معجزةُ غزة دليلٌ آخرُ على قُرب زوال “إسرائيل”..بقلم/ محمد حسن زيد
مساحةُ قطاع غزة لا تُشكّل سوى 1 % من مساحة فلسطين المحتلّة (علماً أن مساحة فلسطين بكلها من البحر إلى النهر هي أقل من مساحة محافظة الجوف اليمنية).
عَرْضُ قطاع غزة هو من 6 إلى 12 كيلو متراً فقط (علماً أن المسافة التي يقطعها الحُجاجُ مشياً من عرفات إلى المزدلفة هي حوالي 6 كيلو مترات)، بينما طول قطاع غزة هو 41 كيلو متراً فقط (وهذه هي أقل من المسافة بين مدينتي صنعاء وكوكبان وحوالي نصف المسافة بين مدينتي مكة وجدة).
وقطاع غزة جغرافياً هو أرض ساحلية منبسطة لا توجد بها جبال ولا موانع طبيعية، فهي مساحة مفتوحة بالمعيار العسكري، كما أن هذه المساحة مليئة بالعملاء والمخبرين على الأرض، ومحاطة بطائرات الرصد المتطورة من الجو وبوارج القتل المتأهبة من البحر، ومن السهل محاصرة قطاع غزة؛ لأَنَّها مساحة صغيرة؛ لذا يمكن وصف هذا القطاع بأنه “أكبر سجن في العالم” علماً أن قطاع غزة تحت الحصار الإسرائيلي منذ عام 2006م أي منذ 17 عاماً ومع ذلك تنجح المقاومة في تصنيع السلاح وتطويره بمساعدة قوى إقليمية تثير غضب الصهاينة وأتباعهم.
ورغم الميزان العسكري غير المتكافئ تقفُ المقاومةُ الغزاويةُ نِداً عنيداً أمام جيش إسرائيل المدجج بأحدث أنواع الأسلحة والذي يمتلك خطوط إمدَاد لا محدودة ويتمتع بغطاء سياسي وإعلامي دولي وإقليمي علني، بينما أُولئك الثلةُ من المقاومين المحاصرين حصاراً مُطبقاً لا يَسْلَمُون حتى من أذى أبناء جلدتهم الذين يتهمونهم بالعمالة لإيران ويحضُّونهم على ترك السلاح والسير مثلهم في قطيع الذل والتبعية والاستسلام “حفظاً للدماء” كما يزعمون “وَحرصاً على حياة”! وهل هناك شيء يحفظ الدماء أنجع من الجهاد؟ وهل تُعدُّ حياةُ الذل والهوان حياةً إلا عند الجواري والعبيد؟
يُثبت الغزاويون يوماً بعد يوم أن الإيمان هو أقوى سلاح على وجه الأرض، ويُثبتون أن المعركة مع الكيان السرطاني محسومة لو دخل فيها 1 % فقط من شعوب الإسلام، فإن كان قطاعُ غزة الصغير قادراً على أن يزلزل إسرائيل رغم حصاره المُطبق وخذلانه التام؛ فماذا سيفعل عملاقُ المليار لو استيقظ من سُبَاتِه، ونفضَ الترابَ على رؤوس عداته؟
وللأسف الشديد أنا لا أقصد الجيوش العربية بكلامي؛ فالأيّام قد علّمتنا أن الغرضَ من هذه الجيوش هو حمايةُ الشخصيات والعروش، ولو تعرَّضت هذه الجيوشُ لضربة واحدة من الضربات التي تمتصها المقاومة قيادة وقاعدة لانهارت وتفككت، نتمنى أن يُصلِحَ اللهُ شأنَ جيوشنا، لكني إنما قصدتُ الشعوبَ المتوثبةَ، متى ما أذن الله أن تزحفَ هذه الشعوبُ نحو فلسطين؛ فلن يستطيع أن يوقفها قصف ولا أن يخدعها إرجاف، لكن على شعوب الإسلام أولاً أن تعود كتلة واحدة متصلة لكي تصبح عمقاً استراتيجياً لأُولئك الأبطال الذين يحملون أرواحهم على أكفهم في الصفوف الأولى، ولن يتم ذلك إلا بعد أن تنبذ الشعوبُ الإسلاميةُ جميع الأصوات التي تعمل على تفكيك عُراها وتشتيت شملها من طائفية مقيتة وقومية محدودة وقُطرية ضيقة، وَإذَا لم يدرك بعضُنا خطورةَ هذه الأصوات حتى الآن وما زالت أولويته مذهبية أَو حزبية أَو قومية أَو قُطرية فَــإنَّ الوقت قد حان ليُدرك الجميعُ ويتحملوا مسؤوليتهم التاريخية والإسلامية وإلا فَــإنَّنا مسؤولون بين يدي الله القائل: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا”، علينا أن نرفع هذا التوجيه الإلهي الحازم في وجه كُـلّ أبواق التفرق لعلهم يتقون أَو؛ مِن أجل إدانتهم وإجبارهم معنوياً على السكوت.
حينئذ سيكون زوالُ إسرائيل حتمياً، والتجربة خير برهان، فمقاتلو اللجان الشعبيّة في اليمن الذين صمدوا أمام زحوف التحالف لسنوات مدعومة بغطاء جوي وبحري وصاروخي في مساحة جغرافية مفتوحة “كجبهة ميدي الساحلية” صمد هؤلاء المقاتلون برغم الدعم المادي والمعنوي المحدود لهم، فلو سُمح لمثل هؤلاء المقاتلين أن ينتشروا على طول حدود فلسطين البرية فهل سيستطيع الجيشُ الإسرائيلي أن يفعل بهم أكثر مما فعل التحالفُ ضد اليمن؟ فالسلاح الغربي المستخدم هو السلاح، والعقول الغربية التي تقود هي العقول، والفجوة التكنولوجية هي نفسها، الفارقُ الوحيدُ هو أن عمق فلسطين الجغرافي عند هضبة الجليل لا يتجاوز 60 كيلو متراً بينما وصل مدى الطيران اليمني المسيَّر في ضربة بقيق وحدها إلى 1160 كيلو متراً وسيكون من اليسير في هذه المعركة تحييد المطارات الصهيونية وتنفيذ هجمات غوريلا خاطفة داخل عمق الأراضي المحتلّة بل وتحرير أجزاء منها!
بالطبع ستلجأ إسرائيل لقصف المدنيين رداً على ضربات اللجان الشعبيّة لكن ذلك لن يعصمها كما لم يعصم التحالف من قبل، بل إن الأمر في هذه الحالة سيكون أسوأ على الإسرائيليين؛ فحين لم يكن باستطاعة اليمانيين الردُّ على استهداف مواطنيهم باستهداف مواطني التحالف لاعتبارات دينية وأخلاقية فَــإنَّ الأمر سيكون مختلفاً مع الصهاينة المحتلّين، حَيثُ سيكون الطيرانُ المسيَّر مطلقَ اليد في الرد على استهداف إسرائيل للمدنيين باستهداف المستوطنين، فكم ستصمدُ إسرائيل ومستوطنوّها حينئذ؟
فالصهاينة لم يأتوا إلى فلسطين للقتال بل جاؤوا للاستيطان والربح، وحين يشعرون بأن بقاءهم مشروط بالخطر، مقرون بالموت فَــإنَّهم لا بد عائدون من حَيثُ أتوا.
السلام على أهل الرباط، السلام على قادة الجهاد، السلام على الشهداء والجرحى نيابةً عن الأُمَّــة المحمدية.
وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين.