الصرخةُ عنوانٌ شاملٌ للثورة الإسلامية.. بقلم/ إياد الأسد
أتى شعار الصرخة في وجه المستكبرين والطغاة والمستبدين والمستعمرين للشعوب الذي صرخ بها الشهيد القائد السيد/حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- بتاريخ 17/1/2002م، وهو يلقي محاضرة مهمة “الصرخة في وجه المستكبرين” وضح من خلالها أهميّة وضرورة وأسباب الصرخة في وجه المستكبرين، والذي كانت البشرية عامة والأمة العربية الإسلامية خَاصَّة في أَمَسِّ الحاجة إليه لإنقاذ البشرية من ذروة الفساد، وَإعلاناً واضحًا للثورة الإسلامية وعودة للثقافة القرآنية وتمسكاً بمنهجية الله وَللأنصاف للبشرية وللإنسانية وتكريماً للمستضعفين، وإخراجاً لهم من ظلمات اليهود والأمريكيين، من موقع العزة والكرامة والنور القرآني الرباني الشعار لم يكن لوحده، الشعار أتى ضمن نشاط تثقيفي وتوعوي واسع، ونشاط تعبئة واسعة، ونشاط كذلك يتجه إلى مواقف وخطوات عملية مرسومة ومحدّدة تضمَّنتها الثقافة القرآنية، وَأَيْـضاً صَحِبَه وكان إلى جانبه موقفٌ آخر هو المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية..
الشعار أَيْـضاً يكسر حالة الصمت والسكوت التي أراد الآخرون أن يفرضوها على أمتنا من الداخل، في مقابل الهجمة الهائلة الشاملة من جانب أعداء الأُمَّــة، وما يفعله الأمريكي، وما يفعله الإسرائيلي، الذي يتحَرّك للاستفادة من هذه الهجمة الأمريكية والغربية لإنجاز ما يريد أن ينجزه، وأن يستكمله في فلسطين، لتصفية القضية الفلسطينية بشكلٍ كامل، ولأن يتبوأ دوره الكبير في المنطقة في إطار التحَرّك الأمريكي والغربي الواسع، في إطار ذلك، وفي ما يصحب ذلك من مؤامرات واستهداف شامل لواقع الأُمَّــة، أرادوا أَيْـضاً ألَّا يكون هناك أي تحَرّك يعيق التحَرّك الأمريكي والغربي والإسرائيلي، وأن تبقى الساحة العربية، والساحة الإسلامية بشكلٍ عام، ساحة مفتوحة، وبيئة مهيَّأة وخصبة لكل المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية دون أي عائق على المستوى الشعبي أَو الرسمي في أي بلدٍ عربيٍّ أَو مسلم، يعيق مؤامرات الأعداء، ويتصدى لمؤامراتهم وخططهم، أرادوا أن تبقى الساحة ساحة خانعة، مستسلمة، متقبِّلة، وأن يكون الحال بالنسبة لأبناء هذه الأُمَّــة: إمَّا أن يسكتوا رهبةً وخوفاً ورعباً واستسلاماً، وإمَّا أن يتقبَّل البعض منهم تلك الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية والغربية، وأن يتجاوب معها، أن يستجيب لها، أن يتفاعل معها وفق ما يريده الأعداء، وهذه حالة خطرة جِـدًّا.
