الأقصى يستغيث..بقلم/ د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
طريق السلام واضح، ومفتاحه الملف الإنساني، وغايته إنهاء العدوان والحصار والاحتلال، أما خطوات الأعداء التي تنتهك سيادة البلد فمآلها الفشل.
يرزَحُ المسجدُ الأقصى تحت وطأة الاحتلال الصهيوني البغيض، ويتعرض يوميًّا للانتهاك، كما يتعرَّض المصلون فيه للاعتداءات المُستمرّة, وفي شهر رمضان تزداد وتيرة هذه الاعتداءات؛ بهَدفِ منعِ المصلين والمعتكفين من ممارسة شعائرهم الدينية؛ حتى يتمكّنَ الصهاينة من اقتحام الأقصى وممارسة شعائرهم في أروقته وساحاته, وهذا ما شاهدناه في رمضان السابق، وما بدأنا نشاهده خلال رمضان الحالي, وقد نقلت لنا أجهزةُ التلفزة المختلفة الأيّام الماضية مشاهدَ محزنةً لما يرتكبه الجنود الصهاينة من اعتداءات وانتهاكات للأقصى وللمصلين فيه, ومن المتوقع أن تدفعَ هذه المشاهدُ الفلسطينيين إلى توحيد الصف في مواجهة هذا الكيان الغاصب, وأن تساعد الأُمَّــة الإسلامية والعربية على جمع الكلمة؛ للوقوف صفاً واحداً أمام التحَرّكات الصهيونية في المنطقة وأمامَ التطبيع.
ومن يدّعي أن السلامَ مع الكيان الصهيوني هو الحلُّ للقضية الفلسطينية فعليه أن ينظرَ إلى نتائج التطبيع الذي أسرعت إليه بعضُ الدول العربية؛ فخلال هذا التطبيع زاد هذا الكيان من وتيرة اعتداءاته على الأقصى وعلى الفلسطينيين في غزة والضفة دون أن يكونَ للدول المطبعة أيُّ دور إيجابي في وقف تلك الاعتداءات، رغم ادعائها أن التطبيع من أهدافه حماية الفلسطينيين, وهذا يؤكّـد أن الكيانَ الصهيوني لا يعمل أي اعتبار للدول المطبَّعة خلال تنفيذ أجندته الإجرامية في الأراضي المحتلّة.
وقد رأينا بعضَ الدول المطبعة تصدرُ بياناتٍ للتصرفات الصهيونية في حق الفلسطينيين, ولكن ليس لها أيُّ تأثير على ما يجري على الأرض, ولا يلجأ الكيانُ الصهيوني إلى هذه الدول ليطلب منها التدخل إلَّا إذَا شعر بالخطر, كما رأينا مؤخّراً، خلالَ زخم العمليات الفردية التي نفذها الفلسطينيون ضد الصهاينة, عندما تدخَّلت الأردن ومصر؛ لإقناع السلطة الفلسطينية بالانضمام إلى اجتماعات مشتركة مع الكيان الصهيوني؛ لمناقشة الأوضاع في الأراضي المحتلّة, وحاولت تلك الدولُ الضغطَ على الفلسطينيين للالتزام بخفض التصعيد رغم عدم التزام الكيان بذلك.
وبرغم العمليات التي ينفذها الفلسطينيون ضد أهداف صهيونية، إلَّا أن وقفَ الكيان الصهيوني عند حَدِّه، وتحرير الأقصى والأرض المغتصبة، يحتاجُ إلى وحدةٍ في الهدف وفي الإمْكَانيات, ولن يتم ذلك إلَّا من خلال محور المقاومة الذي يعمل على إقناع الجميع بأن تحريرَ الأرض لا يمكنُ أن يتمَّ إلَّا من خلال القوة وبقياداتٍ ربانية لا تعملُ للمجتمع الدولي وقوانينه المجحِفة أيَّ حساب.