السيد حُسين عالمي النظرة ووحيدُ عصره..بقلم/ خديـجة المرّي
من صعدة الصُّمُود والإباء، ومن أرضِ مران الفِداء، آتى نُور البدر على الدُّنا، حاملاً الهدايةَ والضياء لأمةٍ ضاعت، وتاهت، وتناثرت كالهواء، صادعاً بالحق مُدوياً قد أبى، يرفع شعار البراءة في وجه أمريكا وإسرائيل ومن كفر.
عين على الأحداث، وعين على القرآن، كانت نظرة الشهيد القائد-رضوان الله عليه-، نظرة عالمية، ورؤية قرآنية بحكمة، ووعي، وبصيرة، تعمق في المسار، وتأمل وتدبر القرآن، ونظر إلى واقع الأُمَّــة كيف سَيكُون؟!
وأتى بالحلولِ بمصداقية وقُبول تحتل الأفكار والعقول، استنهض الأُمَّــة بِوعيه، وفكره، وبصيرته.
اصطفاه الله لهداية الأُمَّــة، ليكشفَ عنها الغُمة، ويكُون لها أعظمَ نعمة، فأتى من هُدى القرآن، بِملازم فيها الهداية والبيان، وليس التساؤل والجِدال، مَن يقرأْها يزدَدْ وعياً في المسار، ويسعَ بِكل جِدٍّ واهتمام، ليتحَرّكَ بثقة وقُوة يُجاهد في كُـلّ ساحة وميدان.
وأطلق صرختَه المُدوُية مثلمّا كالإعصار، ولم يخش في الله لومة لائم، إلى شِعار المُقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، التي تسعى لنشر سُمُومها في المنطقة، فانزعج منُه الأعداء من بني صهيون، واتجهوا لِمُحاربة هذا المشروع، وأرادوا إسكات صوت الشهيد القائد، وقالوا علينا ضُغُوطات من الأمريكان، فأجابهم قائلاً: ونحنُ علينا ضُغُوطات من الله بأن لا نسكت ونتحَرّك أمام أعداه، وزاد الحقد والتآمر، وأصبح المشروعُ مُحارباً.
السيد حُسين بِنظرته الحكيمة والقرآنية، وفي زمنٍ التخاذل والسكوت، والآخرون في صمت وقيُود، كشف الحقائق؛ لكي تتجلى الشواهدُ في الواقع، ليتغربل المُؤمنُ الصريحُ من المُنافق، فشنت السلطة الظالمة على البدر الحروب، لكي يُوقفوا مشروعه ويرفض السكوت، ولكنهَ أبى إلا أنّ يُواصل ويُجاهد، في وجه كُـلّ مُستكبر وحاقد، وأرادوا إنّ يسكتُوا صرخاته من مران، فإذا بِها تدوي في كُـلّ البُلدان، وأرادوا إطفاء مشروعه الحق والعظيم: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون).
وها نحنُ اليوم يا سيدي نُحارب كما حُربت، وتُشن علينا أعتى حرب في الساحة عرفها التاريخ، وتكالبت علينا قُوى العالم بأفتك القذائف والصواريخ، والأسلحة المُحرمة دوليًّا، قتلوا شعبك يا سيدي كما قتلوك، وحاصروه كما حاصروك، وصبوا عليه حِقدهم وغاراتهم كما صبُوا عليك، هَـا هي قُوى العمالة والاستكبار، تُريد إخضاعنا، وإركاعنا، وأن نُصبح لقمة صائغة في أيديهم ليسهل عليهم السيطرة علينا.
ولكننا يا سيدي بِفضل الله، وبِفضلك وفضل مشروعك العظيم، راينا تجلي وشواهد هذا المشروع في الواقع، فما هذا الصمـود الذي نحنُ فيه اليوم والثبات، إلاّ ثمرة من جهودك يا سيدي، وإلّا لما استطعنا المُواجهة والتصدي لهذا العدوان على شعبنا وأمتنا، لقد صمد شعبنا كما صمدت، وثبت كثبات الجبال الشامخات لا تلين كما ثبت، وازداد قوة وعنفواناً وعزيمة كما كنت.
فسلام الله عليك يا سيدي يوم ولدت، ويوم جاهدت في الله حق الجهاد، ويوم انطلقت بمشروعك وصرختك وهزئت بها عروشُ الطغاة، وسلام الله عليك يوم استشهدت وصنعت نصراً عظيماً يتغنى بِه الأحرار، يا سيدي يا وحيد عصرك لك منا العهد والقسم بأننا في مسيرتك القرآنية سائرون، ومع قائدنا العلم أبا جبريل ماضون، مُجاهدون، وصادقون، ومخلصون، لن نتراجع أو نتهاون، أو نميل، والنصر حليف المُؤمنين، والعاقبة للمتقين: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيم).