ذمار.. إنجار قضايا ثأر دامت لعقود من الزمن..بقلم/ علي عبد الرحمن الموشكي
تعتبر ذمار من المحافظات الذي تمتاز بالأعراف والأسلاف القبلية الحميدة، فذمار منبع القبيلة والأصالة العربية والإيمَـانية، كيف لا وذمار موطن التبع اليماني، رجال ذمار من أبنائها الشرفاء يسطرون أروع الملاحم البطولية في ميادين الشرف والبطولة في كُـلّ الجبهات وفي كُـلّ الثغور، ذمار التضحية والبذل والعطاء، كُـلّ الصفات الحسنة والأخلاق القرآنية تتجسد في أبناء ذمار، مهما كتبنا عن أبناء ذمار قليل.
لقد أمتاز الوضع القبلي بذمار بالأصالة والحكمة من حَيثُ تعدد القبائل فتركيبتها القبلية، قبيلة (الحداء وعنس وَآنس وَعتمة ووصابين) ولكل قبيلة عاداتها وأسلافها وأعرافها القبلية الحميدة، وخلال عقود من الزمن تحَرّك أصحاب المطامع والطامعين للسيطرة ومد النفوذ من خلال اتباع سياسات يهودية من خلال قاعدة (فرق تسد) زرعتها الفئات الحزبية والجماعات الدينية المتطرفة بين أبنائها وجعلتهم يتنازعون ويقتتلون على لا شيء سوى تحقّق الهدف لمن يزرعون الفتنة والفرقة من خلال ضرب هذا بهذا، حتى سادوا وحكموا لعقود من الزمن واستمر الثأر القبلي باستمرارهم.
وكما هو المعدن الأصيل من خلال صقله يزداد لمعاناً بالحكمة والقيم والمبادئ والأخلاق وسلامة الصدور بالثقافة القرآنية، تحَرّك أبناء ذمار بكل أطيافهم، ليعززوا الأخوة الإيمانية وتمسكوا بالأخلاق الحسنة نابذين العادات السيئة مستجيبين لداعي الله الذي يقول سبحانه وتعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِـمِينَ)، وحدوا الصفوف وتقاربوا للأعمال التي فيها لله رضا فأجره على الله الذي لا يسع عطائه الإنسان، وهذا يؤكّـد قول رسول الله -عليه الصلاة والسلام وعلى آله- (الإيمان يمان والحكمة يمانية)، ولقد تجلت الحكمة في أبناء ذمار، الذين تعقلوا عن كُـلّ فعل ذميم وترفعوا عن كُـلّ من يصدر منه فعل ذميم تجاههم، يوصلون رسالة للعالم بأن التسامح والترفع عن القضايا الداخلية من شيمنا وعاداتنا الإيمانية، وبأن العدوّ هو من ذكره الله في كتابه الكريم.
وذلك؛ لأَنَّ القيادة القرآنية تجسد أخلاق القرآن في الواقع العملي قولاً وعملاً، بالدفع بالأمة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كأخلاق وقيم ومبادئ ربانية، منهجية قرآنية تشفي الصدور وتعالج الخلل وتصحح الوضع وتدعوا إلى الخير وإصلاح ذات البين.
دفع بذلك التحَرّك العظيم الأثر السيد المجاهد /محمد علي الحوثي، كجده الإمام علي (عليه السلام)، يصلح واقع المجتمع ويعالج قضاياه، ويدعوه بدعوة الأنبياء والصالحين والأولياء من عباد الله، للذوبان في الله وتناسي الخلافات والأوجاع والتسامح منصفاً للمظلومين وبالدعوة للعفو والصفح استجابة لله، يستقر في مكان عام يدعو بمقابلة الجميع الذين لديهم مظلوميات يدعو بإدخَال من يريدون مقابلته من جميع أبناء المجتمع يستمع إليهم ويتفهم قضاياهم بنظرة قرآنية، ويحرك الجميع من الجهات المعنية في البت وحسم القضية دون تمديد أَو تطويل للقضايا، له كلمته وله قوله وله فعله فلمسنا منه الحكمة والعدل والإنصاف وبعد النظر.
