في رحاب الشهيد القائد..بقلم/ رحـاب القـحـم
لا تضيع الحقيقة وإن تم تغييبُها لفترة من الزمن، تظهر الوثائق مع الوقت لتكشف حقيقة الحروب الظالمة على صعدة، وأنها لم تكن حدثاً داخلياً بحتاً، بل ارتبطت بتحَرّك خارجي عدواني، في مقدمته الحضور الأمريكي الذي شارك عبر طائرات الاستطلاع في رصد وتصوير الخرائط للمناطق الخطرة في صعدة حسب توصيف إحدى الوثائق.
وفي السياق، تلفت وثيقة أُخرى إلى أن قرار المشاركة تم بموافقة جورج بوش الرئيس الأمريكي حينها، فيما ساهمت ألمانيا عبر طائرات استطلاع قُـبيل الحرب السادسة، انطلاقاً من مبرّر احتجاز الرهائن الألمان التي كشفت الأيّام بأنها لم تكن إلا ذريعة الحرب، فيما بقيت الطائرات الأمريكية تزود نظام صنعاء بالمعلومات والخرائط، انطلاقاً من دوافع عدوانية استهدفت القضاء على المشروع القرآني، لكنها فشلت وتراكم فشلها عاماً بعد آخر حتى اليوم، بينما المشروع يتعاظم بفضل الله، ومعه اليمن يشكل رقماً صعباً على مستوى الإقليم.
في الأولى يطالب علي صالح من وزير داخليته بأخذ الضمانات عن المكبرين والالتزام بالامتناع عن ترديد الشعار في أي مكان لإنهاء قضية التمرد حَــدّ وصفه، متجاهلا دوافع الحرب المعلنة ومزاعمها التي قتلت ودمّـرت دون هوادة، كالدفاع عن الجمهورية ومواجهة الإمامة المزعومة، وفي الوثيقة الأُخرى يتسول صالح دعما إماراتياً استنادا إلى ما استعرضه في رسالته لحاكم الإمارات من خسائر مالية تقدر بأكثر من ثمانمئة وخمسين مليون دولار، وعشرات المليارات مسجلة كخسائر مادية ومنظورة، وفي النتيجة لا الأموال الباهظة ولا الحشود البشرية أطاحت بروح المشروع القرآني ومبادئه ولم تمنع الشهيد القائد من رسم المعالم الأَسَاسية للنهوض بالأمة لمواجهة الطغاة والمستكبرين، ومن خلال المعطيات والإنجازات على الأرض ما يبشر بنصر كبير وعظيم خلال المرحلة القادمة وما ذلك على الله بعزيز.
السلامُ عليك يا سيدي قائداً وشهيداً، السلامُ عليك يومَ نهضتَ في زمنِ الصمت، السلامُ عليك بنظرتِك الثاقبةِ العابرةِ للحدود، حدودِ الزمانِ وحدودِ المكان، السلامُ عليك يا سيدي بأن أعدتَ للأُمَّـة ثقتَها بنفسِها، وجعلت من أحفاد الأنصار أمهً يفاخَرُ بها بين الأمم، وصنعتَ من اليمنيينَ أُمَّـة لا تقبلُ الهزيمة، السلام عليك يومَ قالوا لك “إنا لمدركون” فقلتَ لهم بكلِّ ثقة، كلا: إنَّ معي ربي سيهدين، متوكلاً على الله، واثقاً بوعد الله بالنصر، رغم قلةِ الناصرِ وكثرةِ المتخاذلين، مطمئناً إلى صوابيةِ المشروعِ رغم وعورةِ الطريقِ وكثرةِ المخاطر.
السلامُ عليك يوم احتشد عليك شذاذُ الآفاقِ لقتالِك ولم تتزلزل ولم تتراجع ولم تخضع، وهل مثلكُ يخضعُ إلا لله، السلام عليك يومَ حاصروك في جرفِ سلمانَ ومنعوا عنك وعن أصحابك الغذاءَ والدواءَ وقطعوا عنكم الماءَ وصبّوا عليكم حممَ حقدِهم، السلام عليك يومَ حاولوا إحراقك ومَن ومعك من أهلِك وأبنائك داخل جرفِ سلمان، السلام عليك يومَ صعدت روحُك الطاهرةُ شهيداً بأيدي العملاء، وبرصاصِ الغدرِ والخيانةِ فقدمتَ بدمِك شاهداً على عظمةِ دينٍ لا يقبلُ الهزيمة، السلام عليك يوم كسرتَ العصا التي كانوا يرَونَها غليظةً وكنت تراها قشّة، لقد كنت يا سيدي أُمَّـة في رجل، فصنعت أُمَّـة لا تقبلُ مشاريعَ الخيانةِ والتطبيع، تحت عنوان “الإبراهيمية” وهي منهم براءٌ لفرض زعامةٍ دينيةٍ يهودية، السلام عليك وهذا عرفانٌ لك بأن هيأتَ أُمَّـة مؤهلةً لمقارعةِ أغنى وأعتى الدولِ مالاً وعدّتها عتاداً.
وَلا شك أنك تراقبُ الأحداثَ من عالم الشهادة نلجُ إلى العامِ التاسع في مواجهةِ العدوانِ بكلِّ قوةٍ وعزمٍ وبصيرةٍ عالية، متسلحينَ بالإيمانِ وَبالثقةِ ذاتِها التي كنتَ عليها (كلا إنَّ معي ربي سيهدين)، جاعلينَ من معاناتِنا حافزاً إضافياً، وعزماً جديدًا، للتصدي لمحورِ الشر، عابرينَ كُـلّ التحدياتِ من الحروبِ الأولى إلى الحربِ الكونية، وها نحن يا سيدي نخوضُ حرباً هي الأكبر في مواجهة أكبر الدولِ مالاً وسلاحاً ونفوذاً، ومسيرتُنا التي تأسست على التقوى من أول يوم.. تقوى عاماً بعد عام.. وهي الآن في مرحلةِ الفتوّةِ، تزدادُ قوةً إلى قوّتِها، وتتسعُ رغم محاصرتِها ومحاربتِها، والتكبر نمت رغم محاولاتِ وأدِها، وتلك والله ثمرةٌ لجهدِك المبارك، وبركةٌ من بركاتِ دمِك الطاهر أنت ومَن كانوا معك من الرجالِ السابقينَ الصادقينَ، من قضَوا معك نحبَهم ومَن لايزالون ينتظرون ويواصلونَ الطريق، وفي مقدمتِهم السيدُ القائدُ الذي منّ الله به علينا رغمَ الإصرِ والتقصيرِ الذي ارتكبناه، قائداً حكيمًا ما دخلَ حرباً إلا كان النصرُ حليفَه وإنّا نبشركَ يا سيدي بأن ما كانوا يخشَونهُ باتَ حقيقةً يرونَها بأمِّ العين، وتلك حقيقةُ الوعدِ الإلهيّ، “وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الذين استُضعِفوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوارثين وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرض وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامان”.