نائب رئيس قطاع الثقافة والإعلام أ/ يحيى المحطوري في حوار لصحيفة “المسيرة”: الشهيدُ القائد قدّم الرؤيةَ القرآنية الهادفة إلى معالجة الخلل الواضح في ثقافة الأُمَّــة
المشروع القرآني شاهدٌ على عظمة دين الله وعلى حكمة القرآن ومواقفه
المشروعُ القرآني هو المشروعُ الوحيدُ والأولُ الذي قدّم للأُمَّـة الحلول الشافية لجميع المشاكل التي تعاني منها في جميع مجالات حياتها عبر التحَرّك الصحيح والوعي الإيماني، وامتلك القدرة الكاملة على مواجهة أهل الكتاب من خلال رؤية نافذة وعميقة تنطلق من كتاب الله، وعبر دراسة ثاقبة للأحداث الماضية والمستجدة، ولمعرفة الكثير عن هذا المشروع وقائده المؤسّس، ومن الزاوية الثقافية بشكلٍ خاص، أجرت صحيفة المسيرة حوارًا مع نائب رئيس قطاع الثقافة والإعلام؟ الأُستاذ/ يحيى المحطوري..
إلى نص الحوار:
مرحباً بكم أُستاذ يحيى في هذا الحوار، وعظّم الله لنا ولكم الأجر في هذه الذكرى الأليمة والمصاب الجلل، ذكرى استشهاد الشهيد القائد “رضوان الله عليه”.
- بداية.. ما الذي يعنيه مبدأ الاصطفاء الإلهي؟
- في البداية عظم الله أجر الجميع بهذه المناسبة والذكرى الأليمة، ذكرى خسارة أمتنا الإسلامية لقائد قرآني عظيم، ورمز من رموز الإسلام، في ذكرى استشهاد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه.
هذه قضية فكرية معروفة، ولا يمكن أن نورد شرحها كاملاً في مقابلة صحفية، والمرجعية في ذلك الرؤية القرآنية التي قدمها الشهيد القائد -رضوان الله عليه- من دروس ومحاضرات من هدي القرآن الكريم.
ولكن يمكن القول: إن الاصطفاء هو الاختيار، وهو سنة إلهية في هداية الله لعباده وتوجيههم وإرشادهم ودعوتهم إلى عبادته، بأن يبعث ويرسل إليهم من عباده من يدلهم إليه ويسير بهم في الأرض وفق أحكامه وهدايته وتشريعاته.
وقد ذكرها الله سبحانه في القرآن الكريم في آيات كثيرة:
“إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إبراهيم وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ، ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” (آل عمران 33-34).
“قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ” (النمل:59).
“اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ” (الحج:75).
“ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ” (فاطر:32).
وكما أن الله قد نظم شؤون هذا الكون بتدبيره التكويني، ورسم له نظاماً دقيقاً يدل على عظمته، فَـإنَّه قد تكفل بتدبير شؤونهم أَيْـضاً في جانب الهداية والتشريع، واختار لهم من البشر رسلاً وأنبياء وورثة للأنبياء، يدعون الناس إلى عبادته ويجسدون النموذج الكامل للحكمة من الاستخلاف في الأرض، ويقدمون الشهادة على عظمة دين الله وهديه، وأنه هو النظام الوحيد الذي ينظم حياة البشر كما أراد الله سبحانه.
ومن تكريم الله لبني آدم، أن يختار لهم رموزاً وقدوات على أرقى مستوى من الكمال الذي يمكن أن يصل إليه البشر، ويهيئهم لأداء هذه المهمة وللقيام بهذا التكليف.
- ما هي المؤهلات التي امتلكها الشهيد القائد -رضوان الله عليه- حتى أصبح قائداً عالميًّا بعالمية مشروعه؟
- السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، كان رجلًا استثنائيًّا وقائداً ومرشداً قرآنياً، رجلَ دين وسياسة، يحمل في شخصيته مواصفات المسلم الحقيقي وصفات المتقي التي تحدث عنها القرآن الكريم في أرقى المستويات التي يمكن أن يصل إليها الإنسان.
كان قائداً عظيماً يحملُ وعياً كاملاً بخطورة المرحلة وما يجب عمله في مواجهة هذه الخطورة، برؤية شاملة لا ينفصل فيها التحَرّك الديني عن الموقف السياسي الناتج عن ذلك التحَرّك أَو الذي يمثل انعكاساً له.
