فيلم “السيطرة” يحكي سيادةَ السفارة الأمريكية في اليمن
المسيرة – يحيى الشامي
أكثر من زاوية مظلمة أضاء عليها فيلم “السيطرة الأمريكية”، كاشفًا عن خبايا التدخل، وخفايا انتهاك السيادة اليمنية، وما قابلها من انبطاح وترحيب وتسهيل سلطوي مكّن الأمريكي من مكامن قوة الدولة وأسرارها وجغرافيتها.
لم يكن لأمريكا مُجَـرَّدُ سفارةٍ كما ليس السيطرة مُجَـرّد فيلم عرضته “المسيرة”.
أين الوطنية يا وطنيّون؟
يضع “السيطرة” في رسم الوعي المجتمعي بنكَ أدلّة قطعية عن حجم ومستوى السطوة الأمريكية على الدولة اليمنية نفوذ تمدد من بوابات الانبطاح السلطوي غيرِ المشروط ولو بحَدٍّ أدنى من الغِيرة الوطنية، التي تغنّى بها فارسُ العرب وفرسان الجمهورية وثُلة الساسة والقادة والعسكر..
بعضٌ من رأس الجليد:
يحكي الفيلم أنشطةَ سفارة واشنطن في صنعاءَ خارج أطر الدبلوماسية وقانون العلاقات الدولية؛ فللسفارةِ كاملُ السيادة ولها بيروقراطية الحكومة والحوكمة وَالتحكم؛ فهي الرئاسة ومقر القيادة ومَجْمَعُ لقاءِ النخبِ ومصدرِ الإملاء وملتقى العملاء في المشهد الداخلي، أما على مستوى الإقليم فيكشفُ “السيطرة” عن توسع النشاط الاستخباري الأمريكي مدفوعاً بتساهل النظام وتسهيلات المتسابقين على أبواب السفارة؛ لتجعل السي آيه أيه من اليمن محطَّتَها الإقليمية.
واعتمد الفيلم الوثائقيُّ الاستقصائي في توثيق بعض تفاصيل الهيمنة الأمريكية على اليمن، واعتمد على شهادات أصحاب قرار من المسؤولين السابقين؛ ما يرقى بمهنيته إلى مستوى الوثائقي الاحترافي لناحية المعادلة الموضوعية لمحاور الفيلم ومضامينه، إلى جانب الصور والمشاهد الحصرية التي عرضها الفيلم للمرة الأولى، كذلك الوثائق والمستندات والمراسلات التي دارت وجرت بين دوائر حكومية والاستخبارات الأمريكية وشخصيات مسؤولة من الخارجية الأمريكية.
معياد: تتعدَّدُ لوافتُ التواجدِ الأمريكيْ وذرائعُهُ تبعاً لمصالحه:
بإيقاع مختلف في كُـلّ مرحلة، كان التعاون في مجال التدريب يافطةَ الوجود الأول مطلع القرن الواحد والعشرين، وما يلبث أن يكشفَ الفيلم عن تواجُدٍ أمريكي يتجاوز حدود المعسكرات، إلى صميم المهام الاستخبارية، كاشفاً عن خبث نوايا المدرِّب وسذاجة المتدرِّب.
الحقيبةُ الدبلوماسية أم المعدات الاستخياراتية؟
يُعيدُ الفيلم قراءةَ حوادث اختراق الطائرات الأمريكية لسيادة البلد؛ تحت ذريعة تجهيزات السفارة، كاشفًا عن بعض اختراقات الأجواء اليمنية وتحليق الطيران الأمريكي فوق السيادة اليمنية، دون أدنى تنسيق أَو التزام بمعايير التمثيل الدبلوماسي المعمول بها بين الدول وفق قواعد القانون الدولي ومعايير التمثيل الدبلوماسي
تدميرُ قوات اليمن البحرية:
وعلى غرار الطريقة الأمريكية في تفتيت السلاح الاستراتيجية لليمن وفق ما رواه الفيلم السابق (الحربُ على السلاح) يعرض فيلم السيطرة بشهادات مسؤولين من الصف الأول تفاصيل طريقة عمل السفير الأمريكي والعملاء وضباط السي آي أيه في مهام فكفكة قوات اليمن البحرية، واستبدالها بشرطة خفر السواحل، وهو التشكيل الخارج عن وزارة الدفاع، والموضوع بديلًا شكليًّا مفرَغًا من مضمون القوة العسكرية الحقيقية عن القوات البحرية.
ماذا لو استمرّت السيطرة للسفارة؟
كما أن الصورةَ لوحدِها التي عرضها الفيلم كشفٌ حصريٌّ دامغُ الدلالة على غول السفارة الأمريكية وهول الحضور الأمريكي في كُـلّ زوايا المشهد اليمني، يقول الفيلم كانت اليمنُ دولةً معطَّلة وَوضعاً مهيناً، وبطريقة غير مباشرة يثير “السيطرةُ” أسئلة المآلاتِ من قبيلِ: ماذا لو استمرّت السيطرة الأمريكية؟ ودامت سيادةُ السفارة؟!!.