على دروب الدورات الصيفية.. بقلم/ منصور البكالي
(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) صدق الله العظيم.
من هم الذين يرفعهم الله؟ وما صفاتهم؟ وكيف نفوز برفعة الله؟ وأين هي ميادين الحصول على هذه الرفعة؟ وما تأثير رفعة الله في واقعنا وتغير أحوالنا؟ وهل نحن جديرون بأن نكون أهلاً لذلك؟ ولماذا يقدم الله لنا هذه الآية في كتابه الكريم؟ وهل عملنا بها وطبقناها في واقعنا العملي لنحظى بها؟
كل هذه الأسئلة وأكثر نجد الإجَابَة عنها في ما تقدمة الدورات الصيفية للأجيال، وفي محتويات مناهجها وأنشطتها التربوية والثقافية والرياضية، بل إن من صنعتهم هذه الدورات يجسِّدون المعنى الحقيقيَّ لرفعة الله لهم في واقع حيالتهم، ومن شخص لآخر تتغير درجات هذه الرفعة، كما نجدُها واقعًا ملموسًا في حياة المجاهدين والشهداء الذين تربوا فيها ونهلوا من عذب وعيها، حين خرجوا منها على مستوًى عالٍ من الإيمان والوعي والبصيرة.
تقرب لنا هذه الآية أنسب صورة مكتملة الملامح وواضحة التعبير، وأصدقَ توصيف يعبِّر عن حال هاتين الفِئتَين اللتَين يرفعُهما الله في الدنيا والآخرة، ودوراتنا الصيفية اليوم -بمناهجها وبرامجها وأنشطتها- تجمع بين الإيمَـان والعلم مقدمة الفرصة الثمينة لمن يسعون للرفعة المُستمرّة والأبدية في الدرين، ويلتحقون بالذين آمنوا وبالذين أوتوا العمل درجات، وكُلٌّ بقدر ما اهتم وسعى وبَذَلَ من الجهد والتركيز؛ ليحصل على ثمار الوعي المؤدي للإيمَـان والرافع للعلم ودرجاته.
من التحق بهذه الدورات أَو سجل أولاده أَو إخوانه أَو عمل فيها كمعلِّم أَو إداري يشعر من الوهلة الأولى بالمزيد من الرفعة والعزة والكرامة التي أخبرنا الله عنها.
مصاديقُ وعد الله في الآية حاضرة وبقوة في واقع شعبنا اليمني الصامد في وجه العدوان والحصار الأمريكية السعوديّ منذ 8 أعوام، وفي حال حياة الرموز والقادة الذين سبق لهم وتخرجوا من أمثال هذه الدورات الصيفية التي كان الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي ومعه عدد من زملائه الأعلام، حريصين على إقامتها في صعدة وفي بعض مناطق اليمن ذات التأثير والتأثر بنشاط بعض من العلماء المستشعرين لمسؤوليتهم أمام الله وأمام هذه الأُمَّــة.
ومن النماذج والرموز القادة التي صنعتهم الدورات الصيفية ويعبرون عن هذه الآية، قياداتنا في المسيرة القرآنية وشهداؤنا القادة، كالشهيد الرئيس الصماد وأبي طه المداني، وكل شهدائنا العظماء خلال الحروب الست الظالمة على صعدة، وُصُـولاً إلى قيادات وشهداء ثورة 21 سبتمبر، وكل شهداء وقيادات اليمن الصامدين في وجه العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ المُستمرّ على شعبنا العزيز.
من يعيد شريط الذاكرة يجد أن خريِّجي الدورات الصيفية تتجسَّدُ في حياتهم الرفعةُ الموعودةُ؛ فتغيرت حياتُهم من الاضطهاد والاستضعاف إلى التمكين والنصر والاستخلاف في الأرض، البعضُ منهم صاروا عند ربهم يُرزقون ومنهم قادة سياسيون وعسكريون وثقافيون، يقودون سفينةَ اليمن إلى بر الأمن، وَيضعون المعادلات والتحولات الاستراتيجية في مختلف الميادين، ويخوضون غِمار المواجهة ضد قوى الاستكبار العالمي في هذا العصر، فهنئاً لشعبنا هذه الدورات وهنيئاً لمن يلتحق بها.