العدوانُ في زمن التطبيع.. بقلم د/ شعفل علي عمير
بسم الله الرحمن الرحيم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أولياء بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ الله لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
لم يكن للإرهاب الصهيوني أن يتجرأ كما تجرأ في هذا الزمن، لولا الوضع المزري الذي وصلت إليه الأُمَّــة العربية والإسلامية من ضعف وتفكك وصراعات كانت كلها تخدم العدوّ الإسرائيلي بالدرجة الأولى والقوى الاستعمارية التي تسعى للسيطرة على مقدرات الأُمَّــة إلى الحد الذي أصبحت فيه بعض الدويلات العربية والكيانات المحسوبة على الإسلام تنوب عن أعداء الإسلام في حربها؛ خدمة لأعداء الأُمَّــة في إثارة الفتن ودعم الجماعات الإجرامية التي وُظِّفت أصلاً لهذه المهمة.
سخرت تلك الدويلات والكيانات المسماة “عربية وإسلامية“ كُـلّ إمْكَاناتها المالية؛ حتى يحقّق أعداء الأُمَّــة أهدافهم دون أية خسارة؛ وحتى يتمكّن الأعداء من مقدسات ومقدرات أمتنا الإسلامية والعربية بأموال وثروات شعوب تلك الكيانات العميلة بالتكلفة الصفرية للعدو، لقد تولى عملاء الأُمَّــة أعداء الله إلى الحد الذي أصبحوا أشد عداءً للأمتهم العربية والإسلامية وأشد حُبًّا لأعدائها.
طبَّعت دولٌ عربية وإسلامية مع الكيان الصهيوني؛ بذريعةِ أن التطبيع جزءٌ من حَـلِّ قضية الأُمَّــة الإسلامية، قضية احتلال هذا الكيان للأراضي العربية فلسطين، التي يواجه شعبها عدواناً مباشراً من الكيان الصهيوني ومؤامرة صريحة ممن ينتمون لهذه الأُمَّــة.
تستمر مؤامرة الأعراب على كُـلّ من يناصر الشعب الفلسطيني، كما هو حاصل في سوريا واليمن، مستخدمة جماعاتها الإجرامية وعملاءَها في المنطقة؛ كُـلّ ذلك لتحقيق أهداف أسيادهم، أولاً: في تمكين الكيان الصهيوني من احتلال فلسطين العروبة والإسلام، وثانياً: لتمكّن قوى الاستكبار العالمي من مقدرات الأُمَّــة في السيطرة على السواحل والجزر الاستراتيجية، وكذا السيطرة على منابع الثروة في اليمن وسوريا والعراق.
المؤامرة أصبحت واضحة ومكشوفة أمام كُـلّ أبناء أمتنا، وإن لم تعِ شعوب الأُمَّــة هذه المؤامرة وتعمل ما هو واجب عليها في الذود عن مقدساتها وثرواتها قبل فوات الأوان؛ فَــإنَّ مقدساتها ومستقبلها وثرواتها سيصبح مرهوناً بأيدي أعدائها، أما دول التطبيع بغبائها فهي أول الخاسرين، والهدفَ الخفيَّ لمن سخَّرت نفسَها وماكناتها المالية لأعداء الله؛ فبعد انتهاء مهمتها في تفكيك الأُمَّــة وتمكين أعدائها من تحقيق أهدافهم التي كلفت تلك الدول وحكوماتها العميلة لتمويل تكاليف حربها على الأُمَّــة الإسلامية والعربية، عندها فَــإنَّ التخلص من هذه الكيانات العميلة سوف يصبح حتماً وغير مكلف، لا سيَّما وقد فقدت هذه الكيانات العميلة عُمْقَها العربي والإسلامي؛ نتيجة ما اقترفته من جرائمَ ومؤامراتٍ على عمقها الاستراتيجي، سوف تندم حينما لا ينفعُ الندمُ إذَا ما تحقّقت للدول الاستعمارية أهدافَها.