن هُــوِيَّة اليمن الإيمانية والعمق الحضاري اليمني والتاريخ الجهادي الممتد منذ بواكير فجر الدعوة الإسلامية إلى اليوم أثبت ذلك، وفضل الشعب اليمني العظيم تحمل المشاق وتجرع المرارات على أن يفرط في رصيده الإيماني وثروته الحضارية ومسيرته الجهادية التي سار عليها الأجداد والآباء، وها هي ثمرة ذلك تتجسد في شكل انتصار لم يشهد التاريخ له مثيلاً من قبل.
– الهُــوِيَّة اليمنية قوة ناعمة.. كيف يمكن الحفاظ عليها؟
الهُــوِيَّة اليمنية بطابعها العام تشكل رافداً قوياً من روافد صمود وعزة الشعب اليمني على امتداد تاريخ اليمن الحضاري والإسلامي؛ لأَنَّها ارتبطت بمنظومة القيم السلوكية ومحدّدات الوعي الجمعي؛ ولهذا نجد المسار العام للمجتمع اليمني محكوماً بمنظومةٍ متكاملة من القيم والأعراف والضوابط السلوكية التي لا يمكن تجاهل دورها في بقاء المجتمع اليمني محتفظاً بخصوصيته المتميزة، وارتباطه الوثيق برموزه التاريخية والدينية على امتداد التاريخ.
وإذا ما أخذنا الهُــوِيَّة اليمنية بأبعادها الإيمانية فَـإنَّنا نجد أنها قد أسهمت في تجذير الولاء الديني للرسول -صلوات الله عليه وعلى آله الكرام- بشكلٍ غير مسبوق، فقابلية أهل اليمن لاتباع الحق وأهله، والدفاع عن المقدسات، والتصدي لكل محاولة من شأنها المساس بقيم الدين الإسلامي وتعاليمه الخالدة، كُـلّ هذه السمات قد تجلت بشكلٍ كبير في حرص أهل اليمن منذ بواكير التاريخ الإسلامي على حماية الدين والدفاع عن رسول رب العالمين وأهل بيته، ورفع راية الجهاد بالمال والنفس تحت قيادة أعلام الهدى على امتداد التاريخ، في الوقت الذي تخاذلت فيه بعض الفئات من القبائل والشعوب الأُخرى عن نصرة الحق عندما ارتفعت راية الجهاد في ضد طواغيت كُـلّ عصر، ونكاد لا نقرأ صفحة من صفحات تاريخ الجهاد الإسلامي إلا ونجد أهل اليمن هم القادة الأوائل في مختلف الوقائع والمعارك، وما ارتفعت راية للجهاد في مختلف أنحاء الدولة الإسلامية إلا وكان أهل اليمن هم وقودها وحماتها، ولهذا كان وسام الشرف النبوي لأهل اليمن “الإيمان يمان والحكمة يمانية” تخليداً لتلك الجهود التي بذلها أهل اليمن في نصرة الإسلام والدفاع عن نبيه منذ بواكير الدعوة الإسلامية، وسيظل هذا الوسام خالداً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ومن المعلوم أن الاعتزاز بهذه الهُــوِيَّة اليمنية الإيمانية من أهم مقومات بقاء التاريخ اليمني ناصعاً وصامداً أمام مختلف المتغيرات التي عصفت بالعديد من الدول، واحتفال أهل اليمن بها وتحديداً في ذكرى إسلام أهل اليمن في أول جمعة من رجب من كُـلّ عام، إنما هو تأكيد على أهميتها ودورها في المحافظة على الرصيد التاريخي لعظمة هذا الشعب وصموده وقوته وتماسك جبهته الداخلية، ولهذا نجد المؤامرات التي تنتهجها قوى الاستكبار العالمي ضد اليمن أرضاً وإنساناً وتاريخاً وحضارة تتركز بشكلٍ كبير على مقومات بقاء هذا الشعب صامداً وقوياً، وذلك من خلال الحرص على استهداف أخلاق اليمنيين وقيمهم وعاداتهم وتقاليدهم الأصيلة تحت عناوين متعددة، من خلال تسويق العديد من المظاهر السلوكية والموضات والعادات التي لا تتناغم مع أخلاق وقيم أهل اليمن، وفي حال تمكّن الأعداء من النيل من هُــوِيَّتنا الإيمانية اليمانية فَـإنَّنا سنشهد اللحظات التي تنهار فيها مقومات الصمود والقوة التي تكتنز بها الشخصية اليمنية منذ القدم.
