استراتيجيةُ ترتيب الأعداء..بقلم/ حمود أحمد مثنى
الشعوب والأمم جميعاً لديها أعداء ويحدّدهم المفكرين والقادة بدراجات متفاوتة على مدى الضرر والحضور الذي يمثلونها على بلدانهم ويتم ذلك من خلال التاريخ والجغرافيا وطموحات قادة تلك الدول ومشاريعهم وخلفيتهم العقائدية والثقافية وهناك من تجاوز ذلك العداء منطلقاً من خطورة استمرار العداء والصراع الأُورُوبي سوف يكون خطراً على أُورُوبا مثال ذلك فرنسا، بريطانيا وألمانيا وتوافقت على نظرية إيقاف الصراع والعداء بين شعوب أُورُوبا لخطورته على الحضارة البشرية أَو سيكون لصالح هيمنة آسيا وأفريقيا.
وتم ذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية 1945م ومن محدّدات الصراع الرئيسية التقليدية (الهيمنة -المصالح -الأمن) وقد خاضت الشعوب كفاحاً مريراً ضد الاستعمار الغربي الذي كان يشمل نهب الثروة وفرض الثقافة وإلغاء الهُــوِيَّة، والاستيطان ومع ذلك عمل الاستعمار على تقديم بعض الخدمات العلمية والاقتصادية مكرهاً ومضطراً وعندما نناقش مسألة العلاقة بين المملكة السعوديّة واليمن على مدى مِئة عام نجد أن أسوأ وأخطر علاقة تمت بين عدوين وجارين يتداول فيه التاريخ والجغرافيا والحضارة.
بعد قيام المملكة السعوديّة حدّدت العدوّ الأخطر على وجودها في اليمن ولا منازع لليمن في ذلك العداء من البلدان العربية والأجنبية، بل إن علاقة السعوديّة مع الدول الأُخرى مبني على علاقة تلك الدول مع اليمن دعماً أَو عداءً، وكان هناك وسائل تم تنفيذها هي الأخطر على اليمن خلال مِئة عام ولم يقم بها أي عدو لليمن سواء أكان الأتراك أَو البريطانيين أَو المصريين في التاريخ الحديث والأحباش والرومان والفرس في التاريخ القديم.
وفي جانب الهيمنة، نضرب أمثلة من دول هيمنت على دول أُخرى:
1- أمريكا هيمنت على اليابان وكوريا الجنوبية، ومع ذلك قامت أمريكا بتحديث هذه الدول في كُـلّ الجوانب العلمية والاقتصادية وأصبحت هذه الدول قوة اقتصادية وعلمية.
2- هيمنت الصين على كوريا الشمالية، قدمت الصين الدعم الشامل لكوريا الشمالية وأصبحت دولة نووية.
3- بريطانيا هيمنت على سنغافورة وماليزيا وأصبحت هذه الدول قوة اقتصادية وعلمية.
وعند مقارنة السعوديّة المهيمنة على اليمن ماذا نجد؟ لم تقم بأي دعم تنموي لليمن مطلقاً، بل منعت أي مشاريع تنموية واستثمارية مفيدة للشعب اليمني، ومنعت الدول والشركات الأجنبية من مساعدة اليمن في المجال الاقتصادي.
وفي مجال الأمن نضع سؤالاً: هل زعزعت وتدمير البلد المجاور أَو اللصيق لها فيه حماية لأمن السعوديّة واستقرارها؟ إذَا افتراضنا أن للسعوديّة عدواً آخرَ في المنطقة يسمى إيران في حدودها الشرقية.
لماذا تقوم السعوديّة بحماية أمنها بالعمل على تدمير اليمن وتمزيقه المجاور لها جنوباً؟
عندما يقول البعض إن العدوّ الإسرائيلي هو الأخطر على اليمن من السعوديّة وفق البيانات المختلفة نجد أن إسرائيل ليست لديها القدرة المالية التي لدى السعوديّة والتي تمكّنها من إنشاء لجنة خَاصَّة مالية لتوزيع الرواتب السنوية أَو الشهرية على عشرات الآلاف وإنشاء أحزاب وشراء أحزاب.
كما أن إسرائيل حدّدت أعدائها الاستراتيجيين والمجاورين لها مصر وسوريا والعراق أولاً والذي خاضت صراعاً دموياً عبر عدة حروب مع هذه الدول، ثم جاءت إيران في المرتبة الأولى بعد أن تم تدمير وتحييد الدول المذكورة بمساعدة وبمشاركة السعوديّة ويتوازى مع المرتبة الأولى حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية، كانت إسرائيل خلال العقود الماضية مشغولة انشغالاً كاملاً بمواجهة تلك الدول كما أن الكيان الإسرائيلي ليس لديه فريضة الحج والعمرة ويتم فيهما استقبال الآلاف من اليمن سنوياً واستقطابهم بينما السعوديّة كانت مشغولة انشغالاً كاملاً باليمن، فاعلة في كُـلّ أحداثه المأساوية شمالاً وجنوباً قتلت رؤساء وعزلت رؤساء ومنعت الاستقرار كما تبين وثائق مهمة في هذا الشأن الصادرة عن مراكز دراسات وأبحاث عالمية، وكذلك مخابرات الدول العربية والأجنبية ولقاءات مع شخصيات قيادية أجنبية وعربية أجرتها فضائيات عالمية وعربية وصحف دولية أن الاختلاف الديني واللغوي بيننا وإسرائيل يعد عائقاً إلى حَــدٍّ كبير أمام القدرة الإسرائيلية في تمكينها من التأثير على اليمنيين بنفس قدرة السعوديّة، لا يعني هذا بأننا نقول إن العدوّ الإسرائيلي ليس عدواً بل نتحدث عن الترتيب في تحديد أعداء اليمن خلال المِئة العام المعاصرة وتوظيف دول عربية خليجية للقيام بمهمة الإضرار باليمن، والذي يوجب على الشعب اليمني في عهد القيادة الثورية التي تولت تحرير اليمن من هيمنة آل سعود وتحمل المواجهة التاريخية خلال ثماني سنوات ضد تحالف العدوان السعوديّ.
إن توجّـه مراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية من تحديد وترتيب أعداء اليمن المجاورين جغرافياً والبعيدين عن اليمن جغرافياً، وكذلك الصديق الحقيقي والصديق المحتمل للشعب اليمني لكي لا نكرّر مأسي الماضي ونعرض اليمن لتكرار الاعتداءات ولإخضاع شعبنا واحتلاله وللحد من إنتاج وتفريخ المرتزِقة.