ثم في مواجهة حملات التضليل بكل أنواعه، التضليل على المستوى السياسي، بعناوينه المتنوعة والمخادعة، وعلى المستوى الثقافي، وعلى المستوى الفكري… على كُـلّ المستويات، في النشاط الإعلامي والدعائي، الأُمَّــة بحاجة إلى أن تتحلى بالوعي إلى درجةٍ عالية، أن تكون الأُمَّــة في موقف هي في حالة يقظة، وانتباه، ونظرة صحيحة لمعرفة أعدائها، ومؤامراتهم، ومخطّطاتهم، وفي حالة تعبئة واستنفار، وفي حالة اهتمام واستعداد، وفي حالة توجّـه عملي؛ لأَنَّ الشعار لا يعني ذلك أن نقتصر عليه فحسب، هو عنوان يعبِّر عن توجّـه، نتحَرّك في إطار ذلك التوجّـه تحَرّكاً واسعاً في كُـلّ المجالات، في كُـلّ المجالات بكل ما تعنيه الكلمة، لبناء أنفسنا كأمةٍ تواجه تلك التحديات والأخطار، تبني نفسها عسكريًّا واقتصاديًّا… وفي كُـلّ المجالات، تتجه بمشروعٍ حضاري يعبِّر عن هُــوِيَّتها الإسلامية، يُبنَى على أَسَاس من انتمائها الإسلامي، فهو مشروعٌ واسع، وتحَرّك حكيم، وتحَرّك واسع.
أيضاً هذا التحَرّك الحكيم هو يكشف زيف الأعداء، ويُسقِط العناوين التي يخادعون بها الأُمَّــة، عندما انطلق هذا الشعار بهذه الطريقة: هتاف، ومقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، ونشاط توعوي في أوساط الأُمَّــة، نشاط للتوعية التثقيفية في أوساط الأُمَّــة، واجهوه، وهم كانوا يحملون عنوان حرية الكلمة، عنوان الديمقراطية، عنوان السماح بالمعتقد والتعبير، فلم يطيقوا ذلك، وعارضوا ذلك، وحاربوا ذلك أشد المحاربة، وتجلى زيفهم، وسقطت عناوينهم المخادعة
نرى قيمة هذا الموقف، أنه كان موقفاً- بكل ما تعنيه الكلمة- منطلقاً:
– من وعيٍ عظيم.
– من بصيرةٍ عالية.
– من ثقةٍ عظيمةٍ بالله.
– من استشعار عالٍ للمسؤولية..
عندما تحَرّك لم يكن هناك من يعلن مساندته له، أَو يعلن وقوفه إلى جانبه، لا دولة، ولا كيان هنا أَو هناك، لم يكن هناك من يمده بأي مدد، بأي إمْكَانات مادية، كان اعتماده بشكلٍ كليٍّ على الله “سبحانه وتعالى”، ويسعى لأن يقوم بواجبه، وأن يقوم بمسؤوليته، وكان يدرك جيداً- وهو المستبصر ببصيرة القرآن الكريم، والمتأمل عميقاً في واقع أمته- الخطورة الرهيبة جِـدًّا للسكوت، للصمت، للاستسلام، للهزيمة النفسية، والأبعاد لذلك، وما يترتب على ذلك من نتائجَ خطيرة للغاية، في مستقبل شعبنا العزيز، وفي مستقبل الأُمَّــة بشكلٍ عام على كُـلّ؛ منذ إطلاق هذه الصرخة وهذا الشعار، والتحَرّك في هذا المسار العملي الذي يجعل من التصدي للهجمة الأمريكية والإسرائيلية على أمتنا الإسلامية أولوية، ومنطلقاً عمليًّا في كُـلّ المجالات، ويسعى إلى بناء الأُمَّــة على كُـلّ المستويات، وعلى مستوى الوعي، وعلى المستوى العملي في كُـلّ المجالات، لتكون بمستوى مواجهة هذا الخطر وهذا التحدي، ويستنهضها للقيام بواجبها في التصدي لهذه الأخطار، منذ تلك الصرخة وإلى اليوم فَــإنَّ مسار الأحداث، وكل المستجدات التي استجدت من الوقائع والمشاكل والأحداث في واقع الأُمَّــة في مختلف البلدان الإسلامية، وفي الواقع اليمني، وإلى اليوم تشهد بكلها على صحة وصوابية هذا الموقف، وهذا المسار، وهذا التوجّـه، وعلى الحاجة الملحة، والضرورة الأكيدة لموقف في مواجهة هذا الخطر الكبير الأمريكي والإسرائيلي بكل وسائله، بكل أدواته، بكل أساليبه، بكل مؤامراته المتنوعة التي لها أشكال كثيرة، وتدخل إلى كُـلّ المجالات.