ثمانيةُ أعوام من المُواجهة والصمُود..بقلم/ خــديـجـة الـمرّي
ثمانيةُ أعوام مرَّت على الشعب اليمني، وهو يُواجِهُ المأساةَ والحرب الظالمة التي شُنت عليه؛ ظلماً، وبغياً، وعدواناً، بأيادٍ وحشية، وبإرادَةٍ أمريكية بحتة، وسعوديّة إماراتية تحت الخدمة، حَيثُ المخطّط هو “الأمريكي” والمُنفذ هو “السعوديّ والإماراتي” وهما أداتان بِيد ذلك الأمريكي يُحركهما كيفما يشاء ويُريد، بينما الريموت أصبح في يده إن صح التعبير، ودون أدنى شكٍ في ذلك.
ثمانيةُ أعوام واليمن لا تنسى تلك الأحداث، بل حُفرت في ذاكرتها، وسَتُخلد ذلك في تاريخها، وهيهات أنّ تُمحى تلك الصفحة السوداء من جرائم العدوان الغاشم على بلدنا، كما أنّهُا لن تُنسى تلك الصفحة البيضاء من الصمُود الأُسطوري الذي سطره الشعب اليمني طيلة ثَمَانِي سَنَوَاتٍ من العدوان، ولن يعتريها النسيان يوماً وإن مرت الأيّام والشهور، وسَتُدون في أنصع الصفحات على مرّ الدهور، جيلاً بعد جيل.
أعوامٌ مرت، وأعوامٌ تأتي وطيران العدوان السعوديّ الأمريكي لا يتوقف، بل ما زال في تزايد ومُستمرّ في بغيه وإجرامه، وقتله المُتعمد بِدون رحمة ولا إنسانية، بِدون حق، ولا ضمير يُوقِفُه عن حده، ممّا زاد من الاستهداف العشوائي، وهو لا يُبالي، بِينما يُرافق تلك الجرائم الأمراض والأوبئة والسمُوم الفتاكة، فمن لم يمت قصفاً مات سُماً، إضافة إلى ذلك الحِصار الخانق، وإغلاق مطار صنعاء الدولي، ممّا زاد من مُضاعفة ارتفاع الأسعار، وإيقاف الرحلات، وتدهور الخدمات، وسُوء التغذية، والمُعاناة في المراكز والمُستشفيات، وانقطاع المُشتقات؛ ممّا أَدَّى إلى تجويع مُعظم أبناء الشعب، ناهيك عن الأزمات التي أثقلت كاهل كُـلّ مواطن، وأصبح كثير من المُواطنين يعيشون حالة من الفقر والبطالة، فمن يسلمون من القصف المُباشر يأتي لهم الموت البطيء جوعاً ومرضاً.
ثمانيةُ أعوام من قصف شامل على البُنية التحتية، والأسواق، والمدارس والمُنشآت والجامعات، والمُستشفيات التي تضجُ بالكثير من المرضى الذين أماتهم قبل مُوعد وفاتهم، واستهداف البيوت وتدميرها على ساكِنيها وهم في أمنٍ وأمان، وأتى ذلك المُجرم الباغي بالغدر والنيران، وكلّ ذلك يحدث على مرأى ومسمع العالم بِأسره، والمُنظمات العالمية التي تدعي حقُوق الإنسانية، ولم نسمع أحد يُحرك ساكناً، فأين هم من يدعون باسم حقوق الإنسان؟!!
أين ضمائرهم؟!
والموت ما زال مُحدقاً ويترصد العشرات والآلاف من اليمنيين، ولم يستثنِ طائفة دون أُخرى، بل حصد لأرواح الجميع من النساء والأطفال والشيُوخ والأبرياء، وكلّ هذا الحقدُ الدفين الذي تتسلل إلى قلوبهم تجاه شعبنا، والهدف من وراء ذلك كله؛ حصد الأرواح، وإركاع الشعب وإخضاعه، وتحويله إلى شعب منكوب، ومُشرد، وفي حالة من الاستسلام، والنهب لثرواته وخيراته، والتحكم في قراراته.
ولكن رغم ذلك كله، وقف الشعب اليمني المُوقف العظيم والمُشرف، وقف صامـداً ولم يتراجع عن موقفه وتصديه لِقوى العمالة والنفاق مجسداً قوله تعالى: «فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ»، ومضى الشعب مُتوكلاً على الله وواثقاً بِنصر الله، آخذاً بِتوجّـيهات القيادة الحكيمة، وتصرفاتها القرآنية، ومن منطلق قوله تعالى: «إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ».
فلم يهن الشعب ولم تضعف قُوته، بل ازدادت عزيمته وعنفوانه وصلابته، وتحدى كُـلّ طواغيت الأرض، وبِثباته وقوة إيمانه، تصدى لكل المُعتدين والمُجرمين، وسُرعان ما تلاشى ذلك التحالف وانهار، وبقي شعبنا في المسار، وفشل العدوّ ميدانيًّا، وسياسيًّا، وعسكريًّا، وأتتهُ رسائل التحذير والتهديد التي أرسلتها القُوة الصاروخية لتأديب ممّلكة الشر وإيقافها عن إجرامها، وتكبيدها الخسائر الفادحة في العدة والعتاد، وأصبح اليمن كما هو في السابق “مقبرة الغُزاة”.
ثمانيةُ أعوام كانت من المُواجهة والصمُود الأُسطوري الفُولاذي الذي لا نظير له، وثَمَانِي سَنَوَاتٍ من خِلال هذا الصمود قلبت المُوازين، وحول الشعب اليمني كُـلّ التحديات التي واجهها إلى فُرص، فصنع وطور كَثيراً من الأسلحة، والصواريخ بعيدة المدى، إلى جانبها الطائرات المُسيَّرة، التي أصبحت تصل إلى عُمق عواصم العدوّ، وأصبح منها يتخوف ويرتجف، والقادم أعظم، والأيّام القادمة تحمل في طياتها، المفاجآت السارة لشعبنا، والرسائل التحذيرية لكافة الأعداء المُتآمرين على شعبنا.
وقادمون في العام التاسع بزخمٍ أكبر، وقوة أعظم، وصمود وبأس أقوى، مُعتمدين على الله وواثقين بِنصره وتأييده، وبنصره لِعباده المؤمنين، والعاقبة للمتقين، وسيعلم الذين ظلمُوا أي مُنقلبٍ ينقلبون، «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ».