اليمن تقدّم درساً للعالم في الصمود..بقلم/ د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
من أهم ما تقدمه الدورات الصيفية التثقيفُ بثقافة القرآن الكريم وتعليمُ الطلاب مبادئ الإسلام، ويحظى الجيل بترسيخ الهُــوية الإيمانية وبالوعي ويتربّى على مكارم الأخلاق وفيها أنشطة ترفع من مستوى القدرات الذهنية والمعرفية للطالب.
تعملُ أمريكا في معظم القضايا الساخنة والصراعات القائمة في العالم على رَسْمِ سيناريوهات محدَّدة، سواء في الجانب السياسي أَو في الجانب العسكري، خَاصَّة في القضايا التي تدخل في إطار اهتمامها وتتعلق بمصالحها، مثل قضية اليمن، ولا تسمح لأي طرف منخرط في تلك الصراعات والقضايا بأن يخرُجَ عن السيناريو المرسوم، إذَا كان يرغب بالحصول على مكسب ما من خلال نشاطه المذكور، ولكن ما حدث في اليمن كان غيرَ مألوف لأمريكا؛ لأَنَّ صنعاء خرجت على النص من اليوم الأول في المعركة، ولم تلتزمْ بقواعد الاشتباك التي حدّدتها أمريكا في مثل تلك الظروف والتي تفرض على صنعاء الاستسلامَ بعد تلقّي ضربات موجعة، وكان صمود الشعب اليمني في وجه العدوان الشرس الذي قادته السعوديّة ورتبت له أمريكا يعتبر أولَ خروج على ما كانت دول العدوان ترسُمُ له.
ومن خلال الصمود غير المتوقع، تمكّنت صنعاء من خلط الأوراق وإعادة ترتيبها بما يتناسبُ مع أهداف وطموحات الشعب اليمني، ومكّن ذلك الجيش اليمني من تحقيق انتصارات باهرة ساعدت القيادةَ في أن تتمسكَ بالثوابت خلال المفاوضات الجارية، ولأول مرة يتمكّن الطرفُ الذي يعتبر طرفًا ضعيفًا من فرض شروطه للسلام على الطرف القوي ويجبرُه على القدوم إلى عاصمته للتفاوض على تنفيذ تلك الشروط.
وبطبيعة الحال فَــإنَّ من المفترَض أن يشعُرَ صاحبُ الدار بالغبطة لمقدم غريمه إلى داره ويقدم له بعضَ التنازلات، ولو كان ذلك على حساب مطالب الشعب وثوابته، وما حدث في صنعاء كان صادمًا؛ فقد تمسك الجميعُ بالشروط الموضوعة على الطاولة إذَا أرادت دول العدوان تمديدَ الهُدنة وفتح باب السلام، كما رفض الجميعُ المحاولاتِ الهادفةَ لدول العدوان لتحقيق مكاسبَ ولو شكليةً لتمريرِ صفقة السلام، وقد رفضت صنعاءُ كُـلّ تلك المحاولات من منطلق القيم الدينية والثوابت الوطنية.
قدمت صنعاء درسًا عظيمًا لمختلف الأمم من خلال الإيمَـان بالله وبقضيتها العادلة وصمودها في وجه القوة الغاشمة لدول العدوان، وتمكّنها من فرض شروطها للسلام، وهذا لأربك الأعداء، ابتداءً من أمريكا التي عيّنت مبعوثًا لها في قضية اليمن، والذي لم يتمكّن من القيام بزيارة إلى صنعاء برغم إلحاحه، ويعتبر ذلك سابقةً خطيرةً لأمريكا في تعاملها مع الدول الضعيفة، وانتهاءً بالسعوديّة التي أرسلت سفيرَها إلى صنعاء؛ في محاولة منها للحصول على مكاسبَ محدودة، ولكنها فشلت، فعلى جميع الدول التي لها خلافاتٌ مع أمريكا أَلَّا تخافَ المواجهة معها، وأن تأخذ الدروس من موقف اليمن من أمريكا والدول التابعة لها خلال المعركة التي خاضتها مع تلك الدول.