– ما هي أسس ومقومات هُــوِيَّة اليمن الإيمانية؟
من أهم الأسس والمقومات للهُــوِيَّة اليمنية الإيمانية ما يلي:
أولاً: الارتباط الوثيق بالله تعالى، وهذا من أهم المقومات التي ترتكز عليها هُــوِيَّة اليمن الإيمانية، فقوة الإيمان بالله تعالى هي الأَسَاس الذي جعل هذه الهُــوِيَّة لا تتغير أَو تتبدل رغم تغير الأحوال والظروف التي عاشتها اليمن على امتداد تاريخها، وحجم الصراعات الدولية المتنافسة على احتلال الموقع الاستراتيجي اليمني ونهب ثرواته، فلا تكاد تخلو حقبة زمنية من مؤامرة دولية لقوى الاستكبار العالمي تسعى لاحتلال اليمن ونهب خيراته، ومع ذلك ينتصر اليمن رغم فارق القوة والعدد؛ بسَببِ ثقتهم في وعد الله وحسن ارتباطهم به وتوكلهم عليه.
ثانياً: الارتباط الوثيق بأعلام الهدى من آل بيت رسول الله -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله-، فأهل اليمن هم الأكثر ارتباطاً وتمسكاً بأهل البيت -سلام الله عليهم- على امتداد التاريخ، ابتداءً بإيمانهم برسول الله -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله-، ودفاعهم عنه، واستضافته في المدينة المنورة في الوقت الذي خذله فيه قومه وعشيرته، ومُرورًا بمناصرتهم للإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام- في جميع معاركه وحروبه ضد طواغيت بني أمية، وانتهاء بمناصرة كُـلّ من رفع راية الجهاد في سبيل الله تعالى من أعلام الهدى، وهذا يعني أن أهل اليمن قد آمنوا منذ بواكير الإسلام بأهميّة القيادة الربانية ودورها في تحقيق العزة والكرامة في الدارين.
ثالثاً: الاعتزاز بالإرث التاريخي والحضاري: فلا يمكن لأي يمني أن يفرط في إرثه التاريخي وحضوره الحضاري وجهود أسلافه في نصرة دين الله ورسوله الكريم، وقد أسهم هذا الاعتزاز في تنمية الوعي الجمعي بمخاطر الاستلاب الثقافي والحضاري ودوره في تدمير الشعوب والمجتمعات؛ ولهذا نكاد لا نجد مجتمعاً متمسكاً بقيمه وأخلاقه مثل المجتمع اليمني، فهو الشعب الوحيد الذي لم تؤثر فيه مؤامرات الأعداء التي تستهدف بين الحين والآخر ثقافة اليمن وأخلاق أهله.
– عادات وتقاليد الشعوب وطقوس حياتها المتنوعة وفنونها المختلفة وبعض تفاصيل حياتها تعد قوة ناعمة تعبر عن هُــوِيَّتها.. ما أبرز العادات والتقاليد والطقوس والفنون الفريدة الممثلة للقوة الناعمة للهُــوِيَّة اليمنية؟
من المعلوم أن عادات وتقاليد الشعوب تصنف ضمن المتغيرات التي تتأثر بالعديد من العوامل الداخلية والخارجية، وهذا ما نلحظه بوضوحٍ في اختفاء بعض العادات وظهور عادات أُخرى جديدة، ومع أن هذا التغيير لا يظهر فجأة وإنما يمر بمراحل نمو متعددة وقد تكون بطيئة نوعاً ما، إلا إن الفترة الأخيرة قد شهدت تطوراً كَبيراً في مظاهر العادات الوافدة والمفارقة لجوهر المجتمعات وروحها، وهذا يؤكّـد حقيقة المؤامرة الاستكبارية التي تهدف لمسخ أخلاق الشعوب وتدمير نسيجها الاجتماعي، والانحراف بسلوكيات الأفراد.
