قائلاً: يا ليت قومي يعلمون..بقلم/ كوثر العزي
مـن عمق الآيات القرآنية وجـد الشهيد القائد حسين بن بدر الدين، وفي طيات مناهـل المـعرفة تربع عليه السلام، قرأ الكتاب ببصيرة واتبـاع وسلك سنة جده بلا انحراف، حـرم مـا حرمه الله وأحلّ مـا أحله الله.
صاح فينـا الجـهادَ الجـهادَ، مـن صُلب بدر الهُدى خـرج منـارةُ المستبصرين، وكهفُ المستضعفين، وقرينُ القرآن، وشبيهُ كـربلاء.
جـاء من أقصى جبال مـران يسعى فينا لعلنـا بعد غفلتنا نفيق، وقبل غروب الشمس نصحوا..
قائلاً يا ليت اليمانيين يعـلمون بمـا يكيد لـهم الأعداء ومـا هـم بهم لصانعون.
تـأمل الشهيد القائد واقع الأُمَّــة وبدأ البحـث والتدقيق فيمـا أوصل الأُمَّــة إلى هذا الحال، ومن أين أتت هذه الضربة الـتي أنـزلتها مـن ذروة عـزهـا لـذل خضوعها!
مـن منطلق قوله تـعالى: “وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ”.
عرف الداء الذي يفتك بجسم هذه الأُمَّــة وينخـر عـمودها الفقري ليجـعلها في حضيض الـقاع تئـن وتحت الأقدام تُداس، تحت مـن قال الله فيه “أذلة”.
نعـم عـرف كمية الفساد الذي انتشر وتغلغل في أعمـاق هذه الأُمَّــة، تكـلم في محاضرة له قائلاً فيهـا: “الإنسان في واقع الناس يجد أننـا ضحية لـعقائد باطلة وثقافات مغلوطة جاءتنا مـن خارج الثقلـين كـتاب الله وعـترتـه صلوات الله عليه وعـلى آله”.
تحَرّك -عليه السلام- بعد ما رأى حـالة أُمَّـة جده كـيف باتت تتخبط بوسط الظلام، بعد ما تمّ منحـه لمنحـة دراسة في السودان وجد الظلم والطغيان وجد أمريكـا وإسرائيل كيف تعيث الفساد، فتدارك ما حثنـا الله عليه من تكـرار آيات الجـهاد وفرضه عـلى كُـلّ مـن استطاع وتأكيد الله على ضرورية النفير والجـهاد في وجه من يمثلون خطورة كبيرة جِـدًّا على الإسلام في كتابه، حَيثُ قال: “انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأموالكُمْ وَأنفسكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ” (41).
عاد لليمن وهو يحمل هـمّ أُمَّـة لـيتمّ ما جـاء به آل الرسول.
لقد كـان التحَرّك هو متطلبهُ في المـرحلة التي تعاصرها الأُمَّــة الـعربية وهـو مـاءٌ لـهذه الأُمَّــة المتعطشة، فهي تواقة لتعمـل على تذوق العـزة والحـرية وإعادة الكـرامـة، خُصُوصاً بعد مـا فقدت هذه الأُمَّــة الأمل في الأحزاب والطوائف وسئمت حـالة الذل والهوان.
الكـل يعرف ما أشجع ما قام به الشهيد القائد وأية خطورة يظن البعض أنه أقحم نفسه فيهـا!
وأي تحَدٍّ قام به؟!
لـم يسلم الشهيد القائد مـن التـهديدات الخارجية، والضغوطات الداخلية..
كـان لـ دولتنـا السابقة دوراً فعالاً في محاولة إيقاف المسيرة وجـعلت تـرسانتهـا العسكرية بمساندة أمريكية تصب في مـران لـجعل ابن بدر الدين يرفع راية الانهـزام لكـن ارتباطه بالله وثقته جـعلته أقوى رغـم قلة الأنصار وكـثرة النفاق، فكان أكبر من تلك التهديدات والضغوطات.
السيد حسين -رضوان الله عليه- بثورته الفكرية الثقافية الشاملة قاد أعظم ثورة على الثقافات المغلوطة والعقائد الباطلة التي تؤسس وتشرع للطغيان والظلم، ثار على الثقافات المنحرفة التي أوصلت المئات من الطواغيت إلى سدة الحكم وهيأت لهم الساحة ليحكموا الأُمَّــة بالقهر والغلبة هذه الثورة هي الثورة الحقيقية، الثورة الناجحة والمحصنة من أية اختراقات فلا أمريكا ولا غيرها قادرة أن تخترق مثل هذه الثورة، ثورة اتجهت إلى بناء أُمَّـة لا تقبل بالطواغيت ولا تنخدع بهم، ثورة تجعل الأُمَّــة تعرف من يحكمها وفق معايير قرآنية، ثورة لا مكان فيها لتلك الأفكار المنحرفة التي أوصلت المجرمين إلى سدة الحكم ليتحكموا على رقاب الأُمَّــة الإسلامية عبر تاريخها الطويل مهدت الطريق أمامهم ليصعدوا على أكتافها ويسومونها سوء العذاب حتى وصل بهم الأمر في هذه المرحلة إلى أن يبيعوا كرامة وعزة وشرف وحرية وثروات شعوبهم من أعداء هذه الأُمَّــة أمريكا وإسرائيل وأن يتآمروا على شعوبهم وأن يسخروا أنفسهم ليكونوا أدوات قذرة لخدمة أعداء هذه الأُمَّــة في ضرب شعوبهم وإذلالها وقهرها.