سيناريو الوضع الأمني الصهيوني.. (3)..بقلم/ منذر خلف مفلح*
لم يُغير الكيان جلده، ولن يغيره، وكلّ أزمة داخلية ستصبح فرصةً لتصعيدٍ أمنيٍ صهيوني؛ مِن أجل تقييد الاحتجاجات، فالتصعيد الأمني، ووجود عدو خارجي أَو تهديد يُعتبر المعيار الذي يحدّد مستوى النشاط الاجتماعي الاحتجاجي في الكيان والجامع لأيةِ حكومة، والسّد لكل الثغرات في هذا النظام، فالكيان اليوم يعاني من أزمة عميقة، لا مخرج لها حَـاليًّا بشكلٍ هادئ، فالهدوء يعني التراجع عن مواقف الحكومة وَ(إصلاحاتها القضائية) واتّفاقاتها الائتلافية، مما يعني أولاً: إعادة رئيس الحكومة الصهيوني الحالي “نتنياهو” إلى أروقة المحاكم، وتهدّد منصبه، وكذلك تهدّد حكم اليمين المنتشي بانتصاره وحكمه، وهو ما سيخرج مارد العنف الداخلي من قُمقُمه تجاه القوى الليبرالية أَو الجماعات الأقل تشدّداً، في حين يدرك الطرف الآخر أن تمرير الإصلاحات القضائية، سيدمّـر ديمقراطية الدولة وأسس النظام، وسيُحولّها رويداً رويداً إلى دولة شريعة، ويُدمّـر حامي الدولة الجيش والقوى الأمنية الصهيونية.
والمتوقع أن الحكومة لن تتراجع، ولا القوى الرافضة ستتراجع رغم جهود البعض للإصلاح، فلا زال هناك خلافات بين بعض وزراء الحكومة الذين يُقدمون مشاريع قوانين دينية، أَو الصراع بين وزير الأمن، ووزير المالية على الصلاحيات الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
الحل لدى هذا الكيان وخَاصَّةً بعد التخوف من انهيارٍ اقتصادي، هو التقدم في المجال الأمني.
فهل هذا ممكن؟
لقد توجّـه “نتنياهو” للأردن؛ مِن أجل تهدئة الأوضاع، وخَاصَّةً فيما يتعلق بالقدس والضفة الغربية؛ مِن أجل التمكّن من مواجهة القضايا الداخلية، وربما أُديرت حوارات صهيونية عبر مصر لتهدئة الوضع في غزة، وذلك مدعوماً أَيْـضاً برؤية “نتنياهو” وحكومته الجديدة؛ باعتبار إيران هي العدوّ والتهديد الرئيسي، لعدة أسباب:
1. الضغط على إيران.
2. استجلاب الدعم من أمريكا وغيرها.
3. توطيد العلاقة مع الدول الخليجية.
4. استمرار الدعم للكيان.
5. تقييد حركة الاحتجاج الداخلي بضغطٍ أمني.
شَكلّ التدريبُ المشتركُ بين الكيان الصهيوني وأمريكا، والذي حاكى هجوماً عسكرياً واسعاً، أَو حرباً على إيران شاركت فيه القوى البحرية والجوية للدولتين نموذجاً للتصعيد الأمني الصهيوني الذي معه سيخلط أوراق اللاعبين الداخليين، ويضع العالم والمنطقة تحت ضغط اقتصادي، سيجعل أزمة الكيان جزء من الأزمة العالمية، والخروج منها جزء من خطةٍ عالمية.
هذا السيناريو قد توقفه آلية الضغط الاقتصادي الداخلي والأمني، “فنتنياهو” يعاني أمنيًّا من الصراع بين وزير الأمن (غالانت) ووزير المالية (سموتيرتش) الذي يطالب بالصلاحية عن سياسات الإدارة المدنية، ومنسق أعمال الحكومة الصهيونية في المناطق الحاكم الفعلي، ويعاني من مخطّطات بين “بن غفير” وزير الأمن القومي، الذي يطالب بتفكيك وترحيل الخان الأحمر، ويستمر باستفزازاته في الأقصى والقدس، وكذلك الأمر في السجون، حَيثُ من المتوقع أن تَتحوّل السجون لتحدٍ أمني، تتوقع الأجهزة الأمنية الصهيونية أن يكون الانفجار في مدةٍ زمنية لا تتجاوز شهر رمضان الذي يأتي مقارباً للأعياد اليهودية (شهرَي 3+4).
فهل نحن أمام لحظة تاريخية مناسبة لوضع أولويات وخيارات نضالية توائم سيناريو تطور الأوضاع الداخلية في الكيان، ومُمكنّات التصعيد الأمني، خَاصَّةً وأن الاحتلال يحاول تعزيز جبهة الصراع فيما يطُلق عليه شمال الضفة (جنين، نابلس) لتفريغ الاحتقان الصهيوني الداخلي، تجاه عدو خارجي (تحت سيطرته).
* مدير مركز حنظلة للأسرى والمحرّرين (كاتب فلسطيني).