وعلى الرغم من شراسة الحملة الممنهجة لخلق مجتمعات جديدة مقطوعة الصلة بماضيها ومآثر أسلافها وعاداتهم وتقاليدهم الحميدة المتوارثة، إلا أن الشعب اليمني قد تميز بتمسكه بعاداته وتقاليده في الملبس ومظاهر السلوك الأُخرى، وقد أسهم قانون العيب العرفي في المحافظة على عادات وتقاليد المجتمع اليمني بشكلٍ كبير، فكل من يخالف المجتمع ويتنكر لعاداته وتقاليده الحميدة يعتبر منبوذاً في المجتمع اليمني، وهذا ما أسهم في تقزيم المظاهر السلوكية والتقاليد الوافدة من الخارج، والحد من تأثيرها بشكلٍ كبير.
– ما دور المستعمرين والغزاة في تدمير هُــوِيَّة الشعوب والمجتمعات وخُصُوصاً المجتمع اليمني؟
المستعمر يحرص دائماً على قطع الصلة بين الأفراد وموروثهم الأخلاقي والحضاري حتى يسهل عليه استعبادهم، واستغلال قدراتهم لتحقيق أجندته ومؤامراته؛ ولهذا فأول ما يقوم به المستعمر هو تسويق القيم والأخلاق التي تتناسب مع ميوله ورغباته، ومحاربة وتشويه كُـلّ ما هو أصيل في ثقافة الشعوب وعاداتهم وتقاليدهم، وبقدر انتصاره في هذه المعركة يتمكّن من نهب خيرات الشعوب وتدمير قيمها وأخلاقها.
وعلى امتداد التاريخ وقوى الاستكبار التي حاولت أن تحتل اليمن ومعركة القيم والعادات الأصيلة هي المعركة الأبرز والأقوى، ولولا أن الشعب اليمني يدرك خطورة ذلك لكان مصيره كمصير العديد من دول المنطقة التي سلمت قيادتها وحكوماتها للمحتلّ الأجنبي.
– ما أبرز الأساليب والوسائل التي يستخدمها الأعداء لاستهداف الهُــوِيَّة اليمنية؟ وكيف نحمي أجيالنا وشعبنا من خطرها؟
هناك العديد من الوسائل والأسلحة التي تستهدف الهُــوِيَّة اليمنية ومنها التوظيف الممنهج لوسائل الإعلام لهدم أخلاق أبناء المجتمع والانحراف بهم عن هُــوِيَّتهم الإيمانية الأصيلة، من خلال تسويق العديد من المسلسلات والأفلام المدمّـرة للقيم والأخلاق، والعمل على تفكيك النسيج الاجتماعي والأسري، وإخراج المرأة من بيتها لتزاحم الرجل في مكان عمله تمهيداً لكسر حاجز الحياء والعفة، فضلاً عن المؤامرات المستهدفة لعقول الأطفال والناشئة عبر مسلسلات الأطفال وغيرها.
والوسيلة للتصدي لهذه المؤامرات تتمثل في تنمية وعي المجتمع إيمانياً وتعزيز علاقته بالله تعالى وتوثيق ارتباطه بالقرآن الكريم وثقافته الأصيلة، إلى جانب تأسيس منظمة متكاملة من المؤسّسات الإعلامية والمراكز البحثية والثقافية التي تتولى مهمة ترشيد مسارات الوعي والفكر وتسهم في تقويم السلوك وتحذير المجتمع من مخاطر مؤامرات الغرب الاستكباري.
– ما تأثير التنظيمات السياسية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني على الهُــوِيَّة اليمنية؟
من المعلوم أن المنظمات الدولية ذات دوافع أغلبها استخباراتية لقياس مقدار وعي المجتمع والتزامه وتمسكه بقيمه وأخلاقياته الأصيلة، ولهذا فدورها كبير في تفكيك بنية المجتمع اليمني من خلال استهداف المرأة اليمنية بالعمل فيها، وتنفيذ العديد من الأنشطة والبرامج التي تسعى لمسخ الشباب والشابات وتدمير قيم الحياء والعفة وتشجيع الاختلاط المشبوه لتأسيس نواة جديدة لجيلٍ متجرد من كُـلّ قيم الرجولة والحياء والعفة.
– من هي الجهات المسؤولة عن حماية الهُــوِيَّة اليمنية وتعزيزها وتنميتها وترسيخها بل والترويج لها وترغيب بقية الشعوب لاكتسابها في ظل العالم المفتوح على الجميع وتلاقح الهُــوِيَّات؟
الجميع مسؤول أمام الله ولا عذر للجميع في الدفاع عنها وحمايتها، وهذا يعني أن المسؤولية مسؤولية جماعية، ويجب أن تتظافرَ الجهودُ للدفاع عن هُــوِيَّة اليمن الإيمانية بمختلف الوسائل والإمْكَانات المتاحة، ثقافيًّا وإعلامياً، واجتماعياً وسياسيًّا، وهكذا نستطيع أن ننتصر في معركة الوعي والهُــوِيَّة.