كان قائداً يحمل إدراكاً كاملاً لكل أسباب الانتصار ولكل عوامل الهزيمة من منظور قرآني يعكس التجارب التي عرضها الله في كتابه الكريم، لذلك فهو يملك رؤية عسكرية عميقة، ويعرف أهميتها وانعكاساتها على الواقع السياسي وقدرة كُـلّ جانب في التأثير على الجوانب الأُخرى.
وهو يحمل كُـلّ مواصفات القيادة الحكيمة، والمتأمل لمشروعه الفكري والثقافي الذي أسس فيه لبناء أُمَّـة قرآنية تكون شاهداً على عظمة دين الله وعلى حكمة القرآن ومواقف القرآن، يجد كيف كان طرحه شاملاً وتشخيصه دقيقاً لكل الأسباب التي أَدَّت إلى انحطاط الأُمَّــة، وكيف قدم الحلول القرآنية لاستنقاذ الأُمَّــة من هذا الانحطاط على كُـلّ المستويات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية والدينية.
في تحَرّك جهادي شامل يعزز بعضه حضور البعض الآخر، ويشكل كُـلّ جانب حلاً عمليًّا للجانب الآخر في كُـلّ المعوقات أَو الصعوبات التي من المحتمل أن تواجه هذا المشروع.
- شخّص الشهيد القائد -رضوان الله عليه- واقع الأُمَّــة ووصفه بالسيء، ما الرؤية التي تبناها من وراء هذا التقييم؟
- السيد حسين بدر الدين قدم المشروع المتكامل لمواجهة العدوان الأمريكي، انطلاقاً من القرآن الكريم وهداه العظيم وحكمته البالغة، بالاستفادة من المعرفة الكاملة والدقيقة بالواقع السيء الذي عاصره، وبخبرته ومعرفته بالتجارب التي جاهد فيها؛ مِن أجل تقديم الحق والعمل به، وإعلاء كلمة الله بكل الوسائل الممكنة.
ولفهمه العميق وإدراكه الكبير ووعيه العالي بطبيعة الصراع مع أهل الكتاب في هذا الزمن وأنه صراع شامل، وليس صراعاً سياسيًّا فقط، فقد قدم المشروع المتكامل القادر على المواجهة.
وقدم الرؤية القرآنية الهادفة إلى معالجة الخلل الواضح في ثقافة هذه الأُمَّــة، والذي انعكس في واقع الحياة انحطاطاً وذلاً وواقعاً مأساوياً.
فقام بإنزال الرؤية القرآنية على الواقع الذي تعيشه الأُمَّــة تقييماً وتشخيصاً وحلاً، وكان طرحه حكيماً وملامساً للواقع.
واعتمد -رضوان الله عليه- على التشخيص لأسباب المشاكل التي تعاني منها الأُمَّــة من منظور القرآن الكريم، والتي أَدَّت إلى الواقع السيء الذي تعيشه الأُمَّــة، وشخص ما تعيشه الأُمَّــة كنتائج لتلك الأسباب، ثم قدم المعالجات القرآنية الشاملة والحكيمة للأسباب الرئيسية لتلك المشاكل، وعندما عولجت الأسباب انتفت النتائج.
- ما هو الجديد الذي شكا منه الشهيد القائد -رضوان الله عليه- في قوله (نحن لم نأت بجديد، وإنما نشكو من الجديد)؟
- العقائد الباطلة والثقافات المغلوطة المخالفة للقرآن الكريم، والتي لها انعكاسات سلبية في واقع الحياة، وشكلت أبرز الأسباب للواقع المأساوي الذي تعيشه الأُمَّــة، وفصلت الدين عن واقع الحياة، وعزلته بعيدًا عن التأثير أَو التدخل في شؤون الناس.
وقد تراكمت هذه الثقافات على كاهل الأُمَّــة عبر قرون من الزمن بفعل دول الجور وعلماء السلاطين والملوك، وغيرها من العوامل الأُخرى.
- كيف تصفون المرحلة التي ظهر ونشأ فيها هذا المشروع؟
- هي مرحلة الهيمنة الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر، حَيثُ شهدت الظروف الدولية في تلك المرحلة هجوماً أمريكياً شرساً على الإسلام كدين ونظام حياة، وعلى أبناء الإسلام كشعوب تنتمي إلى هذا الدين وإلى رموزه ومقدساته.
في حالة من الاستكبار الرهيب والغرور العجيب للقوة العالمية التي استفردت بقرار العالم بعد اختلاق الذرائع التي تبرّر لها ذلك، وفي ظل صمت وخنوع وطاعة مطلقة من كُـلّ الحكومات والأنظمة في الدول الإسلامية بلا استثناء.
