معسكراتُ العلم والعمل..بقلم/ سند الصيادي
لا يواجَهُ تزييفُ العقول إلَّا بتصويبها نحو المسارات الصحيحة، وما يتمُّ استثمارُه من أموال في الغزو الثقافي والفكري كاحتلال يفوق بكثير ما يتم إنفاقه في الغزو العسكري؛ باعتبار الغزو الأول يتفوق في خطورته ومخرجاته وَرقعة تأثيره؛ وبكونه أشدَّ فتكاً بالأمم وَأكثرَ تمكيناً لأعدائها عليها؛ إذ لا يعتمد في مفعوله على معيارَي القوة وَالإكراه الذي يخلق تصادُماً مرحلياً مُكلفاً وَردودَ فعل مناوئةً وَمُضادةً طويلةَ المدى.
على هذا المسار، انتشر الغزو الثقافي والفكري وتغلغل في المجتمع العربي والإسلامي، وأبعد من ذلك تم السعيُ الحثيث لترسيخه كمنهجية في مؤسّسات التنشئة الاجتماعية وَالمناهج الدراسية ووسائل الإعلام، وَتجلت مُخرجاته في خلق كائِنات هجينة داخل المُجتمعات، كنتيجة طبيعية لعملية التجريف للهُــوِيَّة الدينية وَالوطنية.
إن قيمة الدورات والمراكز الصيفية التي تدشّـنها اليمن في هذه الفترة تنطلقُ من استشعار هذا الواقع ومواجهته، ولطالما نال هذا الحدث اهتمامَ وَدعمَ وَحرصَ السيد القائد، واستمراره في تذكيره للمجتمع بقيمة هذه المراكز، وَبِما يمكن أن يؤهل جيلًا قادرًا على خوض هذه المعركة وَمواجهة أدواتها وَأساليبها.
ومن الدورات الصيفية وما يقدم فيها للطلاب من مضامين يمكن أن نطمئن على مخرجاتها التي تبني جيلًا من الوعي والمسؤولية، مسلَّحًا بالإمْكَانات الفكرية والثقافية القادرة على مقارعة موجات التزييف، والإضلال، والإفساد، والتحريف للمفاهيم، جيلًا تربى إيمَـانيًّا على معرفة الله ومبادئ الإسلام الخالصة وَمكارم الأخلاق المعزَّزة بما يمكن أن يكسبه من المهارات والقدرات من خلال الأنشطة العملية، هي مصانعُ بناء لحياة قادمة قائمة على: التعليم الصحيح، والتربية، والتزكية، هادفة للارتقاء بالجيل في مختلف مجالات الحياة؛ ليكون دعامةً لنهضة شعبه، وجيلاً راقيًا، كما أنها تستهدف جيلاً مستهدَفًا أصلًا من قبل أعداء الأُمَّــة؛ لكون هذا الجيل حاضرَ الأُمَّــة ومستقبلَها ودعامةَ قوتها.
ومع كُـلّ عامٍ، تبرُزُ مؤشراتٌ إيجابية ومبشِّرة بتنامي المسؤولية لدى شعبنا بأهميّة هذه المراكز، يتجلى ذلك من خلال تصاعد أعداد المندفعين إلى المراكز الصيفية، في مؤشرٍ على أن المجتمعَ بات يعي اليومَ حجمَ التحديات التي يعيشُها الجيلُ الناشئ، وَتفرِضُ تحصينَه في مواجهتها بالعلم والوعي والبصيرة.
ومع هذا التوجّـه، يمكن أن تكتمل حلقات رهاننا بعد الله في الانتصار والرفعة على مجتمع متسلح بكل مقومات المواجهة، على رجالٍ يعوَّل عليهم لإعادة بناء المستقبل بكافة مجالاته وَتحرير العقل وَالسلوك من مخلَّفات الغازي وَأفكاره الهدَّامة، كما هو الرهانُ على رجال المؤسّسة العسكرية في التحرير وَطرد الغزاة وأدواتهم من الأرض اليمنية.