القائدُ إياد الحسني.. من التأسيس حتى آخر صاروخ في ثأر الأحرار
المسيرة | متابعات
في تشييع الشهيد القائد في حزب الله عماد مغنية، قال الأمين العام السيد حسن نصر الله بحقه: “على هذه الأُمَّــة أن تعرفه مِن أجلِها، لا مِن أجلِه.. وحقه على الأُمَّــة أن تستلهم روحه، ودرسه، وجهاده مِن أجلِها، لا مِن أجلِه”، وهكذا هم القادة في هذا النهج، وعلى طريق “الهدف الأكبر وهو تحرير فلسطين”، الذي وضعه القائد الكبير في حركة الجهاد الإسلامي وعضو مجلسها العسكري، إياد الحسني، نصب عينه 30 عاماً.
عاش الحسني حياته مجاهدًا ومربيًّا وداعياً إلى المقاومة، وسخّر وقته للمقاومة وللعمل الحركي والإسلامي، وتنقل في العديد من المواقع القيادية والحركية”. لخّص بيان الحركة في هذه الكلمات مسيرة القائد “أبو أنس”، الذي بدأ عمله النوعي في صفوها العسكرية من عملية “بيت ليد” (1995م) وما قبلها، والى آخر صاروخ أطلقه في معركة “ثأر الأحرار” قبل شهادته في الثاني عشر من شهر أيار / مايو 2023م.
من مؤسّسي قسم وأعضاء مجلسها:
يعدّ “الحسني”، وهو من مواليد قطاع غزّة عام 1973م، من الجيل الأول المؤسّس للحركة، كما من القادة المؤسّسين لجهازها العسكري الأول، الذي عرف باسم “القوى الإسلامية المجاهدة – قسم”، والى جانب رفاق دربه الشهيد القائد محمود الخواجا، والشهيد القائد محمود الزطمة، والشهيد أيمن الرزاينة والشهيد عمّار الأعرج، وغيرهم. وقد كان “الحسني” أَيْـضاً من أعضاء المجلس العسكري المصغّر لـ “قسم”، وممن ساهموا بشكل كبير في إمدَاد المقاومة.
أحد قادة عملية “بيت ليد” النوعية:
خططت “قسم العمليات الاستشهادية” ونفّد قادتها العديد من العمليات الاستشهادية، التي استهدفت عمق كيان الاحتلال ونقلت المواجهة إلى جبهته الداخلية، منذ مطلع الثمانينيات، وتكثّـفت عملياتها مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987م، وقد كان “أبو أنس” آخر من استشهد من بين المخطّطين والمدبرين لعملية “بيت ليد” الاستثنائية في تاريخ “الجهاد الإسلامي”، والتي حملت تطورًا ملحوظًا منذ ذلك الوقت في عقلية المقاومة وتخطيطها، وأدّت إلى مقتل 28 “إسرائيليًا”، كما كان “أبو أنس” من القادة المخطّطين للعملية الاستشهادية في “شارع ديزنغوف” (الاستراتيجي في “تل أبيب”) عام 1996م، والتي أسفرت عن 22 قتيلًا.
قائد ملف عمليات سرايا القدس:
مطلع انتفاضة الأقصى عام 2000م، كان القائد “الحسني” من مؤسّسي “سرايا القدس” وأبرز قادتها، وهي الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي اليوم، تدرّج “أبو أنس” في العمل ليتسلّم مسؤولية قيادة ملف عمليات السرايا في غزّة. وقد شارك في كُـلّ الحروب والمواجهات ضد كيان الاحتلال ضمن هذه المسؤولية.
الحسني: لتطوير الفعل المقاوم في الضفة مع الحلفاء في الداخل والخارج:
لم يقتصر نشاط “الحسني” على قطاع غزّة، بل توسّع بما تستلزم المواجهة مع كيان الاحتلال في كُـلّ الساحات. ففي تقرير خاص كان قد نشره موقع “الخنادق” (19/4/2022م)، أكّـد “أبو أنس” على “الجهوزية التامة لمجابهة المستجدات والتطورات”، مُشيراً إلى “مرحلة جديدة انطلقت على يد أبطال نفق الحرية وكتيبة جنين”. وتحدث “في حدود ما يسمح التحدث به حول انطلاق الفعل المقاوم الممنهج في الضفة وإمْكَانية تطوره في المشروع الذي بدأه الشقاقي لإبقاء جذوه الصراع مشتعلة ضمن رؤية شاملة مع الحلفاء في الداخل والخارج”، مُضيفاً أنّ “القيادة العسكرية مُطمئنة لجهوزية واستعداد سرايا القدس لكافة السيناريوهات المحتملة ومفاجأة العدو”.
