مفاوضاتُ صنعاء.. فرصةُ التحالف الأخيرة.. بقلم/ محمد يحيى الضلعي
من الطبيعي جِـدًّا أن يأتيَ السعوديّ ليتفاوَضَ في صنعاء على إنهاء الحرب، ومن الطبيعي أَيْـضاً أن نرحِّبَ بأية دعوات للسلام؛ فصنعاء عاصمة للحرب وقت الحرب وعاصمة للسلام عندما يحين وقته، لكن من غير الطبيعي أن يفوت تحالف العدوان هذه الفرصة بالنسبة لهم، فما نقدمه اليوم حرصاً منا على هذا الشعب قد لا نقدمه غداً، واليد التي امتدت اليوم للسلام هي فرصتكم الأخيرة قبل أن تمتد يدٌ أُخرى لا تعرف سوى الزناد ولا تفهم أية لغة سوى لغة البارود.
تعدَّدت الزياراتُ واللقاءات إلى عواصم عدة عربية وغربية ولم يتفاءل أحد بحلول السلام وجديته؛ لأَنَّهم لم يجدوا الطرف الصحيح في الخلاف ليتم التحاور معه، وبعد مد وجزر من عدن إلى الرياض إلى أبو ظبي إلى واشنطن أيضاً، ولم تُجدِ بشيءٍ سوى ضياع وإهدار كَثيرٍ من الوقت، وعلى ما ذكر قرّرت الرياض الاستعانة بمسقط، وقامت مسقط بدورها العروبي والأخوي وتخاطبت مع صنعاء عن محتوى وخلاصة الحكاية، ليكون رد صنعاء عدونا معروف وأزمتنا ليست يمنية –يمنية، بل سعوديّة -يمنية، فبلغت الرسالة لمن يجب أن يدرك وهو أكثر فهماً بما صنعت يداه، ودول العدوان وعلى رأسها السعوديّة تعرف أن البداية صنعاء وهي النهاية، فبعد مكابرة جاءت على استحياء إلى صنعاء بوفد قيل إنه يطلب السلام؛ فنطق الجميع ناشطون وسياسيون من كُـلّ الأطراف أعداء وأصدقاء وقالوا حيا على السلام، ولم ينطقوها من قبل في كُـلّ مراحل التفاوض والمبادرات التي بلا جدوى.
وبعد كُـلّ التفاؤل الملحوظ ليست صنعاء من دعاة الحرب ولكنها حريصة على السلام، وصنعاء تحترم العهود والعقود ولا تغدر ليلاً ولا تغلق باباً بغرض التركيع أَو المكابرة، وقد تمضي صنعاء بخطوات ثابتة وسلام مشرف بكل الحقوق المسلوبة وليس الاستسلام، فالسلامٌ يضمن كُـلّ الحقوق والعبرة بالنهايات.
وعلى ما تم سرده هل ستعي وتفهم دول العدوان أن هذا التقارب هو كفرصة أخيرة، وأن التنصل من العهود بمثابة ما يسمى بالمنطق اليمني ضحكة على الدقون؛ أي سيكون الانتقام بضراوة، وأن المربع الذي نحن فيه اليوم لا يمكن أن تكونوا فيه غداً عند نكث العهود، وأن التزامكم بشروطٍ طرحت كملفات إنسانية وتعويضات حرب ورحيل الأجانب هو من كامل حقوقنا وليس منكم صدقة أَو منحة؛ فهناك تم تأجيل الكَثير من قضيانا معكم التي لا تسقط بالتقادم والأيّام بيننا، فهل من لبيب من دول العدوان يخبرهم ليس اللعب هنا ومع هؤلاء ينفع، فأنتم في مواقع الجد والتركيز حتى تنجوا من عواقب لا تحمد عقباها.
أتى التحالف بثقله إلى صنعاء لينشد الصلح وهذا ليس عيباً في حقه، بل إن العيب هو الاستمرار في الخطأ والمضي قدماً في حرب هو الخاسر فيها كُـلّ يوم، والنهاية ستكون أشد وأقسى عليه لو استمر، لقد جاء التحالف ليطلب الصلح مع صنعاء ورحمة صنعاء، وكالعادة فصنعاء لا ترد من يمد يده معترفاً بخطئه، جاداً في إنهاء الحرب وإحلال السلام، وموقفنا ومطالبنا لا نقاش فيها، ولا مساومة عليها، وما سقط عشرات الآلاف من الشهداء ومئات الآلاف من الجرحى إلا لأجلها، فالحوار والتفاوض على آلية تنفيذ تلك المطالب المشروعة فقط وليس عليها، وما كنا يوماً ممن يرجع في كلامه أَو يتنازل عن حقه أَو يسامح فيه؛ بسَببِ وسيط أَو طرف آخر، بل إننا كما نحرص على السلام فنحن أشد حرصاً على تنفيذ كُـلّ مطالب شعبنا المشروعة، وإن أرادوا العودة لنقطة الصفر فلا مشكلة لدينا سنعود ألف مرة لنصنع انتصاراً آخر ومجداً آخر بعد هذا النصر العظيم.
ثمة فارق كبير بين أن نتفاوض في مكان محايد أَو أن يأتي العدوّ إلينا للتفاوض، وهذا منطقي جِـدًّا بناءً على نتائج الحرب وتكهناتها مستقبلاً، والتحذير الأخير لتحالف العدوان: اغتنموا الفرصة وتشبثوا بها ونفذوا شروطها؛ فما قدمناه من قبول لإنهاء الحرب إلا مِن أجل الشعب اليمني العظيم الذي عانى الأمرين بسَببِكم، واعلموا أن فرص اليوم أفضل من فرص الغد، وأننا جاهزون كما تعرفون لكل الخيارات.