تجزئة المعركة مع العدوّ الصهيوني..بقلم/ د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
الأمريكيون والصهاينة يتّجهون لمنع أية نهضة للأمة، ويحاربونها بالسياسات المدمرة لكل شيء، والأنظمة المطبعة سعت لحرف بوصلة العداء، والموقف الصحيح هو السعي لتحصين الأمة من الارتباط باليهود عبر التعبئة المستمرة ضدهم.
يعملُ العدوُّ الصهيوني -بكل إمْكَانياته وبمساعدة دول عديدة وعلى رأسها أمريكا- على تجزئة المعركة مع دول المواجهة والقوى المقاومة للاحتلال الصهيوني، فبعد حرب 14 أُكتوبر 1973م حقّق العدوُّ اختراقاتٍ كبيرةً في الصف العربي، عندما نجح في عقد اتّفاقيات سلام مع عددٍ من الدول العربية؛ مَا تسبب في أول تصدع لوحدة المعركة وللموقف الرسمي العربي، وقد أَدَّى ذلك إلى تراجع فرص المواجهة بين العرب والصهاينة، حتى انعدمت تقريبًا، ولم نعد نشاهد أي احتكاك أَو مواجهة في الحدود العربية الرسمية مع هذا العدوّ، باستثناء ما حدث وما زال يحدث في لبنان، وبعد ذلك اتجه إلى استهداف حركات المقاومة الفلسطينية، وقد نجح في ذلك عن طريق اتّفاقية أوسلو التي عقدها العدوّ الصهيوني مع السلطة الفلسطينية، حيث تمكّن من خلالها من إرغام السلطة على القيام بمنع أي فعل مقاوم؛ ما أَدَّى إلى إضعاف حركات المقاومة والحد من تحَرّكاتها.
وعندما وصل الشعب الفلسطيني إلى قناعة بعدم جدوى السلام مع العدوّ الصهيوني، بدأ بإعادة تنظيم نفسه وتوفير الظروف المناسبة لإحياء المقاومة ضد العدوّ من جديد، واعتبارها الطريق الوحيد لإعادة الحقوق المسلوبة، وتحرير الوطن والمقدسات، خَاصَّةً بعد أن تمكّنت المقاومة الإسلامية (حزب الله) في لبنان من طرد المحتلّ من الأراضي اللبنانية، وتحقيق انتصارات عديدة في ميدان المعركة، وعند ذلك شعر العدوّ الصهيوني بالخطر، فلجأ إلى تجزئة المعركة مرة أُخرى في الداخل الفلسطيني، من خلال محاولته تشتيتَ المواجهات بين الضفة والقدس وغزة، بحيث يتم التعامل مع كُـلّ مواجهة بشكل منفصل؛ بهَدفِ فرض قواعد اشتباك جديدة تتيح له التحكم بالمعركة، ولكن تنبَّهت حركاتُ المقاومة الفلسطينية للمؤامرة الصهيونية ضد قضيتها العادلة، ونجحت في توحيد الساحات في كامل الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك المناطق الواقعة داخل ما يسمى الخط الأخضر، وقد لمسنا ذلك في المواجهات التي وقعت مؤخّراً في القدس عندما توحدت الساحات في الداخل والخارج.
وإضافةً إلى ما سبق، فقد بدأ محور المقاومة بالدخولِ على الخط، من خلال تقديم الدعم المادي والمعنوي للمقاومة الفلسطينية في معركتها مع العدوّ الصهيوني، ومن خلال إطلاق تحذيراته ضد هذا العدوّ إذَا استمر في انتهاكاته للمقدسات ولحرية الفلسطينيين وحقوقهم، والتأكيد بأن المحور على استعداد للتدخل إذَا دعت الحاجة إلى ذلك، وهذا التحَرّك أقلق الكيان الصهيوني وأمريكا؛ خوفاً من إعادة توحيد الصف العربي والإسلامي في معركة تحرير فلسطين القادمة.