ما سرُّ انتصار واستمرارية المشروع القرآني؟
المسيرة – أيمن قائد
مثَّلَ هُتافُ الصرخة الذي أطلقه قائدُ المسيرة القرآنية، الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي –رضوانُ اللهِ عليه- كابوساً مرعباً وَمزلزلاً في نفوس الأعداء، وشكّل حالةً من السخط الكبير ضد قوى الشر وَالاستكبار، ووجّه بُوصلة العداء لدى المسلمين نحو العدوّ الحقيقي المتربص بالأمَّة العربية والإسلامية وأجيالها ومقدساتها، كما عمل على فضح وتعرية مدَّعي الحرية والإنسانية، وكشف حقيقةَ المنافقين المنجرين وراء كُـلّ بلوى ومصيبة تحل بالإسلام والمسلمين ومقدساتهم.
ويرى ناشطون ثقافيون أن المشروع القرآني وهُتافَ الصرخة هو الطريقُ والموقف الوحيد لاستنهاض الأُمَّــة وإخراجها من حالة الذل والقهر وَالانبطاح وإنقاذها من دائرة الهيمنة الأمريكية والصهيونية، إلى السير بها نحو العيش بكرامة وعزة وإباء متحرّرة من العبودية والتبعية العمياء، مشيرين إلى جدوائية المشروع والشعار وانتشاره واتساع نطاقه رغم حملات الأعداء لمواجهته وفشلهم على كُـلّ المراحل.
ويشير الناشط الثقافي عبدالرحمن الشبعاني، إلى جملة كان قد سمعها خلال محاضرة لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي –يحفظه الله- والذي قال فيها: “من عَظَمة الحق أنه كلما حُورِبَ كلما ازداد قوة”، كما يشير أَيْـضاً إلى ما قاله الشهيد القائد في ملزمة “خطر دخول أمريكا اليمن” في عبارة قال فيها: “من عظمة الإسلام أنك كلما تتحَرّك له تجد كُـلّ شيء يخدمك حتى أعداؤك”؛ وهي عباراتٌ خالدة ومن المهم جِـدًّا تخليدها في الأذهان، وفهمها واستيعابها بما تحمله من دلالات وأبعاد استراتيجية للغاية؛ إذ هي نابعةٌ من رؤية قرآنية عميقة راسخة وواسعة، ونراها تتجلى وتترسخ في كُـلّ لحظة جليةً متجسدةً مع استمرارية المشروع القرآني واتساع نطاق الهتاف بشعار الصرخة يوماً بعد آخر رغم محاربة الأعداء له منذ الوهلة الأولى.
وفيما يتعلق بالسر في استمرارية المشروع القرآني وشعار الصرخة، يرى الناشط الشبعاني أن ذلك يعود لجملة من الأسباب أهمها: قوة المنهج الذي تعتمد عليه المسيرة القرآنية المباركة، وَالإيمان العميق واليقين المطلق النابع من معرفة راسخة لدى الشهيد القائد مؤسّس المشروع القرآني؛ فهو من صدق فيه قول الله تعالى: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)، إضافة إلى أحقّية المشروع وعدالة القضية التي يتبناها وَفي مقدمتها قضية الأُمَّــة المركزية والمحورية القضية الفلسطينية، وكذا رغبة البشر ذوو الفطرة السليمة بالعودة للقرآن الكريم والتعطش له في ظروف ومرحلة ضاق الناس فيها بانتشار الضلال والفساد والظلم والجَور على كُـلّ المستويات، إضافة إلى الملل والعزوف من دعاوى الطوائف الدينية الزائفة البعيدة عن أهل البيت النبوي الطاهر ومنهجية القرآن الكريم بعد اصطدامهم بها، حَيثُ تكشفت لهم أنها لا تخدم إلا مشروع الصهيونية العالمية أينما حلّت، ولم يجدوا فيها متنفساً لهم كما كانوا يتصورون.
كما يضيف الشبعاني أن “من ضمن أسباب توسع المشروع القرآني واستمراره هو غباءُ الأعداء بمحاربتهم لهذا المشروع منذ البداية، حيثُ إنه على مستوى الداخل وذلك عندما تحَرّك نظام الخائن علي صالح عسكريًّا بالشراكة مع حزب “الإصلاح” وجناحه العسكري والدعوي بتوجيهات أمريكية عام 2004م؛ بهَدفِ القضاء على هذا المشروع ووأده في المهد، كانت إرادَة الله تجري عكس إرادتهم، وَلعلكم تتذكرون حينها ربما لم يكن الشعب اليمني كله يعرف شيئاً عن هذا المشروع ومؤسّسه وأنصاره المكبرين؛ لأَنَّه كان في بداية انطلاقته حصرياً في محافظة صعدة، بل في منطقة محدودة من مناطق صعدة وهي منطقة مران، كذلك لم يكن للمشروع القرآني وسائله الإعلامية وغيرها من الوسائل والإمْكَانات التي تساعد في نشره وإيصاله إلى المجتمعات الأُخرى وتوسعه حتى في مناطق صعدة خارج منطقة مران؛ فكانت الدولة هناك في اليمن آنذاك وبتحَرّكها الكبير (عسكريًّا وإعلامياً وأمنيًّا وغيره) هي السبب الرئيس في استمرارية المشروع وانتشاره وتوسع رقعته في اليمن”.