خلال فترة تواجده في محافظة ذمار، عمل بجد وعناء لحل القضايا مستعيناً بالله، باذلاً لمجهود كبير في ذلك، فلقد عمل في العديد من المسارات التي صنفتها، إلى ثلاثة مسارات:- المسار الأول: حَـلّ قضايا الثأر القبلية التي لها عقود من الزمن، ومنها قضية آل الجهمي وآل العرشي وقضية بيت القامص وبيت الجهمي وقضية بيت الشاوش وبيت مشرح وقضية حنض وقضية بيت السيقل وبيت عنبل وقضية المقادشة وقضية وأصحاب الحلة وقضية الحلة وبني هيسان وقضية المسواح وبيت الزار وقضية الأعماس وخولان.
كان أبناؤها مهجرين، على مدى عقود من الزمن، وراح ضحية هذه القضايا العديد من الأرواح، ويئس أطرافها في حَـلّ القضايا، وازدادت آثارها في واقعنا الاجتماعي، قصص مؤلمة ومبكية ومدمية للقلب عند سماعها ومعرفة آثارها في واقعنا، كانت عدواناً زرعه أصحاب المصالح الخفية من الفئات المتطرفة سياسيًّا ودينياً، والعديد من قضايا القتل الذي لا يسع المجال لذكرها والتي بحمد الله ومنه وكرمه، وبفضل أطراف هذه القضايا الذين سطروا أروع صورة مشرقة ومفعمة بالإيمان والأخلاق والقيم والمبادئ الإيمانية اليمانية، فجزاهم الله خير الجزاء الذي هو على الله وحده لا حدود وسقف له.
المسار الثاني: تعزيز الأمن والسلم الاجتماعي، من خلال عقد اللقاءات الموسعة على مستوى المحافظة ومع كُـلّ قبيلة والقرب من المجتمع وتلمس معاناتهم وأوجاعهم، وتأهيلهم ثقافيًّا.. النزول الميداني إلى المناطق وإحياء العادات والأعراف والأسلاف القبلية الحميدة، لا يوجد هنالك فوارق أَو امتيَازات الجميع يعرف أبا أحمد الحوثي، ومن يصل إليه لا يرجع إلا وقد وجد الإنصاف.
مشاركة المجتمع المناسبات والقضايا التي تهم الأُمَّــة عبر حضور المظاهرات الحاشدة التي تدعوا لنبذ الأفعال العدائية ضد الدين والقيم والمبادئ الإسلامية والإنسانية.
المسار الثالث: إسناد التوجّـه الاستراتيجي للدفاع وحماية الثروات من خلال مقارعة عدو الأُمَّــة الإسلامية والعربية، عبر الدعوة الجاهدة والصادقة لرفد الجبهات بالمال والرجال والسعي لإعمار الأرض نحو تحقيق حماية اليمن من العدوان الخارجي واستعادة أراضينا المحتلّة وحماية ثرواتنا من نهب أذيال أمريكا وإسرائيل السعوديّين والإماراتيين ومرتزِقتهم الذين باعوا اليمن بثمن بخس واشتروا بآيات الله ثمن قليل، ويتحَرّكون من خلال زعزعة أمن واستقرار الجبهة الداخلية، وفرض مزيد من الحصار لإركاع الشعب تحت أرجلهم، ولكن خابت ظنونهم وفشلت خططهم وذابت بين صهيل وعزم رجال اليمن الشرفاء.
ونقول لأبي أحمد الحوثي: أنت تعالج قضايا أنهكَتِ المجتمع وفرّقتْ وشتّت وهجّرت أبناءه طوال أربعة عقود من الزمن، ولقد حكمت فعدلت، آثارُ عدلك ومعروفك يتحدَّثُ عنها الجميع، وتركت بصماتٍ حسنةً ستتحدثُ عنها الأجيال، نكتبها بأقلام من ماء الذهب، لقد رسخت مفهومَ الأخوة، وصقلت الحكمة اليمانية؛ فجزاك الله خير الجزاء وأحسن الله إليك، فأجرك على الله الذي لا يتسع خزائن البشرية لجزائه؛ فعليك سلام الله.. لقد التمسنا قيمَ ومبادئَ عهد الإمام علي (عليه السلام)، لمالك بن الأشتر النخعي (رضي الله عنه) في تحَرُّكك قولاً وعملاً..