مَن الذي يستنكرُ الصرخة ولماذا؟!..بقلم/ علي مهدي العوش
من يلاحظ كم هناك من الكتب والمجلات والصحف وغيرها من المنشورات التي تصدر يوميًّا في البلدان العربية يعتقد أن الشعوب العربية مثقفة ولديها من الوعي ما يكفي لتواجه كُـلّ أنواع الضلال والمضلين في العالم وعلى رأسهم اليهود والنصارى، لكن للأسف الشديد حصل العكس وتحقّقت مقولة أعتقد أن من قالوها هم اليهود: (العرب لا يقرؤون وَإذَا قرأوا لا يفهمون وَإذَا فهموا لا يطبقون).
للأسف الشديد من خلال ما شاهدنا الواقع نجد صحة ما قالوه عن العرب؛ ولذلك يدرك المتابع للأحداث حجم التخلف الذي تعيشه الدول العربية.
من يقرأ التاريخ يعرف كيف كان ماضي العرب عندما كانوا في الجاهلية قبل الإسلام، كان العربي يمتلك من القيم والأخلاق ما يتميز به عن بقية القبائل؛ إذ إن العربي كان يتمتع بالشجاعة والكرم والجود والوفاء بالعهد والنبل، أضف إلى ذلك كان العرب لا يخضعون لظالم ولا لمستعمر ولا لمحتلّ، بل إن اليهود كانوا يدخلون مع بعض القبائل في أحلاف ويدفعون الجزية مقابل الحماية، كُـلّ هذا قبل الإسلام فما الذي حصل بعد ذلك.!
من الملاحظ أن الله عندما لعن بني إسرائيل، واستبدل العرب بديلاً عنهم لحمل الرسالة كان قد منحهم الكثير من المؤهلات ليكون لديهم القدرة على حمل المسؤولية وتبليغ رسالة الله للعالمين، ولذلك أختار منهم خير البرية وخاتم أنبيائه النبي محمد -صلوات الله عليه وعلى آله وسلم- وأنزل معه أفضل كتبه وهو القرآن الكريم، الذي جعله بلغتهم وهذا بحد ذاته شرف عظيم، إضافة إلى هذا الشرف جعلهم خير أُمَّـة أخرجت للناس وربط هذا الوسام بمسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلما تخلت الأُمَّــة عن مسؤوليتها ولم تتبع كتاب ربها ولم تتمسك بنبيها عادت إلى جاهلية أسوء من الجاهلية الأولى، مع العلم أن الله كان قد حذر العرب من أشد أعدائهم وهم اليهود، وذكر خطرهم بالتفصيل في كتابه الكريم وقال أنهم لن يرضوا عنا إلا إذَا اتبعناهم، وأننا إذَا أطعنا ولو فريقٌ منهم فسيردوننا بعد إيماننا كافرين، وأنهم يعظون الأنامل علينا من الغيظ، كُـلّ هذه التحذيرات والإنذارات جاءت في القرآن الكريم ولكنها للأسف لم تجد آذاناً صاغية.
وقال إن الحل الوحيد لمواجهتهم هو بالتمسك بالقرآن والعترة من آل بيت رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله وسلم-، ولذَلك عندما ابتعدت الأُمَّــة عن هاتين الركيزتين هانت وأذلها أعداؤها، وأصبح البديل عن ثقافة القرآن ثقافة الشيطان، وبدل الحق الباطل، وبدل الصدق الكذب، وبدل الحرية الاستعباد، وبدل النور الظلام، وبدل المعروف المنكر، وبدل الإيمان الكفر، وبدل الحضارة التخلف، وبدل الاعتصام التفرق، وبدل الأمانة الخيانة، وبدل العدل الظلم، وبدل الحلال الحرام، وهكذا أصبح لكل القيم الأخلاقية المذكورة في القرآن بديلاً.
البديل عن العزة الذلة، وبديل القوة الضعف، وبديل الانتصار الهزيمة، وبديل الكرم البخل، وبديل السمو الضعة، والأسوأ من ذَلك كله أن الكثير من أبناء هذه الأُمَّــة قد جعلوا بديلهم عن القرآن كتباً أُخرى أسموها كتب السُّنة، أخذوا منها كُـلَّ تشريعاتهم ومنهجهم، تاركين كتابَ الله في رفوف المساجد وحفظوا آياته للتغني بها في مؤتمراتهم واحتفالاتهم ومسابقتهم؛ فاشتروا بآيات الله ثمناً قليلًا وعطلوا حدود دين الله؛ فقتلوا النفس التي حرم الله وانتهكوا الأعراض وأباحوا الفاحشة وتولوا أعداء الله من اليهود والنصارى وتحالفوا معهم.
كلّ هذا ما ظهر منهم وما خفي كان أعظم، ولذَلك لا تستغربوا إن وجدتم من يستنكر شعار الموت لأمريكا والموت لإسرائيل في مجتمعنا فهناك من باع نفسه لهم ونذر حياته مِن أجلِهم؛ لأَنَّه أصبح أمريكيَّ الولاء صهيوني الهوى.