وماذا عن الوحدة؟!..بقلم/ هدى الشامي
تمتلك اليمن سواحل تمتد لأكثر من ٢٢٠٠كم مربع على سواحل البحر الأحمر والبحر العربي، وهذا معناه مياه إقليمية هامة وثروة سمكية وبحرية من أملاح ومرجان ولؤلؤ، والأهم من هذا كله عصب الحياة (النفط- الذهب الأسود).
حاولت السعوديّة في العقود الماضية مَدَّ أنبوب للنفط عبر أراضينا الجنوبية المتصلة بالبحر العربي، وعندما وافق الحاكم آنذاك على هذا شريطة أن يتم تأجيرُ المكان الذي سيمد فيه الأنبوب، ارتأت جارةُ السوء أنه في حال إذَا حدث أي خلاف بين الدولتين فَــإنَّه سيتم إيقافُ هذا الخط فتراجعت عن هذا المشروع؛ لحاجةٍ في نفس يعقوب كما يقال، تقع محافظة حضرموت في جنوب اليمن وتمثل ثُلُثَ مساحة الدولة وتمتلك مقومات بناء دولة خَاصَّة بها، عُرِفَ عن أهل هذه المحافظة طيبةُ القلب وزكاء النفس وعلمهم الواسع لدرجة أن هناك طلبة علم يأتون من دول جنوب وجنوب شرق آسيا للدراسة فيها، كما تمتلك أراضيَ زراعية ونفطاً وخامات معدنية هامة بكميات عالية، بالإضافة إلى أنها منطقة سياحية عظيمة؛ نظراً لجمال سواحلها ودفء مياهها، جميع هذه المقومات جعلتها محط أنظار الغزاة منذ القدم وحتى يومنا هذا.
اليمن دولة واحدة، والدليل هو قول الرسول -صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وسلم- في إتمام الدين الإسلامي (ليسير الراعي من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف على نفسه وقطيعه إلا الذئب) أَو كما قال؛ ولكن بسَببِ ما حدث من احتلال للمحافظات الجنوبية من قبل البريطانيين ومن سيطرة الدولة العثمانية على المحافظات الشمالية؛ ما أَدَّى إلى تفكك الدولة، قام أبناء اليمن الشرفاء بخطوات واتّفاقيات عديدة لإعادة الوحدة امتدت من السبعينيات إلى التسعينيات؛ أي قرابة العشرين عاماً، وتكللت هذه الخطوات بالنجاح وتم إعلان الوحدة المباركة في ٢٢ مايو ١٩٩٠م.
ومع قيام الوحدة ظهرت التكتلاتُ الحزبية بمختلف أشكالها ومسمياتها وطوائفها وانتماءاتها؛ فحدث ما لم يخطر على البال، حَيثُ دخلت اليمن في نفق مظلم ودائرة ليس لها نهاية من المعارضات واختلافات الرأي وإقصاءات للموظفين وتفرد بالحكم وإهمال وعدم اهتمام بالمحافظات الجنوبية على الرغم من كبر مساحتها وما فيها من الخير والنعم.
للأسباب السابقة حدث ما كان متوقعًا حدوثُه؛ ألا وهو اشتعالُ حرب ضارية قادها نائب الرئيس (علي سالم البيض)، دارت رحى هذه الحرب لعدة أشهر بفضل ما امتلكه المخلوع علي عبدالله صالح وبفضل خيانة عبدربه منصور هادي للبيض وكان النصر حليفهم، وبالفعل تم إعادة الوحدة بعد الانتصار في حرب الانفصال في صيف عام ١٩٩٤م، ولم نتعظ أَيْـضاً بالرغم من كُـلّ ما حصل لنا فقد يحاول العملاء فَكَّ عرى الوحدة مرة أُخرى بفضل ما تمتعت به من دعم دول الخليج وبالذات السعوديّة والإمارات.
هَـا هو التاريخ يعيد نفسَه ولكن هذه المرة بشكل أوضح من خلال دعم دويلة الإمارات لرجلها ومتبوعها عيدروس الزبيدي، الذي يحاول جاهداً وبكل ما تمده من إمْكَانيات ضخمة في إفشال مشروع الوحدة والقضاء عليه، وله أذرع عديدة ومنهم البحسني الذي كان محافظًا لحضرموت وتم ترقيته؛ بسَببِ خيانته إلى نائب للمسمى عيدروس الزبيدي.
ها نحن اليوم على بعد يوم من الاحتفال بإعادة تحقيق الوحدة وهم على بعد نفس اليوم من إعلان الانفصال على مرأى ومسمع من المجلس الرئاسي بقيادة العليمي ووزرائه، وكأن الأمر لا يعنيهم، فهل هذا معناه رضاهم التام أم خوفهم؟!
هل هم فعلًا يريدون الانفصال بعد كُـلّ ما بذل من أرواح لأجل هذه الوحدة التي ستؤدي في يومٍ من الأيّام إلى وحدة الأرض العربية بأكملها؟!