مؤسِّسُ المسيرة القرآنية..بقلم/ الاعتزاز خالد الحاشدي
يقول تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).
إننا في هذه الأيّام الرجبية المباركة نستعد وندشّـن الذكرى السنوية لاستشهاد السيد القائد/ حسين بدرالدين الحوثي، الذي كان استشهاده في يوم الـسادس والعشرين من رجب عام ١٤٢٥ه.
ذاك اليوم الذي كانت فيه نكبة الأمة بأن خسرت رمزاً من رموز آل البيت -عليهم السلام- وأعلامهم، هو يوم فاضت فيه روحه بعد حياة جهادية عظيمة، ارتقت تلك الروح إلى بارئها وتركت الأُمَّــة في يد شقيقه الذي لا يقل عنه شأناً في الحكمة والرشد والحنكة والقيادة والسيادة.
وها قد عادت بنا الذكرى إلى الأيّام الموجعة والآلام التي عانت منها محافظة صعده وأبنائها؛ بسَببِ ما ارتكبه النظام السابق من إجرام وظلم وطغيان وكل ذلك كان؛ بسَببِ أن رفع الشهيد القائد شعار البراءة من أعداء الله وقال كلمة الحق في وجه سلطان جائر.
الشهيد القائد المؤسّس والواضع حجر أَسَاس هذه المسيرة المباركة بدأ مسيرة حياته بالتمعن والتفكر فيما يدور من أحداث وكان يربطها بكتاب الله ثم يرى ويفكر هل تتناسب مع ما يأمرنا به الله أم لا، كان كُـلّ يوم يدرس قضايا الأُمَّــة ويؤنبه ضميره تجاهها ويجد أنه قد حان الوقت ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وقد وجب عليه التحَرّك في سبيل الله؛ لأَنَّه رأى أن الأُمَّــة أصبحت تتخلى وتنسى دين الله.
السيد حسين -سلام الله عليه- وجد نفسه في محط المسؤولية أمام الله تجاه هذه الأمة كما هو واجب كُـلّ مؤمن وخُصُوصاً من هم من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، تحَرّك الشهيد القائد وكله إيمَـان وثقة بالله ويقيناً لا يخالطه شك أن الله معه وسينصر دينه حتى وإن طال زمن الفاسدين والمنافقين.
بدأ السيد حسين -رضوان الله عليه- في تأسيس المشروع القرآني يليه دعم والده وإخوانه وأصدقائه وأهل قريته الذين لم يتخلوا عنه ولم يتردّدوا بالوقوف إلى جانبه لينهض بهذا المشروع العظيم ويؤسسه التأسيس التام الممزوج بهدى الله، ومن هنا بدأ بالانطلاق والسعي لينتشر هدى الله في بقاع صعده ثم ليصل إلى العالم كله.
انطلق الشهيد القائد وبكل ثقة وهو يتنقل من قرية لأُخرى ويعطي دروسه المستوحاة من كتاب الله التي لم ولن نستغنيَ عنها مدى الحياة.
ثم جاء اليوم المعلوم الذي لولاه لما ارتقت روح سيدنا إلى السماء وفاز فوزاً عظيماً، إنه يوم انطلاق شعار البراءة من أعداء الله اليهود والنصارى، هذا الشعار الذي ارتعبت منه الدول العظمى وزلزل كيان اليهود وجعلهم في دائرة القلق، أيعقل أن هذا الإنسان العظيم وجماعته البسيطة يرهب دولاً لا يتجرأ أحد على الوقوف ضدها؟
خافت وارتعبت هذه الدول من تلك الأصوات المدوية التي تستمد قوتها من الله جل جلاله.
صرخ الشهيد القائد بالشعار وصرخ كُـلّ من كان معه وانتشر دوي صداه حتى سمع العالم بأكمله ومن هنا بدأت أمريكا لعبتها القذرة مع الشهيد القائد وبدأ نظام عفاش بتلقي الأوامر منها وجهز جيشاً كَبيراً وكأنه سيقاتل عدواً خارجياً ليس من أبناء بلده، تحَرّك ذلك الجيش المغرر به نحو صعده وبدأت الطائرات بشن غاراتها على جميع أبناء المنطقة وبدأ الجيش المضحوك عليه بشن هجماته إلَّا أن هذا كله لم يثن الشهيد القائد عن التوقف عن مشروعه الذي أسسه بعناية الله وتوفيقه لم يكن تهمه حياته أَو أن يسيل دمه؛ بسَببِ هذا المشروع بل كان يجعل هم الأُمَّــة قبل همه ودمه قبل دمائها، واستشهد السيد حسين -رضوان الله عليه- وضحى بروحه في سبيل هذه الأُمَّــة وهذا المشروع العظيم والأهم من ذلك في سبيل الله.
استشهد -سلام الله عليه- وهو يعلم أن خلفه رجال من رجال الله لن يجعلوا كُـلّ تلك الدماء التي سالت في سبيل هذه المسيرة القرآنية تذهب سدى وهدراً، استشهد وأودع أمر المسلمين لأخيه الذي الآن يضج العالم لسماع اسمه، استشهد واثقاً أن ما أسسه لن ينسى أَو يتوقف عند استشهاده.
وما إنجازات اليوم وهذه الفضل الكبير إلَّا بفضل الله وبفضل دمك يا سيدي ولك عهدنا أن نواصل مسيرتك الجهادية ونحملها على أكتافنا حتى تنتشر في أرجاء الأرض، وأن نخلد ذكراك في قلوبنا في كُـلّ وقت وحين، فأنت من أعدت دين محمد إلى قلوبنا وعلمتنا الثقافة الصحيحة التي يجب أن نسير عليها.
ذكّرتنا بكتاب الله الذي غفونا عنه واستبدلناه بملاهي الدنيا، ذكرتنا بمسؤولياتنا أمام الله ورسوله وذكّرتنا من هم أعداؤنا ومن يجب أن نتبع ونتولى.
فسلام الله عليك يوم وُلدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حياً.