جمعةُ رجب..بقلم/ يونس عبدالرزاق
يحتفلُ أبناءُ الشعب اليمني بعيد جمعة رجب ذكرى دخول اليمنيين في دين الله أفواجاً وإيمانهم بالرسالة المحمدية عبر مبعوثه إلى اليمن الإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام-.
واعتاد اليمنيون على إحياء “جمعة رجب”؛ كونها الحدث الأبرز لتجديد ولائهم وارتباطهم بالإسلام وتعزيز القيم والمبادئ واستحضار الفضائل التي ساروا عليها منذ القدم، خَاصَّة ما يتصل بزيارة الأهل والأقارب والفقراء والمعتازين.
ويتفرد أهل اليمن في الاحتفال بهذه المناسبة الدينية الجليلة؛ باعتبارها جزءاً من مورثهم الثقافي وهُــوِيَّتهم الإيمانية التي تؤكّـد ارتباطهم بالرسالة المحمدية منذ دخولهم الإسلام، فضلاً عن الأجواء الروحانية التي تحيط بهذه الذكرى في بيوت الله.
ولا شك بأن اهتمام الرسول -صلى الله عليه وعلى وآله وسلم- بل اليمنيين والإشادة بهم في أكثر من حديث وفي أكثر من موطن لم يكن من باب توزيع الأوسمة وليس مُجَـرّد فضيلة كرم بها اليمنيين وإنما لدورهم البارز في نصرة الإسلام وفي مواجهة الجاهلية الأولى، ولمعرفة الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- عن الله سبحانه وتعالى بدورهم المستقبلي في مواجهة الجاهلية الأُخرى التي ستكون أشر من الأولى والتاريخ والحاضر تجسيد بين مصاديق واضحة لما ورد من أخبار عن الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- الذي لا ينطق عن الهوى.
يقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: (الإيمان يمان والحكمة يمانية)، ويقول رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- مخاطباً أمته وموجهاً لها: (إذا هاجت الفتن فعليكم باليمن).
ورد في البخاري في كتاب الفتن أن النبي -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- قال مرتين: (اللهم بارك لنا في يمننا اللهم بارك لنا في شامنا، قالوا: وفي نجدنا؟ قال هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان).
وفي البخاري ومسلم أَيْـضاً أن النبي -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- قال: (رأس الكفر نحو المشرق).
جمعة رجب هي عيد المسلمين واليمنيين بصورةٍ خَاصَّة، وهي التحول الأكبر في تاريخ اليمنيين من براثن الجاهلية إلى الإسلام والإيمان، بل هي أكبر تحول لليمنيين بدخولهم في الدين أفواجاً وهي فرحة بفضل الله ورحمته وبنعمته على الهداية، كما تمثل هذه الذكرى العظيمة أهميّة بالغة في تعزيز الارتباط بالهُــوِيَّة الإيمانية ويسلط الضوء خلالها على تلكم الأدوار المشهودة لأهل اليمن في إعلاء راية الإسلام ونشرها في أرجاء المعمورة.
ويشير السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي (في خطابه الذي القاه بمناسبة الذكرى السنوية لجمعة رجب 1442هـ) إلى أن إحياء جمعة رجب: “هذه الذكرى العظيمة المهمة اخترناها لأن تكون مناسبةً مهمةً وأَسَاسية لترسيخ الهُــوِيَّة الإيمانية لهذا الشعب العظيم، الهُــوِيَّة الإيمانية التي هي أشرف هُــوِيَّة تنتسب إليها الشعوب والأمم، وتتحلى بها، وتلتزم بها، لتبني عليها مسيرة حياتها، والتي هي الهُــوِيَّة الجامعة، التي يمكن أن يجتمع في إطارها كُـلّ البشر على اختلاف شعوبهم، وأعراقهم، واتّجاهاتهم، وعاداتهم، وتقاليدهم، ومناطقهم، وتنوُّع بلدانهم، على كُـلّ حال هي الهُــوِيَّة الجامعة التي يمكن للمجتمع البشري أن يجتمع في إطارها، وهُــوِيَّة عظيمة ومقدَّسة وشريفة، هي خير هُــوِيَّة يمكن أن يعتز بها شعب، وأن يفتخر بها بلد، وأن تنتسب إليها أُمَّـة، فنحن نبارك لشعبنا العزيز، ونسعى -إن شاء الله- مع كُـلّ الخيِّرين، مع كُـلّ الصالحين، مع كُـلّ المستنيرين بهدى الله -سبحانه وتعالى- لترسيخ هذه الهُــوِيَّة في شعبنا اليمني، الذي يمتاز بأصالته في انتمائه لهذه الهُــوِيَّة، وبمسيرة حياته على أَسَاس من هذه الهُــوِيَّة فيما كان عليه الأخيار والصالحون من أبناء هذا البلد جيلاً بعد جيل، وها هي مسؤوليتنا في هذا الجيل لنرسخ هذه الهُــوِيَّة للأجيال اللاحقة”.