أما الظروف الداخلية في اليمن التي كانت تعيش تحت وطأة الحكم الطاغوتي، الذي استحكمت قبضته حينها على البلد بالحديد والنار، وبأجهزته الأمنية الوحشية، وبقضائه المسخر لخدمة أهدافه السياسية، وقواته المسلحة التي ما قتلت إلا أبناء الشعب.
في تلك الظروف الصعبة، والمرحلة الحرجة، بدأ السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، بالدعوة إلى ترديد الشعار في كُـلّ جمعة وفي كُـلّ اجتماع.
وترافق مع تلك الدعوة دروس ومحاضرات من هدي القرآن الكريم ركزت على إيقاظ الأُمَّــة وتنبيهها وتحذيرها من الخطر المحدق بها.
- كيف استطاع الشهيد القائد انتشال الأُمَّــة من مستنقع الضلال وإخراجها إلى النور القرآني؟
- استطاع ذلك عندما ركز على ضرورة العودة إلى القرآن الكريم، وإحياء الشعور بالمسؤولية الدينية، وإحياء الروحية الجهادية، وكذلك عندما قام بإنزال الرؤية القرآنية إلى الواقع وحول الدين إلى مواقف عملية تسعى إلى إيقاظ المجتمع وتنبيهه من المصيرِ السيءِ الذي يتجه نحوه، وقدّم الحلولَ القرآنية لكل المشاكل التي تعاني منها الأُمَّــة، عبر التحَرّك القرآني الصحيح والواعي تجسيداً لقول الله تعالى: “قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ” (المائدة: 15-16).
وقوله: “كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إلى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ” (إبراهيم:1).
- البعض يصنف المشروع القرآني ما بين السياسي والثقافي، ما تعليقكم على ذلك؟
- يعتبر المشروع القرآني مشروعاً متكاملاً، والعمل السياسي جزء من هذا المشروع وملامحه اختلفت من مرحلة إلى أُخرى وبحسب التحديات التي كانت في كُـلّ مرحلة.
وهو في الأَسَاس لا يركز على الوصول إلى المنصب أَو البحث عن السلطة، كحال بقية الأحزاب، بل على تثقيف الشعب وإنقاذ الناس وتحصينهم وتوعيتهم بخطورة العدوّ الذي يستهدف الجميع.
ولذلك فقد كان العمل الثقافي والسياسي من وسائل إيصال صوت هذا المشروع إلى الجماهير المظلومة التي تبحث عن الخلاص من قبضة الطاغوت المستحكمة على كُـلّ شيء في البلد والعابثة بكل مقدراته وثرواته.
والعمل السياسي والثقافي ضمن مشروع متكامل يهدف إلى بناء الأُمَّــة ثقافيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعياً وعسكريًّا وأمنيًّا وفي مختلف المجالات.
- استبق الشهيد القائد رضوان الله عليه، تحَرّكه العملي بإطلاق هتاف الصرخة في وجه المستكبرين، ما قيمة ذلك؟
– تزامنت الدعوةُ إلى رفعِ الشعار مع تقديم الشهيد القائد -رضوانُ الله عليه- لمشروعه القرآني، وبداية التحَرّك العملي، وقيمتها أنها كانت عملاً ثقافيًّا وفكرياً وسياسيًّا متاحاً في تلك المرحلة من الاستضعاف وانعدام القدرة على اتِّخاذ مواقف أقوى وأكبر، وكانت عنواناً لمشروع جهادي قرآني تصاعدت مواقفه مع مرور الأيّام وتعاظم الأحداث.
ومثلت الصرخة عنواناً لتحَرّك شعبي وجماهيري لمواجهة الخطر الأمريكي في ظل تلك الظروف الصعبة، وجه بوصلة العداء إلى الأعداء الحقيقيين للأُمَّـة الإسلامية.
كما أنها حطمت جدار الصمت، وحقّقت نقلة نفسية ومعنوية وواقعية وعملية، وأوجدت سخطاً كَبيراً ضد الأمريكيين مثل حافزاً مهماً للنهوض بالأمة.
كما أنه فضح الأمريكيين في أهم دعاياتهم الكاذبة عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومثل سلاحاً مهماً في مواجهة الحرب النفسية وحرب المصطلحات معهم.