– ما علاقةُ الهُــوِيَّة اليمنية لشعبنا اليمني بهُــوِيَّته الإيمانية؟ وما دور الهُــوِيَّة الإيمانية في حماية الهُــوِيَّة اليمنية؟
لا يمكنُ أن نفصلَ بينهما فهُــوِيَّةُ اليمن التاريخية والحضارية رافدٌ قوي لهُــوِيَّة اليمن الإيمانية، أوليس الملك أسعد الكامل من أسس مجتمع يثرب لاستقبال نبي آخر الزمان كما تشير شواهد التاريخ.
– ما مدى عُمق الارتباط الوثيق بين الهُــوِيَّة اليمنية والثقافة القرآنية وقيم ومبادئ الإسلام الحنيف؟
لا يمكنُ أن يتحقّقَ إيمانُ الإنسان بعيدًا عن ارتباطه بالقرآن الكريم، فالتعاليم والتوجيهات والقيم والأخلاقيات التي جاء بها القرآن الكريم هي الأَسَاس الذي ارتكزت عليه هُــوِيَّة اليمن الإيمانية، والتي تجسدت في تلك المواقف الجهادية الخالدة التي سطرها أهل اليمن على امتداد تاريخهم الإسلامي، ولولا ارتباطهم بالقرآن الكريم وثقافته الخالدة لما كان لأهل اليمن هذا الانتصار التاريخي العظيم ضد أعظم ترسانة عسكرية استكبارية.
– اشرحوا لنا علاقةَ الهُــوِيَّة اليمنية بالجانب القَبَلي وكيف سعت المدنية للنيل منها، فيما ظلت القبيلة المخزون الاستراتيجي للقيم والمبادئ المعبرة عنها؟
القبيلةُ اليمنيةُ معروفةٌ بحرصها على الالتزام بالقيم والأخلاق الأصيلة وابتعادها عن كُـلّ ما يمس كرامتها وسمعتها، ولهذا كان القانون العرفي اليمني صمام أمان على امتداد التاريخ ضد كُـلّ مظاهر الاستلاب المستهدف للوعي والسلوك والعادات والتقاليد الأصيلة، ولهذا لا يمكننا أن ننكر دور القبيلة اليمنية وقوانين الأسلاف والأعراف في حماية هُــوِيَّة اليمن الإيمانية والتصدي لكل مظاهر السلوكيات الوافدة والغريبة.
– كيف نرسِّخُ الهُــوِيَّة اليمنية الإيمانية في ثقافة الأجيال؟ وما هي أنجع الوسائل المناسبة لحمايتها وتعزيزها؟
من الأهميّة بمكان أن نعملَ جميعاً على ترسيخ هُــوِيَّتنا الإيمانية وقيمنا الأصيلة في وجدان الأجيال الصاعدة لتكون قوية ومتماسكة تعتز بانتمائها وولائها الديني وهُــوِيَّتها التاريخية والحضارية من خلال تعزيز الحضور الفاعل لهم لمختلف المناسبات الدينية والاجتماعية والوطنية، وتعزيز علاقتهم بتاريخ أسلافهم المشرق وجهودهم في نصرة الدين ورفع راية الحق والتصدي للمعتدين والطغاة في مختلف العصور، كما ينبغي أن نعزز نشر الثقافة القرآنية والوعي الإيماني في وجدانهم بشكل كبير لخلق نماذج القُدوة الحسنة لديهم حتى ينشأ لنا جيل متمسك بقيمه ومعتز بهُــوِيَّته وولائه الديني والوطني، غير قابل للاستلاب والتغريب والاغترار بمظاهر الغرب وبهرجة حضارته الخالية من القيم والأخلاق.
