المشروعُ القرآني العالمي وخطابٌ يتجاوز الحدود..بقلم/ صبري الدوراني
مما كان لافتاً في إحياء الذكرى السنوية لاستشهاد السيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، أن مشروعَه القرآنيَّ بات حاضراً متألِّقاً ليس على مستوى الساحة المحلية، بل على مستوى الساحة الإقليمية والعالمية، وبات محط إعجاب الكثير من شعوب الأُمَّــة العربية والإسلامية وأملها الوحيد في الخلاص.
هكذا قال قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، وهي يلقي كلمته التاريخية في الذكرى، ومن هذا الموقع المتقدم في هذه الذكرى العظيمة حرص السيد عبدالملك الحوثي أن يقدم لكل أبناء الأُمَّــة العربية والإسلامية المشروع القرآني امتداداً لنهج الشهيد القائد، وهو ما يعكس عالمية المسيرة ونهجها الذي لا يؤمن بالحدود المصطنعة التي أورثها لنا الاستعمار الغربي، وأباطيل الهيمنة والوصاية.
وكما كان الشهيد القائد يحمل توجّـهاً أممياً على المستوى النظري والعملي، خاطب قائد الثورة أبناء الأُمَّــة العربية والإسلامية عن عدوها الأمريكي والإسرائيلي الذي يعمل ليلاً ونهاراً على استهدافها على المستوى الديني والثقافي والفكري، والسياسي، والاقتصادي والصحي والإعلامي.
حضر هذا التوجُّـهُ العالمي منذ اليوم الأول للمسيرة القرآنية التي كانت تحيطها وتحيط قادتها ظروفٌ صعبة جِـدًّا، أمنيًّا، وعسكريًّا، واقتصاديًّا، ومجتمعياً، لكن تلك المسيرة التي انطلقت من منطقة مَرَّان شمالي اليمن، وفي إطار جغرافي محدود، هي اليوم تخاطبُ الأُمَّــةَ العربية والإسلامية، وتحملُ همومَها وتدعو إلى وَحدتِها، وتتبنى قضاياها الكبرى ومقدساتها وما تعانيه من احتلال صهيوني.
ففي العقد الأول لانطلاق المسيرة كان تقدير المراقبين السياسيين أن المشروع القرآني انتهى بمُجَـرّد استشهاد المؤسّس السيد حسين -رضوان الله عليه-؛ ولذلك كانوا حريصين بأن يبشّروا السفيرَ الأمريكي آنذاك في صنعاء بالخبر، ومثلما أكّـد السيد القائد أن الواقعَ أثبت أنَّ هذا المشروعَ القرآني العظيم كلما حورب ازداد قوةً، وتنامى، وهو حاضرٌ اليوم في بلدنا، وحاضر بمستوى الساحة الإقليمية بكلها، وبفاعليةٍ عالية، وهو المشروعُ الذي يليقُ بأمتنا العربية والإسلامية بشكل عام، وبشعبنا اليمني العزيز بشكل خاص، وهل للمؤمنين كتابٌ يؤمنون بكل ما فيه أنه الحقُّ الذي لا ريبَ فيه، وأنه الهدى الذي أتى من الله، غيرُ القرآن؟!
إنَّ الرؤيةَ العالميةَ للمشروع القرآني الذي تحَرّك به الشهيد القائد السيد حسين الحوثي كانت بُوصلتها منذ يومها الأول فلسطين القضية المركَزية، حَيثُ كانت أول محاضرة يلقيها هي (يوم القدس العالمي التي ألقها الشهيد القائد في 28 من رمضان 1422هـ) وطرح فيها مرتكزات المشروع القرآني، ونحن اليوم نراها سلوكاً عملياً وفاعليةً مشهودةً، ومواقفَ ممهورةً بالصدق، ليس على مستوى القول فقط وإنما على مستوى الفعل الذي جسّده سيدُ القول والفعل قائد الثورة عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- بموقفه الثابت والمبدئي والديني إلى جانب القضية الفلسطينية وقضايا الأُمَّــة الكبرى في كُـلّ المراحل.
ومن هذه المقدمات انطلق السيد القائد ليدل الأُمَّــة العربية والإسلامية على الحلول للخروج من الواقع المأساوي الذي يستهدفها في حريتها وأمنها ودينها، ليقرأ على كُـلّ فرد مسلم نَصًّا من محاضرة الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه- التي ألقاها قبل 19 عاماً وأكّـد فيها أن ما نعيشُه اليوم هو فاتورةُ السكوت التي ندفعُها اليوم كشعوب إسلامية وعربية، حَيثُ قال الشهيد القائد: (السكوتُ لو نتوقع أنهم إذَا سكتنا أن نتوقع أنهم سيسكتون، السكوت سيدفعهم للحصول على تنازلات كثيرة أكبر، ويعملوا لضربِ أشياءَ أُخرى، لن يسكتوا يجب أن نفهم هذا، ولن يتوقفوا إلا إذَا ما تحَرّكنا وصرخنا في وجوههم سيسكتون).