منهجُ قيادة الأُمَّــة:
من جهته يقول الناشط الثقافي أبو محمد العبيدي: “إن الشهيد القائد انطلق بشعار الصرخة في وجه المستكبرين والطغاة والمفسدين والملعونين بتلك الخمس الكلمات من جبل مران في أحلك الظروف، وكانت الصرخة لها صداها ومفعولها في وقت سكت فيه الرؤساء والملوك والأمراء وطأطأوا رؤوسهم تسليماً لقوى الشر والاستكبار”، لافتاً إلى أن “الشهيد القائد كان يعرف صدى الشعار ومدى تأثيره على تلك القوى التي حدّدها الشعار؛ فكانت المعرفة الحقيقية أن لا بدَّ أن يكون هناك موقف لاستنهاض الأُمَّــة من ذلها وقهرها ووضعيتها وانبطاحها وارتمائها تحت أقدام اليهود والنصارى أمريكا وإسرائيل الشيطان الأكبر والغدة السرطانية”.
ويضيف العبيدي أن “الشعار أعاد الأُمَّــة إلى مسارها الصحيح وحوّل بُوصلة العداء لمن أراد الله ورسوله والقرآن عداءَهم، وأنه فضح المتشدقين بالحرية والديمقراطية وزلزل أركانهم، مُشيراً إلى أن الأعداء هبو هبة واحدة لتحريك عملائهم في الداخل والخارج؛ كي يطمسوا هذا الشعار بأية وسيلة، وأن مجيء السفير الأمريكي ونزوله في أحد شوارع مدينة صعدة آنذاك لمسح الشعار إلا دليل قاطع على تأثيره عليهم”.
سلاحٌ فَعَّال:
بدوره يرى الناشط عبد الخالق براش، أن “سر استمرارية المشروع القرآني هو أن كُـلّ مبادئ وأسس المشروع القرآني هي من القرآن الكريم، ويستمد كُـلّ رؤاه من القرآن وثقافة هذا المشروع هي ثقافة قرآنية”، مبينًا أن “الشعار قد أثبت جدوائيته وفاعليته على الأعداء بدليل انزعَـاجهم؛ كونه فضحهم وفضح كُـلّ مؤامراتهم وكلّ خططهم وما يعلنونه في وسائل إعلامهم مثل تشدقه بالحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وغير ذلك والواقع يشهد”.
ويضيف براش أن من ضمن ما جعل المشروع مُستمرّاً أن الشعب اليمني قد رأى وشاهد فائدةَ وأهميّة هذا المشروع القرآني والصرخة بالشعار من خلال الأحداث ومن خلال الواقع وخُصُوصاً في هذا العدوان على شعبنا اليمني العزيز، كما أن الناس قد رأوا مصداق ما قاله الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي-سلام الله عليه- عندما قال: “إن هذا الشعار سلاح فعال في مواجهة الأعداء وأنه يخيفهم ويزعجهم”.
أما الناشط الثقافي نبيل المهدي فيقول هو الآخر: “إن السر في استمرارية المشروع واتساع نطاق الهتاف بالصرخة يكمن في ظهور جدوائيته في الواقع العملي ونجاحه”، موضحًا بقوله: إن “المشروع القرآني قد لمس الناس فيه حلاً ومخرجاً حقيقيًّا لمشاكل الشعب اليمني خَاصَّة والأمّة عامة، حَيثُ كان الإعلام العربي يطرح إسرائيل وأمريكا كمشكلة لسنوات طويلة دون أن يكون هناك حَـلّ، وبدأ المواطن العربي يتساءل عن الحل ويبحث عنه، وقد وجده فعلاً في المشروع القرآني الذي يقدم رؤية متكاملة لبناء الأُمَّــة من كافة الجوانب، ويضع لها مفاتيح النصر على أهل الكتاب، ويعالجها من كُـلّ الإشكاليات الثقافية والفكرية التي كانت سبباً فيما وصلت إليه.
ويشير المهدي إلى أن “المكبِّرين استطاعوا أن يقدموا شاهداً قوياً على تربية القرآن وتمسكهم بالصرخة رغم كُـلّ محاولات سجانيهم ثنيهم عنها، إلا أنهم كانوا في قمة الثقة بالله بالنصر وفعلاً تحقّق ما كانوا يصرحون به بكل ثقة، فأضافوا عامل قوة للصرخة”، مُضيفاً أنه “بعد كُـلّ حرب تشن على المشروع القرآني كان المشروع ينتصر رغم قلة العدة والعتاد، فرسخ لدى الناس الثقة أن الإسلام لا يقبل الهزيمة وسينتصر، وفي كُـلّ مرة تكون المؤامرة والحرب على المشروع القرآني أكبر ويكون انتصاره أكبر وهذا دليل أحقيته، بل نجد الهزيمة والذلة والصغار من نصيب كُـلّ من وقف في وجه هذا المشروع سواءٌ أكان فرداً أَو جماعة أَو دولة أَو تحالف دول؛ ولأن الإنسانَ مفطورٌ على حب العزة والكرامة فكل من يرفع الصرخة وكلّ من ينتمي للمشروع القرآني يشعر بالعزة والكرامة وليس للذلة عليه سبيل، ويكمن السر الأكبر في انتصار المشروع القرآني هو التأييد الإلهي واليد الغيبية في نصرته وتمكينه بما يذهل كُـلّ من يتأمل الأحداث منذ ظهوره”.
ويؤكّـد أن “المشروع القرآني هو مشروع عزيز حكيم، نهضوي واقعي، شامل لكل جوانب الحياة، ومدده إلهي فكيف لا يتوسع وينتشر”.