علاقة الحسني بالضيف ونصر الله:
ربطت القائد “أبو أنس” علاقات مهمة ووطيدة بالفصائل الفلسطينية، وبقيادات المقاومة من مختلف الساحات، ومن بين أبرزها علاقته بقائد أركان كتائب القسّام المعروف بـ “محمد الضيف”، وقد ذكرت حركة حماس في بيانها حول استشهاد أبو “أنس”، أنّ الأخير كان المسؤول عن التنسيق بين قيادة “القسام” وسرايا القدس خلال معركة “ثأر الأحرار”، وللقائد “الحسني” أَيْـضاً علاقة وثيقة بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بالإضافة إلى شخصيات من القيادة الإيرانية.
عائلةٌ مجاهدة:
لم يكن القائد “الحسني” بعيدًا عن أجواء عائلته المقاوِمة، فله شقيق هو محمد، الأسير فالشهيد الذي شكّل مع الشهيد محمد أبو حصيرة نواة الخلية العسكرية الأولى لحركة الجهاد الإسلامي عام 1981م، كما للقائد شقيق آخر هو زكي، انتمى إلى المقاومة الفلسطينية واستشهد في العاصمة اللبنانية بيروت، حَيثُ دفن في “مثوى شهداء فلسطين”، سبق للعائلة أنّ قدمت شهيدًا أَيْـضاً قبل “أبو أنس” عام 2011م، وهو ابن شقيق القائد، رماح فاير الحسني، الذي اغتاله الاحتلال بزرع عبوة في سيارته، بعد سيرة جهادية عمل فيها “رماح” على مدّ جسور المقاومة بين غزّة ولبنان، وغيرها من المسؤوليات.
شهادةٌ على رأس العمل الجهادي الميداني:
أمام سيرة عسكرية طويلة، تعرّض فيها “الحسني” للاعتقال ولمحاولات الاغتيال، إذ كان اسمه على لائحة المطلوبين لكيان الاحتلال، استشهد هذا القائد وهو على رأس عمله الجهادي الميداني في إدارة معركة “ثأر الأحرار” منذ لحظة اغتيال القادة جهاد الغنّام، خليل البهتيني، طارق عز الدين، ومن لحق بهم الشهيد علي غالي وأحمد أبو دقة، ومشرفًا على إطلاق الصواريخ الثقيلة التي فاجأت مستويات الاحتلال، وأحدثت دمارًا مهمًا لم يعهده في الجبهة الداخلية.
استهدف طائرات الاحتلال شقةً تواجد فيها القائد “الحسني” في حي النصر في غزّة، ليستشهد برفقته الشهيد محمد عبد العال، وقد زعمت إذاعة جيش الاحتلال في إعلانها عن الخبر أن إسرائيل اغتالت من يعادل رئيس شعبة عمليات بالنسبة لها”.
فيما، على مبدأ “يخلف القائد ألف قائد”، وفق ما أكّـد الناطق باسم سرايا القدس “أبو حمزة” في بداية معركة “ثأر الأحرار”، تتابع السرايا بكل ثبات معركتها ضد الاحتلال، فهي كانت وبالتزامن مع سحب جثمان قائدها، تطلق صواريخها نحو مستوطنات غلاف غزّة، وتعلن أنها استخدمت لأوّل مرّة طائرة “جنين” في قصف موقع “ناحل عوز” التابع للجيش، واعترفت أوساط الاحتلال أنّ صواريخ المقاومة وصلت لأول مرّة في المعركة إلى شرق “اسدود”، حَيثُ المينا المحتلّ، وتتوعّد بمزيد من المواجهة وتوسيع مدياتها.