وعلى إثر ذلك ذكّرنا قائدُ الثورة في كلمته، بالفاتورة التي حذرنا منها الشهيد القائد من الخطر الأمريكي والإسرائيلي كعدو للأُمَّـة العربية والإسلامية وما غزوُ العراق، وأفغانستان، وتدمير سوريا ونهب ثرواتها وفرض الحصار الخانق عليها، إلا دليل واقعي على ذلك، وما السياساتُ الاقتصادية الأمريكية التدميرية في لبنان والتي أَدَّت إلى انهيارِ عُملتها إلا شاهدٌ على إجرامها، وما قامت به أمريكا في عدوانها على اليمن وارتكاب أبشع الجرائم بحق أبنائه وفرضها للحصار الظالم عليه إلا دليلٌ على أنها أُمُّ الإجرام.
ولذلك فَـإنَّ هذا الجسرَ الزمني الممتد لعِقدين، هو تجسدٌ عملي لصوابية التحذير، مع صوابية الموقف الذي ضحّى الشهيد القائد بروحه الزكية في سبيله وسبيل أُمَّـة أرادها أن تكونَ تحرّريةً، مستقلة، مؤمنة، لا تخشى من دون الله أحداً.
فالمعركةُ معركةُ وعي وبصيرة، وهي أول معركة مع أعداء الأُمَّــة من الأمريكيين والإسرائيليين، وبدلاً عن أن يكتفيَ الناسُ بمتابعة الأخبار التي تذاع في التلفاز عن تدمير أمتنا واستهدافها، يؤكّـد الشهيد القائد أهميّةَ الوعي بطبيعة الصراع مع أعداء الأُمَّــة وأهميّة (أن نتحدَّثَ بروحية من يفهم أنه طرفٌ في هذا الصراع ومستهدَفٌ فيه شاء أم أبى، بروحية من يفهم أنه وأن تنصل عن المسؤولية هنا، فلا يستطيع أن يتنصلَ عنها يومَ يقفُ بين يدي الله، نتحدث لنكتشفَ الكثيرَ من الحقائق في الواقع، الذي نعيشه في واقع أمتنا، نتحدث بروحٍ عملية بروحٍ مسؤولة، نخرجُ برؤيةٍ واحدة، بموقف واحد، بنظرة واحدة، برأي واحد).
فقبل 19 عاماً بدأ الشهيدُ القائدُ التحَرُّكَ في مشروعه القرآني بخطوات عملية صحيحة وطبيعية متمثلة في الشعار المناهض للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية (اللهُ أكبر، الموتُ لأمريكا، الموتُ لإسرائيل، اللعنةُ على اليهود، النصرُ للإسلام)، ومقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، وتوعية المجتمع اليمني بالثقافة القرآنية الصحيحة، وفضح أعداء الأُمَّــة، وقد لاقى هذا التحَرّك حرباً واسعةً من قبل الأمريكي بشكل مباشر وعبر أدواته المتمثلة في الحكومة آنذاك وقدّم روحَه الطاهرة في سبيل الله ليرتقيَ شهيداً في مثل هذا اليوم، ولاقى أتباعُه كُـلَّ أنواع المضايقات والسجن والفصل من الوظيفة، والتعذيب والقتل، لكنه -رضوان الله عليه- منذ اليوم الأول كان يقول: (مهما كانت الوعود، مهما حاولوا أن نصمُتَ فلن نصمت، أليس كذلك؟ وَإذَا ما صمتنا، وَإذَا ما صمتنا، إذَا ما صمتنا شهدنا على أنفسنا بأننا من المُعْرِضِين عن كتاب الله الذي قال لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أنصار اللَّهِ} (الصف: من الآية14) أفلا نكونُ من أنصار الله ولو بكلمةٍ؟! سننصُرُ دينَ الله، وَإذَا لم ننصر اللهَ ودينَه أمام اليهود، في مواجهة اليهود فأمام مَن ننصُرُه؟! أمام من ننصره؟! إذَا سكتنا في أوضاع كهذه فمتى سنتكلم؟ متى سنتكلم إذَا سكتنا وهناك من يأمُرُنا بالصمت؟ سنتكلم، ويجب أن نكرّرَ دائماً شعار: [اللهُ أكبر/ الموتُ لأمريكا / الموتُ لإسرائيل/ اللعنةُ على اليهود / النصرُ للإسلام] في كُـلّ جمعة وفي كُـلّ اجتماع. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.