المرأةُ اليمنية في يومها العالمي.. أيقونةُ صمود وشُعلةٌ لا تنطفئ ..بقلم/ دينا الرميمة
يحتفل العالم في الثامن من مارس من كُـلّ عام بيوم المرأة العالمي يوم أقرته منظمة الأمم المتحدة في العام ١٩٧٥ كعيدٍ للمرأة؛ تقديراً لدورها الكبير في المجتمع واحتراماً وتقديراً لما تبذله من مجهود للنهوض بمجتمعها ووطنها، وهو إنما جاء بعد جريمة وحشية ارتُكبت بحق نساء عاملات أحرقن داخل مصنع للنسيج بالولايات المتحدة كان ضحيتها “١٢٩” امرأة.
وعلى إثر الإضرابات والتظاهرات النسوية في العديد من البلدان أصدرت الأمم المتحدة قانوناً يحمي المرأة ووضعت لها حقوق يجب احترامها في حالة الحرب والسلم كان أبرزها توفير السلام والأمان الاجتماعي والاقتصادي والنفسي والمعنوي للمرأة، وضمان العيش الكريم لها والمساواة فيما بينها وبين الرجل والحد من العنف ضدها وصاغت حقوقاً تحفظ للمرأة كرامتها أكّـدها مؤتمر جنيف في بروتوكولات خَاصَّة بالمرأة!!
ولكن عندما نأتي لنقيس هذه القوانين المقرة من هذه المنظمة وغيرها من المنظمات على المرأة في بلدنا اليمن الواقعة تحت رحى حرب تطحنها وتذرها رماداً في الرياح، سنرى غياب كُـلّ تلك القوانين وبنودها الرنانة والأصوات، ولن نرى سوى صمت تلك المنظمات الصادحة بحرية المرأة وَحقوق المرأة!!
فالشواهدُ كثيرة ولا تحصى عَمَّا عانته المرأة اليمنية خلال سنوات العدوان على اليمن الذي كانت المرأة أكثر ضحاياه.
ولم نرَ قانوناً يجرّم ما تعرضت له من قصفت طائرات العدوان لبيتها وتركتها بلا مأوى تبحث عن ملجأ تفر إليه من غارات خبيثة تشبثاً بحياة باتت لا صوت فيها غير صوت الرصاص والقنابل والصواريخ التي تلاحقها من مكان لآخر كفريسة تريد اصطيادها، وباتت مشاهد الدماء لا تفارقها أينما حلت وَذهبت.
وأين هذه القوانينُ؟ لم تسمع صوتَ امرأة تئنُ وتبكي أطفالَها الذين ذهبوا ضحيةَ قصف الطيران ومزقتهم إلى أشلاء تحت ركام منازلهم أَو مدارسهم، ولم نر بنداً منها يدفع الأذى عن مريضة تصيح أوجاعاً استفحلت جسدها النحيل الذي غزاه مرض لا يوجد له علاج بعد أن منع العدوان دخول الأدوية إلى اليمن ليكون الموت هو ملاذها الأخير للتخلص من آلامها.
وأين هذه القوانين لتحميَ آلافًا من النساء اللاتي تعرضن لحوادث الاغتصاب من قبل عصابات إجرامية سلبتهم الحرب أخلاقهم وقيمهم الدينية فأصبحوا يمتهنون المرأة ولا يرونها إلا جسداً لإشباع غرائزهم، وربما الكثير من اتخذ هذا الفعل البشع كسلاح للسيطرة على بعض المناطق التي صعب عليهم دخولها بالسلاح؟!
بل إن البعضَ منهم من يتقرَّب بالمرأة زُلفًى لأربابه من الغزاة والمحتلّين؟!
وأين هذا اليوم لم نر له أثرًا في حياة طفلة قتلت طفولتها جوعاً، وأُخرى قضى عليها برد الشتاء وهناك من بات الشارع هو مأواها وملاذها الوحيد بعد أن سلبتها الحرب كُـلّ أهلها ومنزلها وبات غذاؤها فتات تبحث عنه في بقايا ما يأكله الآخرون.
وماذا فعلت هذه القوانين لعروس أحالوا فرحتها المنتظرة إلى عزاء وزفت مع الحاضرين إلى مثواها الأخير!!
ولماذا لم تحمِ قوانينُهم أحلامَ الكثير بمستقبل مشرق ظللن يبنينه لسنوات فسلبتهن إياه عبثية هذه الحرب وأصبحن يعانين ظروفًا نفسية صعبة، ولا أحد يستطيع انتشالهن من مأساتهن وهن ينظرن كُـلَّ أحلامهن تُداسُ تحت أقدام عدوان ظالم!
كثيرة هي المآسي التي تحيطُ بالمرأة اليمنية وما ذُكر أعلاه ليس إلا غيضٌ من فيض معاناة من الصعب حصرُها في بلد دمّـرت الحربُ كُـلَّ أسباب الحياة فيها، وسلب منها السلم والأمان وحوصرت من الغذاء والدواء، وباتت بيئة خصبة للأمراض التي أغلبها تأتي ضمن الحرب البيولوجية المتعمدة.
على مرأى ومسمع من المنظمات التي صاغت كُـلّ القوانين والحقوق للإنسان والحيوان، بيد أن قيمتَها لا تساوي إلَّا الضربَ في الصفر، ونحن نرى غيابَ أيامهم العالمية من أيامنا كيوم خصص للطفل وأخر للصحة ويوم للتعليم ويوم للحرية، ولم نرَ إلا أَيَّـاماً لوّثتها خيانةُ مَن صاغوا كُـلّ تلك القوانين والحقوق الصامتة عما يحدث في اليمن من إجرام وانتهاك للحقوق ومحاولة سلب الحريات والكرامة!
لم تكترث لخذلان العالم؛ لأَنَّها تؤمن أنها خلقت لتحيا إنساناً كاملاً جسداً وعقلاً وعاطفة وعزة وكرامة ولا شيء على الإطلاق لا يمكنها القيام به، هي الحياة بذاتها وهي الكرامة نفسها.
وستظل المرأة اليمنية أيقونة صمود وشعلة في وجه كُـلّ من يحاول النيل من كرامتها أَو المساس بأرضها مهما قدمت من تضحيات وستكون هي القُدوة لكل النساء في العالم في شجاعتها وبأسها وتحديها لكل ظروف الحرب وتحديها لكل ظلم طالها غير آبهة بقوانين لم تزدها إلا إجحافاً وظلماً وتغييراً لفطرتها.