- ما هو الأُسلُـوب الذي اعتمده الشهيد القائد رضوان الله عليه، في تقديمه للهدى، حتى تمكّن من التأثير الموضوعي واحتواء جميع المستويات الفكرية بخطابه؟
- الشهيد القائد رضوان الله عليه، دعا المسلمين إلى ما دعاهم الله إليه، وحرص أن لا يؤطر المشروع القرآني بأطر سياسية أَو مناطقية أَو مذهبية، تحول دون وصوله إلى كُـلّ الفئات، أَو تشكل عائقاً لأي طرف من تبنيه والاندفاع بقوة لتحمل مسؤوليته الدينية والوطنية والأخلاقية إزاء ما يواجه الأُمَّــة من مخاطر وتحديات.
وقد تفرد الشهيد القائد رضوان الله عليه، في استخدام الأساليب القرآنية الفاعلة والمؤثرة، في عرضه وتقديمه لمشروعه الفكري القرآني، كأُسلُـوب التقييم للوضعيات بما له من أثر عظيم في تحديد مستوى الخطاب ونوعيته والتدرج في تقدميه للارتقاء بوعي الناس، وأُسلُـوب التذكير المُستمرّ، بمختلف جوانبه وعواقب نسيانه وتركه والغفلة عنه.
كما ركز على أساليب التخويف والترهيب والترغيب، وفق المنظور القرآني وأهميتها في التأثير النفسي وصناعة القناعات.
كما شدّد على ضرورة مقارنة مخاطر النهوض بالمسؤولية ومخاطر التفريط والتقصير فيها.
وركز على أهميّة التبيين والتوضيح لمختلف المواضيع والقضايا الهامة لتثبيت القناعات الإيمانية وترسيخها لدى الناس، والحيلولة دون قدرة الأنشطة الظلامية والمعادية في الساحة الإسلامية على التأثير عليهم.
وقد كان لهذه المنهجية العظيمة أثرها الكبير وأهميتها البالغة في خلق القناعات الراسخة لدى الناس، ودفعهم للتحَرّك العملي الصحيح للقيام بالمسؤوليات في مختلف الجوانب.
- أول دروس الهدى للشهيد القائد رضوان الله عليه، بعنوان يوم القدس العالمي، ما الحكمة التي أراد إيصالها للأُمَّـة؟
- أن فلسطين هي القضية الأولى والمركزية لهذه الأُمَّــة، وأن الصراع مع اليهود صراع وجودي، وخطره على كُـلّ أبناء الأُمَّــة وليس على الفلسطينيين وحدهم، وقد قدم الشهيد القائد -رضوان الله عليه- في هذه المحاضرة، خارطة عناوين لأهم المواضيع التي تناولها بالدروس والمحاضرات القرآنية التي قدمها في الأيّام الأولى لانطلاقة المشروع القرآني.
- للشهيد القائد رضوان الله عليه 15محاضرة تحت عنوان معرفة الله، لماذا ركز على هذا الجانب بالدرجة الأولى؟
- ركز الشهيد القائد على موضوع معرفة الله كموضوع أَسَاسي في مشروعه القرآني وذلك إدراكاً منه لخطورة ضعف الثقة بالله وأثرها السيء في واقع الحياة، وكذلك خطورة عدم التفاعل مع هدى الله وعدم الجدية في الالتزام به وعدم التعامل الصحيح معه.
ونبه كَثيراً على أهميّة ترسيخ معرفة الله من خلال القرآن لتعزيز الثقة بالله وُصُـولاً إلى الإيمان بقَيُّومية الله وعظمته وألوهيته وعزته وشهادته الدائمة، وأنه قائم بالقسط.
وقد أكّـد على ضرورة الاعتماد على القرآن في الثقافة والمعتقدات وقصور علم الكلام في تقديم معرفة الله بالشكل الصحيح.
كما ركز على أهميّة استشعار وتذكر نعم الله وأثره في الجانب الإيماني، وفي ربط استقامة الحياة بهدى الله، وذلك لأهميّة تذكر النعم في خلق معرفة قوية بالله، وعلاقته بإبعاد الإنسان عن المعاصي، كما وضح أهميّة تذكر النعم وعلاقتها في النهوض بالجانب العلمي، والإبداع والإنتاج والتصنيع.
وركز في هذه الدروس على التذكير بعظمة الله في خلق السموات والأرض وشهادته على كُـلّ شيء، وحاكمية الله سبحانه وعظمته وحكمته في تدبير الأمر، وحكمته في الاختصاص بالتشريع.
