أمريكا تواصلُ الدفعَ نحو إعاقة جهود السلام ورفض مطالب الشعب اليمني
“سوليفان” ينقل توجيهات واشنطن إلى “ابن سلمان” والسفير “فاجن” يواصل نشاطه العدواني
المسيرة | خاص
تصاعدت مؤشِّراتُ الاندفاعِ الأمريكي نحوَ عرقلةِ جهودِ السلام في اليمن، مع إعلانِ البيتِ الأبيض عن مناقشةِ مسؤولين أمريكيين مِلَفِّ “التهدئة” مع ولي العهد السعوديّ، في ظل رفض معلَنٍ لمطالب الشعب اليمني، وذلك في الوقت الذي يواصل فيه سفير واشنطن تحَرّكاته ولقاءاته المشبوهة مع قيادات المرتزِقة في مسار تثبيت حالة العدوان والحصار والاحتلال، والالتفاف على الاستحقاقات المشروعة لليمنيين.
وقال البيت الأبيض في بيان: إن مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي، جيك سوليفان، التقى بولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان، الأحد، وناقشا الملف اليمني؛ وهو الأمر الذي يعتبر مؤشراً سلبياً جديدًا بالنظر إلى طبيعة الموقف الأمريكي العدواني السلبي تجاه مستجدات المفاوضات، وخُصُوصاً في هذه المرحلة التي تواجه فيها الرياض ضرورة حسم قرارها بشأن السلام وتنفيذ مطالب الشعب اليمني.
وحذر محللون من أن انصياع النظام السعوديّ لرغبات الولايات المتحدة الأمريكية سيهدّد جهود السلام المبذولة ويضع أمامها تعقيدات من شأنها أن تسد الأبواب الإيجابية التي تم فتحها خلال الفترة الأخيرة؛ الأمر الذي سيرفع مؤشرات عودة التصعيد.
ويأتي ذلك في إطار اندفاع أمريكي مُستمرّ نحو إعاقة جهود السلام التي تبذلها الوساطة العمانية، حَيثُ تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى الدخول على الخط والتحكم بمسار المفاوضات بين صنعاء والرياض؛ لفرض تصورات وشروط تنطوي على استمرار العدوان والحصار والاحتلال وتتيح لدول العدوان فرصة التهرب من التزامات السلام الفعلي.
وكان المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، قد أكّـد مؤخّراً أن بلاده لا تدعم تنفيذ مطالب الشعب اليمني وعلى رأسها رفع الحصار وصرف المرتبات، وأنها تشترط موافقة صنعاء على التفاوض مع حكومة المرتزِقة بدلاً عن الرياض؛ مِن أجل تحقيق ذلك؛ وهو الأمر الذي يمثل عرقلة واضحة لجهود السلام التي كانت قد وصلت إلى نقطة إيجابية غير مسبوقة في رمضان الفائت عندما زار وفد سعوديّ صنعاء لإجراء مفاوضات مباشرة مع القيادة الوطنية بحضور الوساطة العمانية.
وتأتي زيارة سوليفان إلى المملكة بالتوازي مع جولة جديدة للمبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ، الذي يتولى مهمةَ إعاقة جهود السلام من خلال محاولات فرض التصورات والشروط الأمريكية على طاولة التفاوض عبر السعوديّة التي لم تُبْدِ حتى الآن أيةَ رغبة عملية في التوجّـه نحو السلام العادل.
وتواصل وسائل الإعلام السعوديّة تبني الموقف الأمريكي وتضليل الرأي العام من خلال تقديم السعوديّة كـ”وسيط بين اليمنيين” وتحميل صنعاء مسؤولية تعثر جهود السلام؛ الأمر الذي يعتبره مراقبون ترجمةً واضحةً لاستجابة النظام السعوديّ لتوجّـهات ورغبات الولايات المتحدة الأمريكية.
وتتزامن زيارة سوليفان وجولة ليندركينغ مع تحَرّكات متواصلة للسفير الأمريكي لدى حكومة المرتزِقة ستيفن فاجن، في مسار الدفع بحكومة المرتزِقة إلى واجهة المشهد لعرقلة جهود السلام وإعاقة تنفيذ مطالب الشعب اليمني.
وفي هذا السياق، قالت وسائل إعلام المرتزِقة: إن “فاجن” التقى، الأحد، بعضو ما يسمى “مجلس القيادة” المعين من العدوان، المرتزِق عبد الله العليمي، وناقشا استمرار الدعم الأمريكي لحكومة المرتزِقة.
وقال حساب السفار الأمريكية في اليمن، إن السفير فاجن أكّـد حرص الولايات المتحدة الأمريكية على تمكين حكومة المرتزِقة من “الموارد المالية” للبلد، في إشارة واضحة إلى إصرار واشنطن على استمرار نهب ثروات البلد والاستحواذ على عائداتها بدلاً عن تخصيصها لصرف مرتبات موظفي الدولة وتحسين الوضع الخدمي للشعب.
وخلال المراحل الماضية حرصت الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير على قطع الطريق أمام تنفيذ مطلب صرف مرتبات الموظفين من إيرادات النفط والغاز، وحاولت ممارسةَ ضغوط متعددة على صنعاء لإجبارها على السماح بمواصلة نهب وتهريب الثروات الوطنية لكن بدون جدوى.
وتشير مجمل التحَرّكات والمواقف الأمريكية فيما يتعلق بالملف اليمني بوضوح إلى إصرار كبير لدى البيت الأبيض على منع إحراز أي تقدم حقيقي في المفاوضات بين صنعاء والرياض، وهو ما يسلط الضوء على رغبة واشنطن في إطالة أمد معاناة الشعب اليمني، وإبقاء المجال مفتوحاً لتعزيزِ التواجد الأجنبي في المحافظات والسواحل والجزر اليمنية، مع إشعال الصراعات الداخلية من خلال مواصلة تمويل ودعم المرتزِقة.
وكان الرئيس المشاط، قد حمل الممثل الأممي هانز غروندبرغ تحذيرات شديدة اللهجة من عواقب الإصرار الأمريكي والبريطاني على عرقلة جهود السلام، مؤكّـداً أن عودة التصعيد ستؤدي إلى أضرار وتداعيات سلبية على مستوى “عالمي”.
وكان رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية اللواء الركن عبد الله الحاكم، كشف الأحد، أن تحالف العدوان ومرتزِقته يجرون ترتيبات عسكرية في الجبهات الشرقية والجنوبية تحت غطاء التهدئة المُستمرّة، مؤكّـداً أن كُـلّ تحَرّكاتهم مرصودة وأن القوات المسلحة جاهزة لكافة الاحتمالات.