هل تُضيع السعودية الفرصة كما فعل عملاؤها؟
علي السراجي
كانت السلطة المستقيلةُ والقوى المساندة لها في الداخل في غنىً عن استدعاء وشرعنة التدخل الدولي والإقليمي وَالذي تتوج بالعُــدْوَان العسكري السعودي الأَمريكي على الـيَـمَـن، لكنها سارت في هذا المشروع مستسلمةً للأبعاد المذهبية والسياسية الحزبية والمنطقية لتحقيق أَهْـدَاف معنوية وانتصاراتٍ على خصومها عبر تدمير الوطن، معتقدة أنه سيتم تصفية خصومها وتسليم البلد لها.
وكونها كانت مسلوبة القرار سابقاً من قبل قوى التدخل الخارجي فقد تم منعها من تحقيق التوافق الوطني مع جميع المكونات الوطنية، واليوم أَيْضاً نجدها لم تعُد تسيطر على قرار العُــدْوَان أَوْ حتى تديره كونها أسيرة السعودية وَتحالفها وسياساتها وخططها وكذلك السياسات الإقليمية والدولية، وَهو الأمر الذي جعلها المتضرر الأَكْبَـر من هذا التدخل وَالعُــدْوَان الذي سعت إليه وشرعنته وقدمت له كُلّ العون والتأييد، لتكون النتيجة عكسية وَتصبح الأَوْضَـاع في مصلحة خصومهم من القوى الثورية وَالوطنية المواجهة للعُــدْوَان السعودي الأَمريكي.
ومن باب التشابه في السياسات والخطط بين السعُوديّة وعملائها نجد السعُوديّة قد سارت في نفس الطريق وَارتكبت نفس الخطأ والجريمة حينما شنت عُــدْوَانها على الـيَـمَـن تحت غطاء التحالف العربي أَوْ الإسْـلَامي أَوْ تحالف العشر الدول وغيرها من المسميات التي انطلقت في بداية العُــدْوَان، مع أَن الـيَـمَـن دولة شقيقة وجارة وَكان بإمكان السعودية معالجة كُلّ الملفات والقضايا التي تثير حفيظتها أَوْ قلقها بما يتناسب مع العلاقات الجغرافية وَالديموغرافية بين البلدين وبما يضمن الحفاظ على سيادة البلدين واستقلال قرارهما السياسي، كون انتهاك سيادة أحدهما أَوْ الاعتداء عليه أَوْ حتى مجرد إضعافه سيكون بالتأكيد ذا اثر عكسي على سيادة واستقلال الطرف المعتدي كنتيجة حتمية أثبتها الأحداث التأريخية والحالية.
بمعنى آخر كانت السعودية في غنىً عن فتح باب صراع لا مبررَ له ولا نتيجة منه، غير تحوله مع الوقت إلَـى ورقة ابتزاز دوليّة وإقليمية ضدها وهو أمرٌ مضحك، بل أَكْثَــر من ذلك أنتج هذا العُــدْوَان معادلة جديده في المنطقة كانت سبباً رئيسياً في تدويل الملف الـيَـمَـني ليصبح ملف العُــدْوَان على الـيَـمَـن خارج سيطرة السعُوديّة وَتحالفها الوهمي، كما أَصْـبَـح هذا العُــدْوَان الذي حظي بالغطاء والشرعية العربيّة في قمة شرم الشيخ بحجة إعَادَة ما يسمى بالشرعية وَمحاربة ما يسمى بالنفوذ الإيْـرَاني وإعَادَة الـيَـمَـن إلَـى حضن العرب، ورقة ضغط وابتزاز دوليّة تستفيد منه الكثير من الدول الإقليميّة ومنها إيْـرَان وَروسيا أَوْ حتى على المستوى الدولي من أروبا إلَـى أَمريكا وإسْرَائيْل بل إن الكثير من الدول قد عالجت ملفاتها وصراعتها بسب التهور والغباء السعودي الذي قدم لها هذه الفرصة على طبق من ذهب كالملف النووي الإيْـرَاني والملف السوري، ولإثبات ذلك فخلال الأيام الماضية تم الحديث عن هدنة أَوْ مفاوضات في مناطق حدودية بين البلدين وبغض النظر عن التفاوض وأَطْـــرَافه ونتائجه، فَإن الملاحظ هي الأخبار والتصريحات وردود الأفعال التي صدرت رسمياً أَوْ حتى إعْـلَامياً من قبل بعض الدول الإقليميّة لنكتشف أنها لا ترغب بمعالجة الملف الـيَـمَـني نهائياً وكذلك نكتشف أَن ديمومة العُــدْوَان من عدمه لم يعد قراراً سعودياً بحتاً أَوْ حتى بيد ما يسمى بالتحالف العربي بل أَصْـبَـح خاضعاً للمعادلات الإقليميّة والدول ومعادلاتها ومصالحها.
وكخلاصة يمكن القول إن من وضع خطة العُــدْوَان السعودي الأَمريكي على الـيَـمَـن كان يدرك هذه الابعاد بل ويعلم يقيناً أَن هذه المنهجية والطريقة التي اتبعها لشن العُــدْوَان وشرعنته إنما يلف حبل المشنقة حول عنق النظام السعودي بالتدريج، فهل أَصْـبَـح النظام السعودي يدرك هذه الحقيقة التي بات واضحة للجميع؟ وهل لديه القدرة على تفادي ومعالجة ما وقع فيه قبل فوات الأوان وله عبرة بما حصل مع عملائه وأدواته في الـيَـمَـن؟ الأيام القادمة ونتائج المفاوضات كفيلة بالإجابة على هذه التساؤلات وغيرها، كما أنها ستثبت حقيقة سيطرة النظام السعودي على قرار إيقاف العُــدْوَان على الـيَـمَـن من عدمه.