مؤكّـداً على ضرورة معرفة الله من خلال تمجيده وتعظيمه وعرض الثناء عليه بكماله المطلق ومن خلال التعرف على مظاهر رحمته، ومن خلال ما يعرضه القرآن الكريم من أسمائه الحسنى.
وفي مجال الوعد والوعيد أوضح أهميّة ترسيخ معرفة الله من خلال وعده ووعيده والإيمان بالبعث واليوم الآخر والجنة والنار مركزاً على أهميّة التخويف بأهوال يوم القيامة ومحذراً من خطورة عدم الإيمان بوقوع الجزاء على الأعمال في الدنيا، وعلاقته بالقدرة على تقييم الواقع وفق رؤية صحيحة، وأن نقيم الأحداث التي تحصل كعقوبات على التقصير ونتفادى آثارها في واقع الحياة، مذكراً بخطورة عذاب جهنم وأهميّة مقارنته بتهديدات الآخرين.
أي أنه لم يقدم معرفة الله بالطريقة التقليدية التي دأبت عليها كتب الأصول واعتاد عليها علماء الكلام؛ لأَنَّها غيبت دور القرآن الكريم في معرفة الله وقدمتها كمسائل جافة لا علاقة لها بالجانب النفسي والوجداني للإنسان.
- اعتبر رضوان الله عليه، المقاطعة الاقتصادية سلاحاً فعالاً في مواجهة اليهود، فمن المعني بتفعيله؟
- المعني بتفعيله الجانب الرسمي والشعبي، فدعوة المقاطعة ركزت على أهميّة الوعي الشعبي والجماهيري بأثرها وفاعليتها وقدرتها على التأثير على العدوّ، كما أن الجهاتِ المعنيةَ بالجانب الاقتصادي معنيةٌ باتِّخاذ التدابير اللازمة لتفعيل هذا السلاح.
- تحَرّك الشهيد القائد رضوان الله عليه، أيقظ حكام البيت الأبيض، وجعلهم يهرولون للنيل منه، لماذا؟
- لأن اليهود يعملون على مواجهة الخطر قبل وقوعه، فعملوا على وأد المشروع القرآني في مهده، ولأنهم يخشون أن يتحول عداء العرب والمسلمين لأمريكا إلى عداء ديني كما صرح بذلك السفير الأمريكي أدموند هول قبل الحرب الأولى على مران.
- ما الذي حقّقه المشروع القرآني؟
- رغم كُـلّ الحروب والمآسي التي واجهت هذا المشروع منذ بدايته، إلا أن أنه تمكّن من تغيير الواقع، وشارك بفاعلية في ترشيد القرار السياسي المتعلق بمصير البلد، وقدم الحلول المنسجمة مع متطلبات الواقع، وأصبحت المسيرة القرآنية أبرز الحركات الصاعدة على مستوى المنطقة بكلها.
وخلال فترة وجيزة وسنوات معدودة أوصل هذا المشروع اليمن إلى قوة إقليمية مؤثرة على المستوى الإقليمي والدولي، إضافة إلى تأثيره المحلي كمكون أَسَاسي من مكونات البلد ساهم وما يزال في الثورة، وفي الحفاظ على كيان الدولة وهيبتها.
وقد ساهم حملة هذا المشروع في إدارة الحياة في اليمن، وواجهوا كُـلّ مؤامرات الخارج التي تهدف إلى سحق البلد بأكمله والقضاء على ما تبقى من جيشه ودولته.
وكانت المسيرة القرآنية وقادتها في طليعة الشعب في الدفاع عن بلدهم ودينهم وعرضهم.
وقدموا تجربة سياسية فريدة في إدارة الدولة والحفاظ على الجبهة الداخلية وحقّقوا الكثير من الانتصارات السياسية على مستوى الداخل والخارج، ووصلوا إلى مرحلة الردع العسكري للعدو بقوة الله وفضله.
وكان المشروع القرآني قادراً على بناء المجتمع ابتداء بالفرد البسيط كعنصر أَسَاسي في كُـلّ معادلات الحياة، ورسخ القناعة لدى فئة كبيرة من المستضعفين من أبناء الشعب أنهم قادرون على أن يكونوا رقماً مهماً في هذه الحياة، فكانوا كذلك.
- لو لم يكن المشروع القرآني، ما البديل حينها؟
- القبول بالهيمنة الأمريكية والاستسلام لاحتلال اليمن وبيع كرامته وحريته واستقلاله، وما يترتب على كُـلّ ذلك من هلاك للحرث والنسل وضياع لحاضر الأُمَّــة ومستقبلها، والتضحية بكل شيء دون تحقيق أي شيء.