– ما مدى إسهام المشروع القرآني وثورة ٢١ سبتمبر في إنقاذ هُــوِيَّة اليمن الوطنية والإيمانية والدفاع عنها بل وتنميتها وتعزيز صمودها أمام الثقافات الوافدة والمؤامرات الفكرية والثقافية الباطلة؟
للمشروع القرآن الخالد حضورُه الفاعلُ في إعادة تشكيل هُــوِيَّة اليمن الإيمانية بعد أن كادت مؤامرات الغرب أن تنحرفَ بها عن مسارها الصحيح، حَيثُ قامت بتنمية الشعور بالانتماء الديني وتوثيق الارتباط بالله -سبحانه وتعالى- ورسوله الكريم وأهل بيته الأطهار، وبعث الشعور بقيمة الفرد والمجتمع من خلال إعادة تشكيل وعي المجتمع بما يتوافق مع تعاليم القرآن الكريم ومنهجيته الرائدة في بناء الفرد والمجتمع.
ولا يمكن تجاهل دور ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر الخالدة في إعادة تموضع الشعب اليمني بمختلف شرائحه ومكوناته في الموضع الصحيح بعد سنوات من التيه والشقاق والخصومة السياسية والاجتماعية، حَيثُ استطاعت هذه الثورة أن تصهر جميع شرائح المجتمع اليمني في بوتقة واحدة ذات مسار ثوري تحرّري وتحت ظل راية قيادة ثورية رشيدة تستمد رؤاها من وحي ثقافة القرآن الكريم وتعاليمه الخالدة.
– ما أبرزُ مظاهر صمود وثبات وتجذر الهُــوِيَّة اليمنية في الوعي الشعبي اليوم؟
أبرزُ تلك المظاهر اصطفافُ مختلف شرائح المجتمع اليمني في خندقٍ واحد للتصدي لمختلف المؤامرات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، وتحول أفراد المجتمع اليمني إلى مصدر قوة لبناء المجتمع والارتقاء به في مختلف المجالات، وحرصهم على التصدي لمؤامرات الأعداء وثباتهم على موقفهم المناهض للهيمنة الأمريكية بمختلف أشكالها، وهذا يؤكّـد أهميّة الدور الذي تلعبه الهُــوِيَّة في تشكيل وعي الشعوب وتماسها وتحقيق انتصارها على مختلف التهديدات التي تواجهها.
– للأعلام والرموز والقيادات والنخب الدينية والثورية والسياسية والثقافية دور هام في إنقاذ وحماية هُــوِيَّات الشعوب.. من أبرز الأعلام والقيادات اليمنية التي لها بصمات ومحطات بارزة في حماية الهُــوِيَّة اليمنية خلال القرون والعقود الأخيرة؟
قد يكون من الصعوبة بمكان حصر وتحديد تلك الرموز الدينية والوطنية التي أسهمت في حماية هُــوِيَّة اليمن الإيمانية والوطنية، ولكن سنذكر البعض منهم ليتعرف المجتمع اليمني على قيمة وأهميّة الارتباط بهؤلاء القادة العظماء والسير على منهجهم التنويري.
في القرن الثالث الهجري كان الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين -عليه السلام- أول من أسس دولة يمنية مستقلة عن الدولة العباسية، واستطاع أن يحقّق الوئام والوفاق في أوساط المجتمع والقبيلة اليمنية بعد سنوات من الصراعات والحروب، فهو أول من أسس دولةً في اليمن في الوقت الذي كانت الدولة العباسية تعيث في الأرض الفساد.
وفي القرون التالية له ظهرت العديد من الشخصيات كشخصية الإمام عبد الله بن حمزة والإمام أحمد بن سليمان والإمام القاسم العياني وابنه الإمام الحسين بن القاسم، وبعدهم ظهرت شخصياتٌ أُخرى كشخصية الإمام شرف الدين وابنه المطهَّر والإمام القاسم بن محمد قائد الثورة ضد الاحتلال العثماني لليمن، وابنه الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم محرّر اليمن من الاحتلال العثماني، وأخيه الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم موحِّد اليمن، وغيرهم كثير.
وفي التاريخ المعاصر ظهرت شخصية إبراهيم الحمدي، كأبرز شخصية سياسية ذات مشروع نهضوي، واختتم المطاف بظهور الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي مؤسّس المشروع القرآني، والسيد القائد عبد الملك بدر الحوثي قائد ثورة اليمن ومسيرته القرآنية، ولا ننسى الشهيد الرئيس صالح الصمَّاد ورؤيته الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، وهؤلاء وغيرهم ممن لم نستحضر أسماءَهم هم القُدوة لنا في حماية هُــوِيَّتنا اليمنية الإيمانية والدفاع عليها فعليهم جميعاً سلام الله.